كثير هي الاحداث تسارعا وكثير ما تثير الدهشة والتسأؤل المستجدات الاخيرة في دول المغرب العربي تبعث على السرور ولعل كل انسان يشعر بالاابتهاج حين تتغلب ارادة الجماهير على ارادة الطغاة والمستبدين . أحد تسريبات ويكيليكس في ديسمبر/ كانون الأول قدمت دليلا كيف أصبح المسؤولون الأميركيون قلقين من حكومة الرئيس بن علي المختلة وظيفيا وأساليب النهب لأقاربه المقربين.وكانت رد الفعل الأمريكي على الأحداث بعد تلك التسريبات في تونس جاءت سريعة عاجلة حيث اعلنت التأييد لحرية وكرامة الشعب التونسي وحقه في إختيار زعمائه وقادتة في الوقت الذي كانت فيه طائرة بن علي الهارب المهزوم تتطوف وتتنقل للبحث عن بلد يوافق على استضافته ولجواة مما يوحي بأنه ترجمة حرفية للبرقية المسربة، والمتعلقة بإستحالة الإصلاح في تونس في ظل وجود بن علي. تذكرنا بالتبادل المشابه قبل سقوط صنم العراق . وكان قد ورد في إحدى الوثائق السرية الأمريكية التي سربتها موقع ويكيليكس، وتحمل عنوان (تونس المضطربة .. ماذا ينبغي أن نفعل؟)، وتعود ليوم 13 – 7 – 2009 والصادرة من السفارة الامريكية في تونس، قول السفير الأمريكي في تونس روبرت جوديك إن "التغيير الحقيقي في تونس سوف يحتاج إلى إنتظار رحيل بن علي.ويمكن تفسير التحول في الموقف الأمريكي تجاه بن علي بأنه يرجع لعدم قناعة واشنطن بقدرته على مواجهة التطرف، كونه أصبح سببا للتطرف في حد ذاته بممارساته القمعية ونزعتة الفردية وتزايد النفور والكره الشعبي منه،حالة كحال صدام الهدام وهو ما عكسته بشكل ضمني تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في الدوحة بتحذيرها الحاكم العرب وهو تحذير مبطن لسيقوط ابن علي بشكل عملي من أن سياسة الجمود والشدة التي يتبعنونها وتورطهم في الفساد سيتيح الفرصة للمتطرفين كي يملأوا الفراغ الحاصل في المنطقةوهذا ما جعل ويكيليكس ومواقع ناقدة تنشر الحقيقة رغم تشوهها المتعمد ببعض الاكاذيب محظورة في تونس،وبعض البلدان العربية لكن التونسيين كانوا يدركون منذ زمن بعيد مدى فداحة الهوة بين القلة الموسرة وبقية الشعب الفقير وكيف كانوا مكممين في عالم يزداد ترابطا.وانفتاحا وحرية ومن ثم لم تعد تنفع مفاضلة الصمت على حياة مزدهرة بالحرية والاستقلال .الرئيس بن علي تسلط قهريا على اخواتنا من المسلمين في تونس واجبرهم على خلع الحجاب وروج بشكل سافر للعلمانية الغربية تحت سلطة الدكتاتور الاتتوركي التونسي و ضيق على الصلاه والاذان و سجن و قتل طيلة24سنه اين كان الشعب من هذا ليثور اليوم من اجل ارتفاعاسعار؟ انها من اكثر التغييرات السريعة غرباة ودهشة تجعلني اكثر حذرا و اقل اندفاعافي تقييم الامور بشكل عاطفي ينتج من تشابه الواقع العربي المتقارب .. ان في أسرار سقوطه السريع بعد ساعتين فقط من خطاب تليفزيوني وعد فيه الشعب التونسي بإصلاحات جذرية ومتمسك بلسلطة غير مكترث للاحتجاجات .و لا أعتقد ولو للحظه انه ليسللامريكان و الفرنسيين بالذات دخلا في الذي جرى . أمريكيا رسمين، قد "أصدرت حكما" من واشنطن بضرورة رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، الذي فر خارج البلاد تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها تونس.ان امريكا وحلفائها تعمل الآن على استراتيجية كسر الديكاتوريات المغاربية وتهميش وجودها ولعل اول خطوة لها في هذا المجال الفضح عن طريق الويكيليكس والاعلام المباشر والسريع . ثم تكوين الثورات والعمل على اندفاعها وعلى الاقل رفع الدعم المعنوي والروحي والسياسي عن الحكام وهو ما حدث مع بن علي برفض استقباله فالأن أصبح مصير الحكام المغاربة بين أيدي شعوبها فقط.وهوبحد ذاته انتصار للشعب امام القوتين الدكتاتور والاستكبار الغربي لكن الهدف البعيد للغرب يجب الانتباه لها اذا ان الثورات لاتقاس بمدة ووقت وساعة فوران لعل هو أولا وقف الهجرة المتزايدة للغرب من البلاد الاسلامية مما ادى الى ازدياد الارهاب ثم أن الغرب، لم يستطع أن يستوعب هذا الكم الهائل من المهاجرين، بحيث بعد جيل من الهجرة بدأت تتكون في هذا الأوطان بؤر لمجتمعات غريبة عنهم سرعان ما اندمجت دون أن تتأثر ديانتها أو ثقافتها الأصيلة بشيء، بل على العكس جلبت الكثير من الغربيين لاعتناق الإسلام بل والدخول بقوة في ميادين الدعوة كذلك.
