بسم الله والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد أذكر إخواني بما يلي:
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6
فتبينوا: أي تثبتوا وتيقنوا.
فإذا كان الوحي الذي يكشف المنافقين والكاذبين قد انقطع ، فإن الضوابط الشرعية والأصول الإسلامية للتبين والتثبت لم تنقطع ، وما أحوج المؤمنين عامة والدعاة خاصة لأن يتدبروها ويتخلقوا بها.
مزالق عدم التثبت:
1- من أول مزالق عدم التثبت سوء الظن.
2- ثم ينحدر الظان إلى مزلق آخر، وهو إشاعة ظنه ذاك.
والفَطِن:
من يميز بين خبر الفاسق وخبر العدل، ومن يفرق بين خبر عدل عن ندٍ له، أو عمن يحمل له حقدًا، وبين شهادة العدل المبرأة من حظ النفس، ومن يميز بين خبر العدل وظن العدل، والظن لا يغني شيئًا، ومن يفرق بين خبرٍ دافعه التقوى، وخبر غرضه الفضيحة أو التشهير.
والذي لم يتخلق بخلق (التثبت) تجده مبتلى بالحكم على المقاصد والنوايا والقلوب، وذلك مخالف لأصول التثبت.
ومن أخطر المزالق: أن يحسن الأمير الظن برجل من الناس ليس أهلاً للثقة، ثم يكون أسيرًا لأخباره، أُذنًا لأقواله، يصغي إليه ويصدقه.
ومن أصول التثبت- كما صرح به أئمتنا الأطهار: ألا يؤخذ أحد بالقرائن، طالما هو ينكر ولا يقر.
استمع للطرفين:
ولا شك أن من أهم أصول التثبت فيما يُنقل من أخبار: السماع من الطرفين
فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل عليًّا (عليه السلام) إلى اليمن قاضيًا، فأوصاه: "...فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء".
يقول علي (عليه السلام): "ما شككت في قضاء بعد" ، فكان الصواب حليفة بالتثبت، وكم زلّت أقدام، ووقعت فتن بسبب عدم التثبت!! يقول الشوكاني: الخطأ ممن لم يتبين الأمر، ولم يتثبت فيه، هو الغالب، وهو جهالة.
وكم تجد من الناس من يسارع للشهادة على أمر لم يفقهه، في حق امرئ لا يعرفه!!
لا تتسرع في الحكم.
وليس من خلق المتثبت التسرع والعجلة.
ونصيحتي لكم يا أيها المؤمنون: لا تستمعوا للنمام.
وإن من التثبت: أن ترفض الاستماع إلى النمام أيضاً كما دل على ذلك من آثار أهل البيت عليهم السلام. وذلك إن تيقنتم بوقوعه في النميمة كإشاعته لخبر كاذب أو تدليسه لخبر ما أو تحريفه لجوانب ذلك الخبر، فذلك كله يدخل في دائرة الكذب.
وكل مسلم ظاهره الصلاح صادق ولا نقول له إلا خيرًا.. وإلا فإن الاتهام بغير تثبت سبب في كثير من المظالم
فلا تجعلوا بطانتكم من النمّامين، فإن من وشى إليكم اليوم يشي بكم غدًا، ومثله ليس أهلاً للثقة – لفسقه بالنميمة (اتفاقاً).
فإن ركنتم إلى النمامين وأصبتم إخوانكم بجهالة فلا تنسوا أن تصبحوا على ما فعلتم نادمين..
أسأل الله تعالى أن يقذف الصدق في قلوبنا وأن يجعلنا ممن قال عز وجل فيهم:
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ))