السيد محمد باقر الحكيم
قائد النضال ضد الدكتاتورية
صفحات قد لا تكون معروفة عن حركة السيد الشهيد الحكيم ودوره في اسقاط نظام العفالقة واقامة دولة الانسان في العراق يرويها بمناسبة الذكرى السنوية لشهادته احد اصحابه ومريديه
القسم الاول
بقلم الدكتور السيد علاء الجوادي
المقدمة
تعرفي الاول على السيد محمد باقر الحكيم ياتي من كونه من الشخصيات العراقية المعروفة بحكم سعة امتداد مرجعية والده الامام السيد محسن الطباطبائي الحكيم وشمولها للعراق والبلدان العربية وايران والقارة الهندية.
وبحكم روابط اسرية اخرى وبحكم انتمائنا المبكر للحركة الاسلامية العراقية. من هذه المقتربات كان تعارفنا العام وكان بحدود المجاملات العامة مع الشهيد اية الله السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه. كل ذلك جعل لقائي السياسي الجاد معه سنة 1980 غير نابع من فراغ بل يستند على اسس موضوعية وروحية متينة.
منهجية البحث
هذا البحث هو الخطوط العامة لمشروع كتاب عن السيد الحكيم ونضاله المتواصل المستمر منذ الثمانينيات لحين شهادته. كان هذا المشروع فكرة مهمة في ذهني اسعى الى تنفيذها لكن الذي كان يحول دون ذلك اسباب هي:
1- تكالب الانشغالات السياسية والاكاديمية والحركية مما كانت تقضم معظم وقتي وكنت وما ازال اتمنى ان يكون اليوم اكثر من 24 ساعة ليتمكن الانسان ان ينجز الكثير مما يصبو الى انجازه.
2- وثاني الاسباب هو اني لا ارغب ولا اريد الكتابة عن الاحياء لئلا تفهم كتابتي بصورة غير صحيحة. وها انا اكتب عن استاذي وقائدي واخي وصديقي الشهيد السيد محمد باقر الحكيم بعد سبع سنوات من شهادته دون اي هدف دنيوي بل لمجرد رغبة التقرب الى الله عز وجل بالكتابة عن احد كبار الشهداء في عصرنا الحاضر.
3- ان العاملين في الساحة السياسية العراقية ابتلوا بالكثير من المصائب ومن اهمها سوء الظن والتسقيط والاتهام السريع حيث تخصص بمثل هذه الفنون الكثير من الكوادر القادرة على العطاء الا انها آثرت ولوج الدروب السوداء لارسال الرياح الصفراء. لذلك فقد يسارع بعض المرضى للطعن والتسقيط بمجرد الكتابة عن السيد الحكيم. وحيث ان الرجل انتقل الى رحمة ربه بشهادة فريدة من نوعها اكرمه الله بها فلم يعد من ثمة اثر مادي لجسده في هذه الارض ولم تبقى الا روحه التي انتقلت للسماء. فاشعر انه من واجبي ان اكتب عنه ما رايته وما عرفته عنه.
4- لقد كتبت عن رموز وشهداء الحركة والمسيرة الاسلامية في العراق فكتب كتابا عن السيد الشهيد الاول الامام محمد باقر الصدر... وكتبت بحثا مطولا عن منهاج العمل السياسي عند السيد الشهيد الصدر الثاني المرجع الكبير محمد محمد صادق الصدروهو مشروع كتاب موسع عنه...وكتبت عن استاذي ومرشدي العلامة عز الدين الجزائري رائد الحركة الاسلامية العراقية وعن ابيه قائد جمعية النهضة وثورة النجف وساكتب عنه بحوثا اخرى وكتبت عن اخوة لي استشهدوا في طريق العمل ومن امثلتهم اخي الشهيد اللسيد عبد المجيد الخوئي. باسمي الصريح او باسم مستعار...وساكتب عن اخوة اخرين وعلى رأسهم اخي وحبيبي ورفيقي وصديقي الحاج ابو ياسين عز الدين سليم. فالسؤال اليس من حق السيد ابي صادق علي ان ادون ما عرفته من افاق جهاده وحركته؟؟
وانا وللامانة التاريخية كنت من اكثر الاشخاص الذين عملوا مع السيد القائد الشهيد الحكيم مخالفة له بالرأي وابداء الرأي الصريح امامه حتى كان بعض الاحيان يصل اختلاف الرأي معة لدرجات كبيرة وتشهد بذلك وثائق الاجتماعات ومحاضرها. الا انه ولله الحمد لم يفسد ذلك للود قضية. وما زال السيد الحكيم يعيش في اعماقي معلما وقائدا واخا نبيلا. وهو درس في ان الخلافات لو كانت في طريق العمل فانها لا تنتج الا المحبة والتفاني والاخلاص بين الفرقاء.
