بسمه تعالى
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين
كثيرا مانسمع من البعض ان لفظ الشيعة لفظ مستحدث ومنسوب الى الاسلام حتى بلغ الامر ان يقال ان الشيعي هو شيوعي!!!
واحببت ان اقدم هذا الموضوع لبيان اصل تسمية فرقة الشيعة لغة واصطلاحا لرفع هذه الشبهات التي كثيرا ما يتداولها البعض ويستغلها لتأليب المخالفين ضد مذهب الشيعة الامامية وارجو ان يكون في هذا التقسيم المبسط المنفعة وبلوغ الفائدة المرجوة ان شاء الله تعالى
*الشيعة في اللغة
الشيعة لغة: الفرقة والأتباع والأعوان ، اُخذت من الشياع والمشايعة بمعنى المتابعة والمطاوعة.
قال ابن منظور: الشيعة كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، وكلّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة ، والجمع شيع (لسان العرب، 8، 188، مادة : شيع) .
وقال الطريحي:
الشيعة الأتباع والأعوان والأنصار، مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار التي تشتعل بالنار، وتعين الحطب الكبار على إيقاد النار، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة. ثمّ صارت الشيعة جماعة مخصوصة (مجمع البحرين ، 4، 356، مادة : شيع).
وفي النهاية : أصل ((الشيعة)) الفرقة من الناس، وتقع على الواحد والاثنين ، والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وغلّب هذا الاسم على كل من يزعم أنّه يوالي علياً عليه السلام وأهل بيته ، حتـّى صار لهم إسما خاصاً، فإذا قيل فلانٌ من الشيعة ، عرف أنّه منهم ، وفي مذهب الشيعة كذا أي عندهم ، وأصلها من المشايعة وهي المتابعة والمطاوعة (لسان العرب 8، 189).
قال الراغب الإصفهاني:
الشياع : الانتشار والتقوية ، ويقال شاع الخبر أي كثر وقوى ، وشاع القوم، انتشروا وكثروا، وشيعت النار بالحطب: قوّتها، والشيعة من يتقوّى بهم الانسان وينشرون عنه، ومنه قيل للشجاع مَشِيعُ (المفردات 271).
وشايع فلان فلانا : والاه وتابعه على أمر وهو من الشيعة كما يقال: والاه من الولي أو الولاء (لسان العرب 8، 188).
*لفظ الشيعة لفظ قرآني
وورد لفظ الشيعة في القرآن الكريم بمعنيين:
الأوّل: بمعنى الفرقة من الناس كقوله تعالى : (( ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ )) (مريم:69) أي من كل فرقة . وقوله تعالى : (( وَلَقَد أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ )) (الحجر:10) أي فرقهم وطوائفهم.
الثاني: بمعنى الأعوان والأنصار كقوله تعالى : (( فَاستَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِن عَدُوِّهِ )) (القصص:15).
وقوله تعالى : (( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبرَاهِيمَ )) (الصافات:83) .
*اصطلاح الشيعة
((شيعة)) كل من اتّبع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونصره وقدّمه على غيره ممّن اغتصب الخلافة منه.
قال الأزهري : ((الشيعة قوم يهوون عترة النبي صلى الله عليه وآله ويوالونهم)) ولو أطلق لفظ ((الشيعة)) بأداة التعريف فهو على التخصيص ـ لا محالة ـ لأتباع أمير المؤمنين عليه السلام على سبيل الولاء والاعتقاد بإمامته بعد الرسول بلا فصل، ونفي الإمامة عمّن تقدمه في مقام الخلافة، ولو أسقطت الأداة من الكلمة مع إضافة ((من)) التبعيضية فيفيد كونه غير مخصص بمن تبع أمير المؤمنين فيقال حينئذٍ : هؤلاء من شيعة بني أمية أو شيعة بني العبّاس أو من شيعة فلان وفلان.
قال ابن منظور : ((قد غلّب هذا الاسم على من يتولى علياً وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين حتـّى صار اسماً خاصاً، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنّه منهم ، وفي مذهب الشيعة كذا أي عندهم))(لسان العرب 8: 189).
وقال الشهرستاني معرفاً الشيعة: ((الشيعة هم الذين شايعوا علياً عليه السلام على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصيّتة، إما جليا وإما خفياً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو تقية من عنده ، وقالوا : ليست الإمامة قضية مصلحية تناط باختيار العامة، وينتصب الإمام بنصبهم ، بل هي قضية أصولية ، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل إغفاله وإهماله ، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله)) (الملل والنحل للشهرستاني 1: 146).
*لفظ الشيعة المجازي على غير المعتقدين بإمامة باقي الأئمة
ولفظ ((الشيعة)) إصطلاحاً وإن صدق مجازاً على غير المعتقدين بإمامة باقي الأئمّة (عليهم السلام) كفرقة الزيدية والإسماعيليّة والفطحية وغيرهم من الواقفية ، إلاّ أنّه حقيقة مختص بمن اعتقد بالأئمّة الاثنى عشر، أولهم مولى الثقلين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم مهدي الأمم صاحب الزمان (عليه السلام) ويعتقد الشيعة الإمامية أن كل من لم يوال بقية الأئمّة بعد الإمام علي (عليه السلام) هو كمن لم يعتقد به (عليه السلام) وذلك للأحاديث المتواترة عن أئمتهم (عليهم السلام).
قال الشيخ المفيد رحمه الله: واتفقت الإمامية على أن النبي (صلى الله عليه وآله) نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً نص عليهما كما نص الرسول (صلى الله عليه وآله)، واجتمعت المعتزلة ومن عددناه من الفرق سوى الزيدية والجارودية على خلاف ذلك ، وأنكروا أن يكون للحسن والحسين (عليهما السلام) إمامة بالنص والتوقيف.
واتفقت الإمامية على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نص على علي بن الحسين وأنّ أباه وجدّه نصّ عليه كما نص عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) وأنّه كان بذلك إماماً للمؤمنين ، واجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة والمنتمون إلى أصحاب الحديث على خلاف ذلك ، وأنكروا بأجمعهم أن يكون علي بن الحسين (عليه السلام) إماماً للأمّة بما توجب به الإمامة لأحد من أئمة المسلمين.
اتفقت الإمامية على أن الأئمّة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) إثنا عشر إماماً، وخالفهم في ذلك كل من عداهم من أهل الملّة وحججهم على ذلك خلاف الجمهور ظاهرة من جهة القياس العقلي والسمع المرضي والبرهان الجلي الذي يفضي التمسك به إلى اليقين. (أوائل المقالات 40 ـ 41).
والحمدلله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين