الأسباب السايكولوجية لطيبة المشاعر الإنسانية لدى شيعة العراق
بداية يعرفني القراء إنني بعيد تماما عن التفكير والسلوك الطائفي، فأنا أعتبر كافة المذاهب والفرق الإسلامية الشيعية والسنية هي من صنع البشر ولا تمثل حقيقة الإسلام،
والحديث عن رقة وطيبة المشاعر الإنسانية الذي يخص شيعة العراق العرب الذين تشوهت صورتهم وطمست في ظل هذا التوتر والحرب الأهلية والقتل في العراق، له ما يبرره فشخصية الشيعي العراقي العربي هي شخصية في منتهى اللطف والعذوبة والرقة الإنسانية، وهي شخصية صوفية منذ الولادة تأخذ اتجاهاً مسالماً شفافاً مليئاً بمشاعر الحنان والتعاطف والشفقة على الآخرين ولعل هذه الحقيقة غائبة عن معظم المجتمعات العربية.
أما عن الأسباب السايكولوجية التي تجعل شخصية الشيعي العراقي العربي بهذه الدرجة من الرقي الإنساني فهو تعود إلى جذور تربيته، فالتشيع على العكس من بقية المذاهب ليس توجهاً دينيا فحسب، وإنما هو ذاكرة متواصلة وقيم أخلاقية وتربوية يتعلمها الفرد منذ ولادته وتظل ملازمة له طوال حياته على مدار الأيام والشهور والسنين.
فطقوس عاشوراء السنوية، وذكرى وفيات الأئمة ومناسبة أعياد ميلادهم وغيرها من المناسبات التي تزدحم بها أيام السنة لدى الشيعة.. هذه كلها عبارة عن مهرجانات تعبوية بمفاهيم الحق وكراهية الباطل والظلم وحب العدالة حيث تغذي شخصية الشيعي وتتأثر أخلاقيا وتربويا وتزرع في روحه كراهية شديدة للتعسف والظلم والاعتداء على الآخرين، وتنمي فيه مشاعر التعاطف والشفقة والمحبة والروح المسالمة الوادعة.
يضاف إليها عملية البكاء الجماعي التي ينخرط فيها الشيعة أثناء إقامة طقوس عاشوراء وذكرى وفيات الأئمة .. وعملية البكاء الجماعي هذه لها دور سايكولوجي تربوي كبير في تنشئة الأفراد والجماعات تنشئة رقيقة بعيدة عن الخشونة تصل إلى درجة التصوف والماسوشية السلبية المرضية أحيانا.