.. وقد وقفتُ عند أعتاب الستّين .. لا زلتُ أذكر يومي الأوّل بالمدرسة ..
ما بين اليوم والأمس خمسة عقود مرّت ، وما بين مرحة الأدراك والتكليف واللحظة .. خزائن فراغة إلاّ من فضل الله والأمل في كرمه ولطفه ..
غريب أن ينفذ العمر في خطا سريعة وأنفاس في اللاوعيّ أو اللاشعور أو اللامسؤوليّة أو في الجهل المركب حيث البوار والخسران .. أنا الأحقر المفلس عبدُ نفسه والطمع والأمل الزائف ..
أنا قائم ولكن مُصاحبٌ للعدم ، وأنا الميتُ الحيّ ..
بل أنا العدم في كلّ جوانبه ومعانيه لكن هناك زاوية في عالمي المظلم والمجهول كانت ولا زالت سرّ البقاء والرجاء والأمل .. هناك علقة في هذا الجسد الهرم المتصابئ تعشق أهل العباء "ع" ..
كلّ ما أملك كان كذبة ، وكلّ ما شيدته كان سراب وكلّ ما أقمتهّ كان منْ غزل حبال الرمل ..
ما بين أيّام الصبى التعيس و متاهات الموروث المُتهالك من عقيدة إبتداء ضاع الفصل الأوّل من أنفاس وخطى على مسرح الحياة .. وكان الصمتُ والعدمُ صاحبه بعد الفشل في الآداء والدور ..
ورفعت الستارة مع الفصل الثاني ، وكان شبيها بالأوّل في كثير من معالمه والعطاء ..
ولكن كانت هناك إضاءة وافية على خشبة البصيرة بعد أن علمتُ مصادر النّور ، وكانت هناك موفقيّة في النطق والبيان بعد أن وردتُ حياضه مع بداية المشهد ..
ربّما كانت إستفاقة متأخرة بالقياس الزمني للإشياء ، إلاّ أنّها كانت نهضة معدم وهبّة محتضر وصحوة ضمير شاءت له ألطاف القدر أن يفيق .. لنصحح المسار ولأعلن بيعة وفاء مع كلّ نفس وخطوة باقية من عمر أبو مرتضى .. وقد مرّت على ذلك ثلاث عقود مع الفصل الثاني والأخير ، كان فيها العطاء بقدر الرجاء مع عدم الرضا ممن يرغبُ في الزاد ليوم الميعاد .. وأفضل الزاد حبّ المرتضى "ع" وخير المقام عند حياض أهل الكساء "ع" .. وما حاجتي لزّاد وأنا في ضيافة المصطفى "ص" ..؟؟؟
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــا
أبو مرتضى عليّ