نعم ....هو رجل حكيم .....ونعم انه اثبت ان لامطامع ولانية للحوزة العلمية الشيعية في التدخل اليومي المباشر بالشؤون السياسية !
نعم ان مواقفه كانت ابوية....بعيدة كل البعد عن الفئوية والطائفية والحزبية ......نعم ! لقد كان صمام الامان في الكثير من المطبات التي مر بها العراق ....نعم ! انه اثبت واجب احترامه والرجوع اليه على الجميع...عراقيين وغير عراقيين !
ولكن......لماذا تقبلون يده ؟؟؟....في أي عصر نعيش ؟!!
مقدمة هي لسان حال بعض المتثيقفين هنا وهناك .....اعتادوا اجترارها حيث لم يجدوا في المرجعية العليا ولاسيما اية الله العظمى الامام السيستاني ( دام ظله الوارف )...مغمزا ومجالا للطعن والتشكيك بعد ان بائت كل محاولات السنوات الماضية بالفشل الذريع !
بعض المحاولات جائت على لسان محسوبين على التشيع ظلما ....وبعضها حيكت على لسان ساسة اميركان ...واخرى على السنة من يدعون ان العلم ... ليس الا انكار الدين ومعاداته!
اما الامام السيستاني فقد اكتفى بالجلوس في منزله المتواضع في مدينة النجف القديمة ....مرتضيا فرض الاقامة الجبرية الاختيارية على نفسه منذ اواسط التسعينات من القرن الماضي يوم بدأت الحملة البعثية لتصفية العلماء الشيعة في العراق تنفيذا لاوامر اسيادهم وتمهيدا للمرحلة اللاحقة وهي التي نعيش فصولها اليوم ....وبذلك حافظ الامام السيستاني على وجود المرجعية في النجف الاشرف رغم كل محاولات النظام البعثي اقناعه بالخروج ....حتى محاولة اغتياله داخل منزله الذي تقف على بابه دوما مفرزة رجال امن الطاغية !
وتحمل سماحته (دام ظله) هذا الحال بعد دخول اللاعب الاكبر وهيمنته على مقدرات العراق ....ورفض استقبال أي ممثل عن قوات الاحتلال الغاشمة وحملها مسؤولية تدهور الامن في العراق وفقا للقوانين الدولية !
فشلت محاولات اخراجه من النجف بعد ان امهلته عصابات قيس الخزعلي مهلة اربع وعشرين ساعة حيث اعلن وكيله سماحة الشيخ المهري الخبر عبر اذاعة الكويت فهبت عشائر الجنوب والفرات الاوسط باسلحتها لتحول النجف الى ثكنة عسكرية ارهبت الخزعلي ومن يقف خلفه !
ثم اعادوا الكرة لاحقا بمحاولة احراق النجف بالاعيب عصابات الخزعلي الصبيانية التي تمهد وتبرر اقتحام قوات الاحتلال للمدينة المقدسة وضربها بالراجمات وصواريخ طائرات الاباتشي ...وشائت الصدفة ان يتدهور الوضع الصحي لسماحة السيد الامام ويخرج من النجف ...فاستغل هؤلاء الفرصة واشاعوا ان المراجع الاربعة قد هربوا من النجف ....لكن ما ان استقر الوضع الصحي لسماحة الامام حتى فاجأ نجله الذي يرافقه بامر الاستفسار عن اقرب رحلة للكويت ....وباعلان بسيط عن وصوله للكويت خرج الملايين في استقبال تاريخي امتد من البصرة الى النجف ليدخلها ويجبر عصابات الطرفين على الخروج من النجف !
ثم وقف بوجه قانون ادارة الدولة الذي كتبه بريمر ....وخاطب مجلس الامن الدولي مطالبا اياه بعدم الاعتراف به لانه كتب من قبل غير العراقيين وعدم اعتباره اساسا لكتابة أي دستور عراقي لاحق....وهذا ماحصل بالفعل !
ويوم حاولوا اعادة السيناريو الافغاني الذي اداره زلماي خليل زادة الذي رتب نظام الحكم هناك وكتب لهم الدستور ....وقف الامام الكبير بوجه لجنة كتابة الدستور التي شكلها بريمر برئاسة فؤاد معصوم .....وقال ان الدستور يجب ان يكتب بايد عراقية...ومن قبل لجنة منتخبة ..ثم يعرض على الشعب لغرض الاستفتاء عليه .....وهذه قمة الممارسة الديمقراطية وافضل طرق كتابة الدستور بشهادة رجال القانون الدستوري الذين عددوا طرق كتابة الدستور واعتبروا هذه الطريقة افضلها !
