تفاجأتُ وأنا أتصفح في مجتمع فيس بوك الإلكتروني ، بمقطع فيديو ساخر ، دمجت فيه لقطات من إحدى حلقات المسلسل الكوميدي السعودي طاش ما طاش ، وأحد البرامج الدينية التي تقدمها قناة الحكمة الفضائية .
شاهدتُ المقطع ، فإذا بشيخ يبدو من هيئته أنّه وهابي المنهج ، يحلف بالله جهد أيمانه أنه رأى رسول الله (ص) للمرة السابعة والأربعون ، وأنّه جاءه لينصحه ويرقيه على حد تعبيره وأنه لا يزال يشعر بأصابع النبي تمر على جسده حتى اللحظة ، وحينما تفاجأ المذيع من قوله هذا ، اجتهد هذا الشيخ بحلف اليمين مراراً وتكراراً كي يصدقه ، وأضاف قائلاً، بأنّ شيئاً غريباً يحدث له ، فلقد طلب من الله أن يريه سيدنا إبراهيم عليه السلام فرآه في المنام ، ثم طلب أن يريه سيدنا موسى عليه السلام فرآه وكلمه ، ثم طلب من الله أن يريه عيسى تحديداً لأنه رأى بعض التصاوير والرسومات لدى المسيحيين لوجه عيسى فيريد أن يتأكد هل هو شبيه بهذه الرسومات أم لا ، فرآه .
وبرغم أنّ الذي وضع هذا المقطع قام بدمجه مع لقطات ساخرة من مسلسل طاش ما طاش ، من الحلقة التي تتحدث عن أصحاب القنوات الفضائية الذي يسعون جاهدين لتحصيل المال ، ولا ينجحون في ذلك إلا بعمل قناة دينية تبث الكذب والخداع للناس .
هذه المقاطع الساخرة جعلت من المقطع كله يستدعي المشاهد إلى الضحك حتى الإغماء .
لكنني شاهدتُ المقطع بحسرة بالغة ، فحريٌ بنا أنْ نرفع راية الإحتجاج على هذا الشيخ الدجّال وعلى تلك القناة التي تساوم الناس وتهزأ بمعتقداتهم .
لقد جعل هذا الشيخ من رؤية النبي (ص) شيئاً عادياً وليس كرامة ، حيث يدّعي بكل بساطة أنّه رآه 47 مرة ، هذا القول الذي لم نسمعه لا من أولياء الله ولا من أئمة المسلمين ولا من أئمة أهل البيت عليهم السلام أنفسهم.
ولا أدري هل نضحك أم نبكي على هذا الرجل، فإنْ ضحكنا فلنبدأ بالضحك على أنفسنا فلقد أصبحنا نتصف بالجهل والسفه بحيث أن القنوات الفضائية بدأت ترى بأننا كذلك لتبث لنا هكذا برامج وتصنع لنا هكذا دعاة إسلاميين وتلمعهم وتزيدهم شهرة ليمثلوا الإسلام قاطبة.
وإذا بكينا فليس ذلك عيباً أنْ نبكي على حال الأمة الإسلامية اليوم ، فكل من وجد فرصة للظهور على شاشة تلفاز ليتحدث يصبح خلال أيام داعية إسلامية يقود الناس ويتخذ نفسه إماماً لهم ، منهم من كان محاسباً في أحد البنوك ، وهو لا يجيد اللغة العربية إطلاقاً ، اليوم أصبح أكبر وأثرى داعية إسلامية ، فهو حسب التصنيف العالمي أغنى داعية إسلامية عربي في العالم ولعمري أنّه فعلاً استطاع صناعة الحياة ولكن ليس للمجتمع الإسلامي بل لنفسه .
والآخرون الذين لا نرى من ظهورهم على التلفاز أي داعٍ ، ممن يعتمرون العمائم الدينية وهم يلهثون وراء الشهرة والمجد لا من أجل عزة الإسلام ، فيستهدفون الراقصات والممثلات ليتوبوا إلى الله ، هذه حالهم .
إذا كانت وسائل الإعلام تصنع لنا دعاتنا هذه الأيام بهذه الطريقة ، فلنقل على الإسلام السلام .
أنا أحيي قناة MBC على برنامج خواطر، وأحيي قناة دبي على برامج الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي كما أحيي قناة الكوثر على برنامج مطارحات في العقيدة للسيد كمال الحيدري، وجميع هذه القنوات لا تلبس الطابع الديني ولا تتقنع خلف ستار الدين، بل هي قنوات حقاً تعرف ما الذي تقدمه للناس.
وأخيراً .. إنْ كانت لي كلمة على الشيخ الزغبي أو كان لي حكمٌ من منظور إسلامي ، فأنا أعدّه ممن يكذبون على رسول الله (ص) متعمدين، وأنه ممن سيتبوأ مقعده من النار يوم القيامة.