وللامانة التاريخية ايضا فقد وجدت ان بعض ما كانت لي وجهة نظر مخالفة له به، فان المستقبل كان يكشف ان وجهة نظره كانت هي الاصوب في الكثير من الاحيان.
لقد تعرض السيد الشهيد وعائلته الكريمة ومن عمل معه الى حملات نارية تقوم على شهوة محمومة في التسقيط لمجرد الخلاف او الصراع السياسي. انا لا اريد ان اقول ان عملنا لم تكن تشوبه اخطاء ولكن الحملة المضادة كانت قاسية جدا... لقد نالنا ولله الحمد الكثير منها وهو ما نحتسبه عند الله. وليحضر ابطاله اجوبتهم يوم الحساب.
وكما ان ابو طالب لم يسلم من الهجوم بسبب ابنه علي فكذلك الامام الحكيم لم يسلم من هجوم بسبب ابنه السيد محمد باقر فاخذ البعض يلوك بسيرته وهو من اكبر المراجع ودوره من اهم الادوار.
وارجع مرة اخرى الى الباعث لي الى الكتابة وهو متابعة اخي وصديقي الاستاذ الحاج ابو تقى صلاح التكمجي التميمي الذي يلح علي كثيرا ودائما ان ادون ارائي وتصوراتي عن تلك المرحلة المهمة وها انا اكتب الان هذه النقاط المتفرقة امتثالا لطلب اخ مؤمن اسأل الله له التوفيق.
وسأقدم خطوطا عامة في هذه الدراسة لتكون هيكلية اعتمد عليها عند تاليفي للكتاب الذي ذكرته انفا.
المصادر
اما مصادري التي ساعتمدها في هذه الدراسة وفي الكتاب لاحقا فهي:
1- اولا معايشتي الحية والفعالة لحقبة زمنية خطيرة وحساسة من تاريخ العراق الوطني والنضالي والسياسي مع السيد محمد باقر الحكيم. ومصدري في ذلك ما بقي بذاكرتي من احداث واحمد الله ان ذاكرتي قوية ولكن ككل انسان فان ذاكرته تتأثر بالزمان.
2- الوثائق المخطوطة والتي تنحصر بعدد قليل من العاملين الاوائل مع السيد الحكيم. وقد تنحصر بي فقط بعض الاحيان.
3- وثائق مطبوعة خاصة ولم تكن للنشر العام.
4- محاضر الاجتماعات التأسيسية للخط وعليها ملاحظات السيد محمد باقر الحكيم.
5- محاضر اجتماعات المجلس الاستشاري ومكتب العراق والدورات الستة الاولى للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.
6- رسائل وكتب متبادلة مع السيد الحكيم.
7- كتب ومؤلفات وخطب السيد الحكيم.
8- لوثائق ومنشورات اخرى .
هيكلية الكتاب
ساركز في الكتابة على السيد الحكيم خلال الفترة من سنة 1980 الى شهادته في 2003 . وقد كتبت العديد من الفصول وجمعت وثائق من خلال العمل الميداني حول هذه الفترة وبمئات الصفحات. فالمادة العلمية والتاريخية جاهزة، لكنها تحتاج الى همة وعزيمة قويتين من جهة وتفرغ لانجاز العمل من جهة اخرى. ستكون هيكلية الكتاب او فصول البحث عبر العناوين التالية:
اولا: السيد باقر الحكيم النشأة وجذور التحرك الفكري والسياسي
وسأتناول به بيت الحكيم ومرجعية السيد الامام الحكيم وعلاقته مع السيد الامام محمد باقر الصدر وصلته مع الحركة الاسلامية وصولا الى هجرته من العراق الى سوريا ومن سوريا الى ايران.
