خلافة عثمان بن عفان ومقتلة كتاب منتهى الامال الجزءالثالث الشيخ عباس القمي
بتاريخ : 04-09-2010 الساعة : 09:50 AM
خلافة عثمان بن عفان ومقتلة كتاب منتهى الامال الجزءالثالث الشيخ عباس القمي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء المرسلين أبي القاسم المصطفى محمد
وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
خلافة عثمان بن عفان ومقتله
لما أوشك عمر على الارتحال عهد بأمر ألخلافه بين ستة أشخاص أوصاهم إن يكون هذا الأمر شورى بينهم وحدد للشورى ثلاثة أيام والأشخاص الستة هم :
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علية السلام ،عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف.
وبعد إن فارق عمر الحياة تأخر البت بأمر الخلافة ثلاثة أيام بسبب الشورى ، وفي اليوم الرابع الذي صادف غرة المحرم من السنة الرابعة والعشرين من الهجرة تسربل عثمان بقميص الخلافة وامتد حكمة اثني عشر عاما إلا قليلا انتهت بمقتله في أواخر السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة وكان ذلك عصر يوم الأربعاء .
روي انه كان عند خزامة يوم مماته مئة وخمسون إلف دينار وألف إلف درهم من المال وقدرت قيمة ضياعه في وادي القرى وحنين بمائة ألف دينار إلى ماخلفة من خيل وابل لا تحصى وقد غدى العديد من الصحابة في ايامة من ذوي الثراء جزاء عطاياه أمثال الزبير بن العوام الذي بنى بيوتا فارهه وخلف بعد مماته خمسة ألاف دينار وإلفا من الخيل وألف عبدا وألف أمه إلى غير ذلك وأمثال طلحة الذي بلغ ثراؤه حدا أضحت معه غلالة من العراق تدر إلف دينار في اليوم وقيل بل أكثر من ذلك ثم غيرهما عبد الرحمن بن عوف وكان يمتلك مئة من الجياد وإلفا من الإبل وعشرة ألاف من الشياه وقدر ربع ماله بعد موته بأربعة وثمانين إلفا إلى آخرين أمثال سعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وغيرهما ، أضف إلى ذلك إن عثمان كان يغدق الكثير من الأموال على اقاربة وخواصه من بني أمية .
يروي الواقدي إن آبا موسى الأشعري بعث إلى عثمان بمال عظيم من البصرة فقام عثمان بقسمة هذا المال بتمامه بالقصاع على أهله وذويه حتى راح دمعه يسيل من شدة التحديق كما نقل انه وهب الحكم بن أبي العاص ثلاث مئة دينار ووهب سعيدا بن العاص مئة إلف درهم مما جعله هدفا لطعن الناس به وملامتهم له كما وهب الحارث بن الحكم ابل الصدقة إما حكايات عطاياه إلى مروان بن الحكم وانسبائة فمعروفه .
ونقل عن صاحب ((الاستيعاب )) إن عثمان ترك بعد مقتله ثلاث زوجات وقيل أربعا ورثت كل منهن من ثمن تركته ثلاثة وثمانين إلف دينار .
كان عامل عثمان على مصر عبد الله بن أبي سراح وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان وعلى البصرة عبد الله بن عامر وعلى الكوفة الوليد بن عقبه ابن أبي معيط وكان أخاه لأمة كان الوليد معروفا بالفسق والفجور الشديدين وكان يجهر إمام الناس بفسقه وفجوره وشربة الخمر حتى انه قدم يوما إلى صلاة الصبح في المسجد وهو سكران وصلى فريضة الصبح أربع ركعات وقال : إن شئتم المزيد زدتكم وعلى قول إن طال السجود وهو يقول اشرب وسقني وشاع عنه من أمثال هذا السلوك الكثير قدم أهل الكوفة إلى عثمان وشهدوا بفسقه وشربة للخمر فاستدعاه عثمان إليه لكنه لم يقم علية الحد وبعث بسعيد بن العاص بدلا عنه ولما بلغ هذا الكوفة أبى إن يرتقي المنبر مالم يقوموا بغسله وكان يقول كان الوليد نجسا ورجسا فأردت تطهير المنبر ولم يمض عليه في إمارته في للكوفة سوى القليل حين بدأت المنكرات تظهر منه مما دفع الاشتر ألنخعي إلى التوجه إلى المدينة مطالبا بعزلة وتوليه أبي موسى الأشعري مكانه .