وفي وقت ما تدخل الغرب تحت ضغط اللوبي اليهودي وبعض المتعصبين والعنصريين الذي وصلوا إلى سدة البرلمان والحكم إلى الدعوة لإعادة المهاجرين إلى أوطانهم. فطُلب من القادة العرب التعاون لوقف الهجرة (الاتحاد المتوسطي)، غير أن هؤلاء لم يكن ذلك بأيديهم لأنهم هم السبب ولم يكن بأيدي الغربيين كذلك لأن جيلا كاملا أصبح له صوت وسمعة وحق مضمون بالدستور هناك. حينها فقط أحسوا أنهم في ورطة، خاصة بظهور الإرهاب الذي أصبح غير مراقب بعد أن صنعوه هم بل وأصبح وجودهم لاستغلال ثروات هذه البلدان مهدد (الاختطافات بدول الساحل).و تكوين ديمقراطية تسمح للحريات الشعبية ثم إعادة المهاجرين إلى أوطانهم طواعية وتهجين ما تبقى منهم. لكن الشارع العربي يحتاج إلى تأطير وتنظيم ثوراته للحفاظ على ثرواته والتي الهدف الاساسي للغرب.وانها فعلا النهاية المخزية لزين العابدين بن على قد أصابت درع دولة الأمن القومي العربية في مقتل،وهي رساله عمليه لكل الطغاة بعد صدام ومعه وهو ما سيجعل الطغاة يرتعدون خوفا في أنحاء الشرق الأوسط.انها تحذير جديد بعد اعدام صدام وهروب بن علي والبقية تاتي ولانريد ان نستبق الاحداث ربما في حين أن هذا الأمر لا ينذر بالضرورة بموجة من الثورات عبر العالم العربي لانها امر محال بالوقت القريب كالتي اجتاحت شرق أوروبا بعد سقوط جدار برلين إلا أن الحكام المستبدين من الجزائر إلى عمان ومن الرباط إلى القاهرة أصبحوا أخيرا مدركين ويفهمون جيدا أنهم يعيشون الآن في عصر مختلف، وايقاع جديد لحركة الشعوب مهما كان عنوان المحرك وسيكونون في حالة تأهب شديدة ليس فقط في مواجهة التحريض بين شعوبهم الخنوعين عادة ولكن أيضا في مواجهة أي بادرة تغيير من غرب أذعن لطغيانهم من أجل استقرار قصير الأجل في منطقة مضطربة وإستراتيجية فاشلة ولااعتقد يخفى على أي متتبع دور الوكالة المخابراتية الامريكية التي اطاحت في العالم الثالث بالانقلابات والحروب المحدودة والحملات النفسية والاعلامية وفيها التخويف والتشهير وزعزعة استقرار النظم واغتيال زعمائها بالرصاص كما حدث مع لليندي في شيلي او بالسم كما جرت محاولة مع كاسترو في كوبا او بالقتل المعنوي الو بالخنق الاقتصادي كما حدث لدول كثيرة طوقها الحصار .وفعلا لعبة اثارة الانقلاب من الداخل لعبة اثيرة للوكالة اثبتت جدارتها في عدد كبير من دول اسيا وافريقيا انها لعبة امم جديدة في القارة الافريقية يراد منها مصادرة ثورة الشعب ومصادرة الامة والمها ومعاناتها ان الدول العظمى لاتتغير استراتيجيتها بسهولة لان هذه الاستراتيجيات لاتصنع بالالهام او النزوة ولا تتقرر بقيام حكم او سقوط حكم ولايؤثر فيها رئيس ويجيى رئيس فالاستراتيجيات املاء جغرافي وتاريخي وفكري وقد تتغير السياسات لتتلائم مع متغيرات الظرف .وبكل الاحوال ماجرى في تونس ثورة شعبية عربية تشتق روحها من الظلم والاستبداد الطويل والتعب والمعاناة ولكن يجب على القائمين عليها الحذر والترقب والتاطير الوطني لمنع الاختراق وللحيلولة دون الوقوع في مؤامرة الانبعاث الدفعي انها اول الانتفاضات ضد حاكم عربي وليست الاخيرة وهنا مهما حاولت امريكا والصهيونية من تصدير ها لصالحها فانها تثبت مقولة خالدة للشيهد الصدر قدس