(راجع - المدخل لدراسة القانون -جامعة بغداد -1989 الصفحة 89-90) او راجع الرابط
...........................
وكان ملجأ للساسة بمختلف قومياتهم ودياناتهم ومذاهبهم في كل الازمات...ولم يقتصر الامر على العراق فحسب ...بل حاول الاستعانة به ساسة عرب واجانب , من لبنان قصده سعد الحريري ومن البحرين ارسل ملكها موفده الخاص اليه واخرون !
فاجأ الاخضر الابراهيمي بانه مطلع على مادار بينه وبين ادوارد سعيد ومحمد حسنين هيكل في مطعم لندني وهو القادم اليه متبخترا متعاليا مفكرا بالكيفية التي سيحاور فيها رجل دين مسن في زقاق قديم من ازقة النجف وهو السياسي,المخضرم, المثقف !
واجبر مراسل الاهرام على الخشوع امامه وطلب دعائه .....وفاجأ طارق الهاشمي الذي اتاه حاملا مايقول انه مشروع سياسي حيث اخرج له نسخة مشروعه مع بعض الملاحظات التي دونها عليه رغم عدم مضي اربع وعشرين ساعة على اعلانها !
.............................
الساسة الشيعة كانوا الاكثر حضورا لديه ...لاسيما في السنوات الاولى لما بعد صدام .....رغم ان البعض كان مرغما لكنه لايظهر ذلك...ورغم انه اعلن لاحقا ان المرجع الاعلى (يحبني ويحترمني كثيرا ويوصلني الى الباب ولايوصل غيري!!!)...لكنه ما ان ظن انه تمكن وان (محد يكدر ياخذهه حتى ينطيهه)....حتى ادار له ظهره شيئا فشيئا !
انشق الائتلاف الى ائتلافين .....واراد الاخيار اعادة اللحمة مقدمين له كل التنازلات لكنه اصر واستكبر وكال لهم شتى التهم واقساها !
ورغم ان فترة الجدل قد طالت ...ورغم كثرة المطالبات بالجلوس الى المرجعية صمام الامان في كل نازلة ...الا انه صم اذنيه ولم يذهب لزيارة من يدعي انه (يحبه ويحترمه) الا بعد ان اغلقت المفوضية باب تسجيل الائتلافات ليعلن ان (رغبة المرجعية كانت كما يبدو في وحدة الائتلافين وانه وللاسف فان باب الائتلافات قد اغلق لذا سنعمل على الوحدة بعد الانتخابات مباشرة).....لكن هذا لم يحدث الا بعد ان يئس من الكتل الاخرى اولا...وبعد ان قام بشراء الذمم والضمائر هنا وهناك واللجوء الى دول اخرى للضغط على هذه الكتلة او تلك داخل الائتلاف لحسم امر ترشيحه !
ورغم مضي اشهر عجاف والبلد عاجز عن تشكيل حكومته حتى علت الاصوات هنا وهناك بين داعية لاعادة الانتخابات واخرى مطالبة بالتدخل الاممي..ورغم كل هذا ابى ان يجلس الى المرجعية مع الاخرين رغم ان اطرافا اخرى كثيرة قد سبقته ومنها قائمة علاوي والنجيفي !
وبعد تشكيل الحكومة الميتة سريريا....ورغم ان العرف والاداب تقضي بان يقوم قادة الرئاسات بزيارة المرجعية لاطلاعها على حيثيات تشكيل الحكومة وطبيعة عملها وطلب مباركتها(باعتبارها على الاقل راعية العملية السياسية ) الا انه امتنع كذلك عن زيارة المرجعية رغم ذهاب رئيس الجمهورية (الكردي) ورئيس مجلس النواب (السني)!
وخلال كل ذلك......كانت اذنه صماء عن كل نداءات المرجعية(كما ورد على لسان معتمد المرجعية في خطبة الجمعة بتاريخ 5\3\2011) المطالبة بحقوق الشعب حيث صمت اذناه من قبل عن اصوات الفقراء والمحرومين والمثقفين الواعين الذين يشخصون كم الاخطاء والعثرات والاخطار التي رافقت العملية السياسية في الفترة الاخيرة من ولايته الاولى وبداية الثانية!
