ـ روى الحاكم النيسابوري (405هـ) بسندٍ صحيح ووافقه الذهبي:
"عن حيان الأسدي سمعت عليا يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأمّة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملّتي وتقتل على سنّتي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني وإن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه".
الحاكم: صحيح.
الذهبي:صحيح(1).
ـ وروى ابن بردزبة البخاري (256هـ) في صحيحه بسنده:
"عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة"(2).
دعوة للتّفكر:
1- عن أي غدر يتحدّث عنه أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
النبيّ الخاتم (صلّى الله عليه وآله) يقول: "أنّ الأمّة ستغدر بك بعدي"؛ أي مطلق الأمّة سيغدرون بعليّ بن أبي طالب؛ فلا معنى أن يقول قائل أنّه يقصد الخوارج بل الأمّة الّتي حاربها وقاتل أكثرها منذ السقيفة بقيادة أبي بكر وعمر وأتباعهما إلى حروب: الجمل بقيادة عائشة، صفّين بقيادة معاوية والنهروان مع الخوارج حتّى استشهد (عليه السلام) غدراً على يد ابن ملجم المرادي (لعنه الله) بمؤامرة كان لمعاوية بن هند اليد الطولى فيها مع أطراف أخرى.
2- هل هذا "الغدر" له علاقة بقوله تعالى:
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين".
وإذا رجعنا للحديث النبوي يقول: "الأمّة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملّتي وتقتل على سنّتي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني"، فالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يصرّح أنّ سنّته الشريفة والحافظ لها هو علي بن أبي طالب ومحبّيه لا من أبغضوه وحاربوه وانحرفوا عنه كما حصل في السقيفة والجمل وصفّين والنهروان.
3- ما هو الأمر المهم الّذي يستدعي أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) أوّل من يقف بين يدي الله تعالى للخصومة يوم القيامة؟
4- حديث "الخصومة" جاء بصيغة مطلقة؛ أي أنّ علي بن أبي طالب سيختصم عند الجبّار سبحانه حتّى قبل الأنبياء والمرسلين؛ فهل يُعقل أن يكون لأمر عادي؟ أم أنّ الأمر عظيم وخطير له علاقة بالدين الخاتم والتشريعات الإلهيّة؟
ــــــ
(1) الحاكم النيسابوري (محمّد بن عبد الله)، المستدرك على الصحيحين وبهامشه تعليق الذهبي، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، (ط1، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1411/ 1990)، ج3، ص153، حديث (4686).
(2) البخاري (محمّد بن إسماعيل بن بردزبة)، الجامع الصحيح المختصر، تحقيق مصطفى ديب البغا، (ط3، بيروت، دار ابن كثير، 1407/ 1987)،ج4، ص1458، حديث (3747).
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين المعصومين والعن أعداءهم ،،،