ثانيا: القيادة والتأسيس
وسنتناول في هذا العنوان ان السيد كان صاحب مشروع متكامل. وسنمر على عناوين مهمة ضمن هذا الفصل منها:
1- المجلس الاستشاري لخطنا السياسي.
2- جماعة العلماء المجاهدين في العراق والمكتب الاعلامي.
3- تأسيس مكتب العراق.
4- تأسيس المجلس الاعلى ودوراته الستة الاولى.
5- تشكيل قوات بدر وتطوراتها.
6- ما تعرض له من صعوبات وصراعات.
ثالثا: المعارضة الضاربة للدكتاتورية
وسنتناول تحت هذا العنوان الجهود التي بذلها وقادها السيد الحكيم. وايمانه بضرورة تكامل الاعمال وسنشير الى نماذج من ذلك مثل:
1- التوعية والتبليغ الاسلامي والسياسي
2- النشاط الاعلامي مثل: الصحافة والاذاعة والتلفزيون والمنشورات.
3- العمل العسكري النظامي قوات بدر.
4- الكفاح المسلح في داخل العراق ضد الدكتاتورية.
5- العمل مع الجماهير العراقية
6- العمل الثقافي
7- العمل الخدمي
8- ميادين عمل اخرى
9- العلاقات الدولية والاقليمية
رابعا: مواصلة الطريق بعد تدويل القضية العراقية
وهذه المرحلة من اهم مراحل تحرك السيد الحكيم وبها محطات مهمة ينبغي الوقوف عندها مثل زيارته الى لندن في التسعينيات من القرن الماضي. وزيارته للدول العربية وبناء علاقات جادة معها.
خامسا: احتضار النظام العفلقي الصدامي
وسنتناول في هذا الفصل او العنوان السنة الاخيرة او الفترة الاخيرة من عمر النظام الصدامي المقبور والتي تجلت في عدد من الاجتماعات المهمة للمجلس الاعلى وعدد من التحركات الاقليمية والدولية. ثم انعقاد مؤتمر المعارضة في لندن قبيل سقوط نظام صدام ووجهات نظر السيد الحكيم ومشروعة في اليات اسقاط الدكتاتورية وانظلاقة النظام الجديد.
سادسا: دخول العراق
في هذا العنوان هناك الكثير من الامور التي ينبغي ان تثبت وتقال وقد عبر عنها السيد الحكيم رضوان الله عليه عبر خطب الجمعة التي كان يلقيها. ونتلمس من خلالها رؤيته في بناء الدولة العراقية الجديدة وتحرير العراق من الاحتلال. وسبل الارتقاء بالبلاد الى مصاف الدول التي ترعى الانسان وتمنحه استحقاقاته الحياتية والانسانية.
سابعا: خط متواصل
لم تنبثق ظاهرة السيد الحكيم فجأة وبلا مقدمات. فالسيد الحكيم هو امتداد لمدرسة الاسلام الكبرى ولمدرسة اهل بيت النبوة وامتداد لظاهرة المرجعية الدينية وهو كذلك امتداد لارادة شعب ونضال امة. ولكن السيد الحكيم كان مؤسسة لمرحلة من اصعب مراحل نضال وجهاد امتنا الكريمة وشعبنا العراقي الابي. النتيجة الطبيعية لمثل هذه الحالة ان ظاهرة السيد الحكيم ستكون متواصلة ومتنامية عبر السائرين على الطريق الذي سار عليه السيد الحكيم واسس فيه لمدرسة كبرى من مدارس الجهاد الاسلامي والوطني العراقيين. هكذا ستكون افاق نهاية البحث الذي سيتحول الى كتاب او مذكرات لشاهد عاصر الاحداث ويريد ان يرويها بعدما تجاوز عمر الشباب.
وهكذا ستكون منهجية الكتاب اذا وفق الله لاتمامه.
ومما احب ان اخبر به القارئ ابتدا في رحلتنا باجواء السيد الشهيد محمد باقر الحكيم. انني سوف لا التزم الهيكلية التي اشرت اليها انفا. بل سيكون البحث الذي نقدمه اليوم للاخوة الاعزاء عبارة عن اشارات متفرقة لكنها تسير في نفس الاتجاه المرسوم للكتاب بل وستكوّن فقرات مهمة منه مستقبلا.
يتبع......