هذا وقد ظهرت من عثمان في أيام خلافته أمور كانت ذات واقع اليم على الناس منها مافعلة مع عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وإخراجه أبا ذر من المدينة ونفيه إلى الربذه ومنها ما جرى منه مع أهل مصر فقد قدموا إلى المدينة يشتكون إليه ويتظلمون من أفعال عاملة عبد الله بن أبي سراح فولى عثمان محمد بن أبي بكر مكانه وأشخصه إلى مصر معهم وبينما هم ببعض الطريق راو رسولا من عثمان يريد مصر فرابهم أمره وفتشوه فوجدوه معه كتابا إلى عبد الله بن أبي سراح فإذا فيه أمر بقتل محمد بن أبي بكر وحلق رؤوس ولحى بعض أصحابه وحبس وصلب آخرين فلما رأى المصريون ذلك قفلوا عائدين إلى المدينة ونظموا هناك إلى قبائل بني زهرة وهذيل وبني مخزوم وغفار وأحلافهم من أنصار بن مسعود وعمار وأبي ذر وأحاطوا بدار عثمان فحصروه ومنعوا عنه الماء ولما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام خبر ذلك بعث إليه بثلاث قرب من الماء على عجل .
وامتد حصار عثمان تسعة وأربعين يوما وفي أخر الأمر تسور محمد بن أبي بكر مع اثنين آخرين دار عثمان من سطح احد بيوت الأنصار ودخلوا إليه فقبض محمد على لحيته وأراد ضربه لكنه امسك وتراجع عنه غير إن الآخرين عاجلاه فقتلاه فلما شهدت زوجته ماجرى هرعت إلى سطح البيت وهي تعول وتصيح قتل أمير المؤمنين .
تدافع الناس إلى الداخل ولما وصلوا إلى عثمان كان قد فارق الحياة وكانت هذه الواقعة لثلاثة أيام بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة .
ومن الأشخاص الذين كانوا معه مروان بن الحكم مع سبعة عشر آخرين وبقى جسده مسجى على الأرض ثلاثة أيام تم بعدها دفنه بالمدينة في موضع يسمى (حش كوكب) وذلك قبل ظهر يوم السبت وهناك اختلاف كبير في مقدار عمره الذي تراوح بين اثنين وستين عاما إلى تسعين عاما كما قيل وأبناؤه هم : عبد الله الأكبر ، عبد الله الأصغر، وأبان ، وخالد، وسعيد ، والوليد والمغيرة وعبد الملك وأم أبان وأم سعيد وأم عمر وعائشة وكان أبان أحول أبرص إما الوليد فكان شاربا للخمر شجاعا وروي انه كان حين مقتل أبيه ثملا .
في عهد عثمان تم فتح الاسكندريه وإفريقيه وغيرهما وذلك سنة خمس وعشرين قصد عثمان مكة معتمرا وأمر بتوسيع البيت الحرام وفي سنة تسع وعشرين قصدها حاجا وصلى الركعتين أربعا وسن بذلك بدعه وفي ذلك تم تسويع المسجد النبوي .
وفي سنة ثلاثين أمر عثمان بجمع المصاحف فجمعت كما كتبت عدة مصاحف بعث بنسخة منها إلى كل من الكوفة والبصرة والشام ومكة واليمن والبحرين .
وفي سنة إحدى وثلاثين توفى أبو سفيان بن حرب والحكم بن أبي العاص كما قتل في هذه السنة يزدجر أخر ملوك فارس وبمقتلة انقرضت مملكة إل دارا التي امتدت إلى مئتين وخمسين سنه أو اربعمئة سنه .
وفي سنة اثنتين وثلاثين توفي العباس عم رسول الله صلى الله علية واله وسلم وقبره بالبقيع وقد دفن بالبقعة نفسها أئمة البقيع عليهم السلام كما توفي في هذه السنة أبو ذر الغفاري رضوان الله علية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود .
وفي سنة ثلاث وثلاثين توفي المقداد بن الأسود الكندي رضوان الله تعالى عليه بالجرف وهو على بعد فرسخ من المدينة فحمل جثمانه إلى البقيع ودفن جثمانه هناك اما القبر الذي ينسب إليه في شهر وان فلا واقع له نعم يحتمل انه قبر الفاضل المقداد ألسيوري أو قبر احد شيوخ العرب والمقداد بن الأسود احد الأركان الأربعة الذين قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم :
((أمرني ربي بحب أربعة من أصحابي واخبرني انه يحبهم فقيل يارسول الله من هم فقال علي ، والمقداد ، وسلمان ، وأبا ذر) وقال اللجنة تشتاق إليك ياعلي والى عمار وسلمان والمقداد ))
زوجة المقداد ضباعه بنت الزبير بن عبد المطلب شهد جميع غزوات الرسول صلى الله عليه واله وسلم مجاهدا الإخبار في فضله كثيرة ويكفي في هذا الباب الرواية التي نقلها الشيخ الكشي عن الإمام الباقر عليه السلام إذ قال ((ارتد الناس إلا ثلاث نفر المقداد وسلمان وأبا ذر )).
قال الراوي فقلت عمار ؟
قال : ((كان جاص جيصه ثم رجع )) ثم قال ((إن أردت الذي لم يشك ويدخله شيء فالمقداد ))
كانت وفاة المقداد قبل وفاة سلمان بنحو ثلاث سنوات فقد توفي سلمان سنة ست وثلاثين بالمدائن حسب ما جاء عن القاضي نور الله في ((مجالس المؤمنين )).
هذا والحمد لله رب العالمين
اسأل الله أن يتقبل منا هذا اليسير