إن الإنسان مثله في هذه الدنيا، كمثل الجنين في بطن أمه.. فالجنين لو خير بين الخروج للدنيا، والبقاء في رحم الأم، فإنه يفضل البقاء في مكانه، لأنه يرى مكانه مريحا، وغذاءه مؤمنا، والجو ملائم والحرارة مناسبة.. فهو مأنوس بما هو فيه، ولا يعلم أن هناك مكان أوسع من العالم الضيق الذي هو فيه، ولا يعلم ما أعدته له هذه الأم من فراش وثير، ومن صدر فيه اللبن السائغ.. فنحن نعيش في رحم الدنيا، ولو علمنا بما بعد هذه النشأة من المتع، لزهدنا في الدنيا كما نزهد في بطون الأمهات!.. نحن الآن عندما نتصور الرحم، وبطن الأم، نكاد نستوحش من هذا المكان الضيق.. ولكن هذا الاستيحاش لم يتحقق إلا بعد الانتقال.. وإن المؤمن قبل أن ينتقل من الدنيا، يعيش هذه الحالة من الوحشة، من ضيق الدنيا، وعدم اتساعها.
حــكــمــة هذا الــيــوم :
(آهٍ!.. من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق)!..
في رحاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) :
في دعاء الافتتاح في شهر رمضان المُبارك: (اَللّـهُمَّ!.. الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْبِهِ قِلَّتَنا، وَاَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَاَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَاَقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وَبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا، وَاَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَاَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَاَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ آمالَنا، وَاَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، يا خَيْرَ الْمَسْؤولينَ وَأَوْسَعَ الْمُعْطينَ!.. اِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَاَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بإِذْنِكَ، اِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إلى صِراط مُسْتَقيم، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا اِلـهَ الْحَقِّ آمينَ).. بعض هذهِ الحوائج لا تتمُ إلا على يد الإمام: كالعدل العالمي.. ولكن (وَاَقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا)؛ أي بأيدينا نحنُ، نحنُ الذين نقضي بهِ، ولكن نيابةً عنه.. (وَاَغْنِ بِهِ عائِلَنا) أي على أيدينا نحنُ العباد المحبون للهِ ولرسولهِ ولولي الأمر.
هـل تـريـد ثـوابـا فـي هـذا الـيـوم ؟
هنيئاً لمن ذهبَ من هذهِ الدُنيا، وليسَ في ذمتهِ تبعةٌ لأحد!.. هنيئاً لمن يقول الإمام عندما يُصلي على جنازتهِ: إنّا لا نعلمُ منهُ إلا خيراً.. لا يقولها مُجاملةً، ولا من باب الاستحباب الشرعي، ولكن حقيقةً لا يعلمُ منهُ إلا خيراً، (الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ)، كما في أوصاف المؤمنين المتقين.
بستان العقائد :
إن علماء التفسير يقولون: هنالك علاقة بين أولي الأيدي والأبصار، وبين أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}.. فهؤلاء إنما صاروا أولي الأيدي والأبصار، لأنهم كانوا على ذكر مستمر للدار الآخرة.. فأولي الأيدي والأبصار؛ أي أولي التنفيذ.. فاليد كناية عن التنفيذ، والأبصار كناية عن البصيرة.. فالذي يقوم بالخيرات، هو صاحب يد، ولكن ليس صاحب بصيرة.. فهو قد ينفق المال في سبيل الخير على حد زعمه، ولكنه لا يوفق لذلك.. كم من أهل الخير والإحسان أنفقوا ما أنفقوا، ولم يسددوا في إنفاقهم!.. أو سددوا في إنفاقهم، وكان بالإمكان أن يقوموا بعمل أفضل مما قاموا به!..
كنز الفتاوي :
هل يجب على المأموم في صلاة الجماعة الاخفاتية إذا سمع همهمة الإمام أو قراءته همساً الاستماع لقراءة الإمام؟
لا يجب الاستماع إلى قراءة الإمام ـ في فرض السؤال ـ ويستحبّ الذكر أو الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم.
ولائيات :
عن ابن مسعود قال: نظر إلي رسول الله -صلى الله عليه وآله- وهو واضع كفه في كف علي -عليه السلام- مبتسماً في وجهه، فقلت: يا رسول الله، ما منزلة علي منك؟.. قال: (كمنزلتي عند الله عز وجل).. وفي رواية أخرى: سُئل النبي (ص) عن عليّ بن أبي طالب (ع) فغضب وقال: (ما بال أقوامٍ يذكرون منزلة مَن منزلته من الله كمنزلتي، مَن له منزلةٌ كمنزلتي؟.. أَلاَ ومَن أحبّ عليّاً فقد أحبّني، ومَن أحبّني رضي الله عنه، ومَن رضي الله عنه كافأه الجنّة.. أَلاَ ومَن أحبّ عليّاً تقبّل الله صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب الله له دعاءه).. هذهِ الرواية من الروايات التي تحتاجُ إلى شرح: فمنزلة النبي -صلى الله عليه وآله- من الله -عزَ وجل- منزلة مُبهمة.. بمعنى: أنه نحنُ البشر لا نعلم منزلة النبي من ربه، ولهذا في رحلة المعراج يقول القرآن الكريم: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}.. ما هذا الذي أوحاه؟.. نحنُ لا نعلم ولن نعلم، جبرئيل -عليه السلام- يقول: (لو دنوت أنملةً، لاحترقت)؛ يالها من خلوة بين الله -عزَ وجل- وبينَ نبيهِ -صلى الله عليه وآله-!..
فوائد ومجربات
يقول الإمام الصادق -عليه السلام-: (إذا ارتحلت فصل ركعتين، ثم ودع الأرض التي حللت بها، وسلم عليها وعلى أهلها.. فإن لكل بقعة أهلاً من الملائكة).. أي إن سافر الإنسان إلى أي مدينة لمدة شهر أو شهرين وأراد الرجوع؛ عليه أن يصلي ركعتين، فالملائكة منتشرة في بقاع العالم؛ وهذا يذكرنا بالوعد المذكور في حديث الكساء: (ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض، وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا؛ إلا ونزلت عليهم الرحمة، وحفت بهم الملائكة).. وليس من الغريب حضور الملائكة عند سماعها لذكر أهل البيت -عليهم السلام-.
--
اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد
اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان.
نرجس
التعديل الأخير تم بواسطة القلم الرقيب ; 19-05-2010 الساعة 09:27 PM.