حتى اذا ما فرحوا بما اوتوا ....وحيث نسوا انها لو دامت لغيرهم ما الت اليهم ....طفح الكيل بالشعب المنكوب بالطواغيت عبر تاريخه الاسود الملطخ بالدماء ....وحتى بانت ملامح الانتفاضة الشعبية .....ولكن وفي الوقت المناسب تبين ان هناك ذئابا وثعالب تتربص وتقف خلف موعد اعدت فيه العدة لقلب الطاولة واعادة عقارب الساعة الى الوراء محاولين ركوب ظهر الغضبة الشعبية الجماهيرية ....وبلغت القلوب الحناجر ....وبتنا نرقب (حواسم) جديدة...تحرق الاخضر واليابس !!!
النظام المنحرف ....وكبقية الانظمة التي تواجه غضب شعبها في عملية (التغيير) في المنطقة العربية....بدأ بتقديم بعض التنازلات ...وقام (السيد الرئيس) بتوجيه خطاب وعلى غير عادته في القاء الخطابات (العنترية) بدا وكانه يرتجف ....و(العراقية) بدورها....ارفقت شاشتها بـشريط جديد لايحمل اخبارا جديدة بل يحمل ماقيل انها العشائر التي لاتقبل لابنائها ان تشارك في التظاهرات ...وكاننا نعيش في عصر الاقطاع !
الخلاصة انه اعادة لسيناريو تغيير الانظمة العربية الاخير !
لم يكن كل هذا مقنعا بالمرة....وكانت كل الدلائل تشير الى وقوع المحذور...وهرع الناس لشراء خزين من المواد الغذائية والوقود...وقامت الدوائر بنقل ملفاتها الضرورية الى اماكن امينة .....الكارثة في الطريق !
كان واضحا ان هذه (التظاهرات) بالخصوص ستقوم باحراق الدوائر...وان عملية نهب وسلب ستحصل...وان هناك ارواحا ستزهق !
بيان من المرجع الاعلى الذي كان ينظر بعين الحكيم الحليم لسياسة (السيد الرئيس ) الذي لم يعد يقيم له ولا للشعب وزنا ....لم يحرم البيان التظاهر..ولم يدع اليه ....بل اشار الى الخشية من المتربصين والمتصيدين بالماء العكر !
فهم الجميع المطلب....عرفوا من يقف خلف تظاهرة يوم 25 بالخصوص فبترؤا منها وابتعدوا عنها ....فتنفس الناس الصعداء ....ورد كيد سعد البزاز وعون الخوشلوك الى نحور الشر-قية والبغدادية ومن لف لفهما !!!
وجاء دور المرجعية من جديد لتعلن مطالب الشعب بوجه الحكومة التي وصفتها رسميا بالقاصرة المقصرة ....بعد ان اثبتت الاحداث ان ماجرى كان استفتاء سريعا لحجم المرجعية العليا....وحجم طاووس السلطة المتباهي بريش ذيله !
وكانت صيغة البيان موفقة ....شكرت من تظاهر....وشكرت من فهم وتحذر ولم يتظاهر ....وهكذا تبنى المرجع الاعلى الجميع ! http://sistani.org/images/display/statements/ara-154.jpg
يعرف متى يصمت .....حيث يكون صمته صفعة تنزع الشرعية عن مدع للمرجعية في بيروت حيث لايؤبن من المرجع الاعلى الذي يؤبن المبعوث الاممي سيرجيو ديميلو .....
...........
وصفعة اخرى لمدع اخر لحب واحترام المرجع الاعلى حيث يتم تجاهل تشكيل حكومته مما يدفع بكلاب السلطة لان تنبح قافلة المرجعية السائرة بكل ثقة وثبات !
...............
شخصيا....خبرت (السيد الرئيس)...وعرفت معنى حركاته وسكناته....ويبدو انه لايتعض ولايتعلم الدروس...وباموال البطاقة التموينية وموزانات السنوات الماضية سيقوم بتحريك الشيوخ المرتشين المكترشين في مجالس الاسناد وبعض عناصر المرتزقة هنا وهناك كغيره من حكام الانظمة العربية في حركة استعراضية يحاول فيها استعادة قليل من ماء الوجه المهدور , وليجيب على رسالة المرجعية في بيانها الاخير !
لكني اقول له بصراحة وبكل وضوح.....ارحل !
اليوم قبل الغد !!
هذه هي المرجعية....وهذا هو المرجع الاعلى على عجالة ....فمن تكون انت ؟؟؟!!!
وله اقول ايضا....ولبعض الجهلة المتثيقفين........نعم ! كنا نقبل يد السيستاني....والان تبين ننا كنا مخطئين !!!
كان علينا ان نقبل التراب الذي تطأه قدماك ....سيدي ...ابو محمد رضا السيستاني !
هشام حيدر
الناصرية