الوحدة الإسلامية هي ما يفتقر له العالم الإسلامي، وهي التي تعطي أبناء المذاهب على اختلافهم كامل حقوقهم وحريتهم في ممارستهم لشعائرهم حسب معتقداتهم، ونحن كمسلمين منتمين لبلد واحد يتمثل بالإسلام ودستوره القرآن مع اختلاف المذاهب لا فضل لأحد منهم على أحد إلا بقيم التفاضل من التقوى والإيمان، والعلم والمعرفة، والجهاد والعمل الصالح نفتقد تلك الوحدة التي يتصف بها الإسلام وكيفية حفظ حقوق الناس مع اختلافهم .
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. هناك قوانين كثيرة على صعيد العالم الإسلامي ضمن الدستور ولكن لا وجود لتطبيق هذه القوانين في مجتمعاتنا, والسلطات السياسية هي وراء تلك التفرقة والتنازع بين أبناء المذاهب الإسلامية، وهي التي تسعى جاهدة على خلق الفتن بدعمها للسلطات الدينية التي هي أداة بيدها تحركها كيف ما اشتهت.
والسلطة السياسية تعتمد في الحفاظ على جبروتها وبطشها عن طريق علماء البلاط مع اختلاف مذاهبهم ويبقون الوسيلة الأقوى والعصا التي يُضربُ الشعب بها، ناهيك عن الطرق الشبيهة بالأعمال المسرحية فترى فيها الممثل والمخرج والكادر المساعد و... إلخ.
والسلطة السياسية لا تتمكن من العبث من عقول الناس حتى وإن صرفت الملايين لأجل ذلك ولو أطرت لاستخدام السلاح وإنما هي تعتمد كل الاعتماد على علماء البلاط، وما يدفع السلطات السياسية لبث الفتن بين أبناء المذاهب هو الخط الأحمر التي تضعه وتسعى جاهدة ببطشها وجورها على من يحاول تجاوزه خوفاً على المنازعة لذلك الكرسي المتمثل بالصنم، ناهيك عن بث السموم وترسيخ لغة التكفير ضمن المناهج الإسلامية، ودعمها لعلماء البلاط التي اتخذت السلطة السياسية رباً يعبد من دون الله وجيرت آيات القرآن لما يخدم مصالحها الدنيوية, وأقرب الأمثلة ما حدث مؤخراً من تصريح للكلباني والعريفي وغيرهم وحقيقة الأمر ما هي إلا فتنة اصطنعتها السلطة لإشغال الناس ونشر الفرقة بينهم.
و من تلك الممارسات الطائفية التضييق على أبناء المذهب الشيعي بمدينة الخبر ومنعهم من الصلاة التي تعد عمود الدين بإجماع المسلمين، وفي ضل هذا التمييز يخرج لنا نموذج يمثل مجتمع القطيف ويعد من مثقفيها عبر قناة تلفزيونية عالمية في تصريح له يمجد ويمدح أحد الطواغيت بالثناء على جهوده الجبارة التي نقلت المنطقة نقلة لم تشهدها في جانب الحريات لدى مختلف المذاهب على حسب تعبيره، وأن الشيعة في المنطقة يمارسون شعائرهم بكامل حريتهم، ولكن العكس هو ما يحصل لأبناء المذهب الشيعي من اعتقال والمنع من الحصول على تصريح لبناء مساجد وكذلك المنع من ممارسة الشعائر باختلافها، وهنا أتساءل هل أصبحنا ممن يعين الظالم على المظلوم حتى نقف في مدح الظالم والغاصب لحقوق الناس وتقديم بعض من المجاملات من أجل المصالح الخاصة أم ماذا أم تبريرها بمصلحة الطائفة؟
وأيضاً من الأمثلة القريبة التي نعيشها التكريم للقاضيين أحدهما الشيخ المتشدد فؤاد الماجد الذي أصدر حكم الإعدام بحق الشاب القطيفي الشهيد "صادق مال الله" والمتشدد الآخر الشيخ صالح الدرويش الذي امتاز بالاستفزاز والتكفير وزرع الطائفية . ومن أجل المصلحة الدنيوية يباع الدين من أجل إرضاء الظالمين عن طريق تكريمهم ممن عدو أنفسهم وجهاء للبلد وهم في حقيقة الأمر ينقسمون لقسمين قسم مستخدم كَطُعم لإكمال المسرحية والقسم الآخر ما هم إلا ممن يجلب الذل والعار للبلد بأفعالهم.
خلاصة القول الخوف من قول الحق والمجاملات هي من أوصلنا إلى أدنى درجات الذل والهوان فلابد من الاعتصام بحبل الله والسعي للوحدة الإسلامية بدل السعي لوحدة التراب التابعة للنظام السياسي والتقوقع بشعار الوحدة الوطنية التي لا أساس لها في الإسلام .
التعديل الأخير تم بواسطة نسايم ; 10-06-2010 الساعة 07:25 AM.