صلى بنا رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) صلاة العصر فلما انفتل جلس في قبلته والناس حوله فبينما هم كذلك اذ أقبل شيخ من العرب مهاجر عليه سمل قد تهلل وأخلق( اي ثياب قديمة ممزقة) وهو لا يكاد يتمالك كبرا" وضعفا" فأقبل عليه رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) يستحثه الخبر فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني وعاري الجسد فأكسني وفقير فأرشني( احسن اليّ) فقال ( صلى الله عليه واله وسلم)ما أجد لك شيئا ولكن الدال على الخير كفاعله انطلق الى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويؤثر الله على نفسه انطلق الى حجرة فاطمة ( عليها السلام) وكان بيتها ملاصقا" بيت رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)الذي يتفرد به لنفسه من أزواجه وقال يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة ( عليها السلام)
فأنطلق الاعرابي مع بلال فلما وقف على باب فاطمة( عليها السلام) نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومختلف الملائكة ومهبط جبرائيل الروح الامين بالتنزيل من عند رب العالمين. فقالت فاطمة وعليك السلام فمن أنت يا هذا ؟
قال: شيخ من العرب أقبلت على ابيك سيد البشر مهاجرا من شقة وأنا - يا بنت محمد - عاري الجسد جائع الكبد فواسيني يرحمك الله وكان لفاطمة وعلي( عليهما السلام) و ورسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)ثلاثا ما طعموا فيها طعاما وقد علم رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) من شأنهما.
فعمدت فاطمة الى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين فقالت خذ هذا يا ايها الطارق ..........
فقال الأعرابي يا بنت محمد شكوت اليك الجوع فناولتيني جلد كبش ؟ ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب؟
قال فعمدت فاطمة( عليها السلام) لما سمعت هذا من قوله الى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمها حمزة بن عبد المطلب فقطعته من عنقها ونبذته الى الاعرابي فقالت: خذه فبعه عسى الله ان يعوضك به ما هو خير منه فأخذ الاعرابي العقد وانطلق الى مسجد رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)والنبي جالس في اصحابه فقال يارسول الله أعطتني فاطمة ( عليها السلام) هذا العقد فقال بعه عسى الله ان يصنع لك.
قال فبكى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم)فقال وكيف لا يصنع الله لك وقد اعطتكه فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم.
فقام عمار بن ياسر ( رحمة الله عليه) فقال يا رسول الله أتاذن لي بشراء هذا العقد ؟ قال اشتر يا عمار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار فقال عمار بكم العقد يا اعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي فيها لربي ودينار يبلّغني الى اهلي وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) من خيبر ولم يبقى منه شيئا فقال : لك عشرون دينارا ومأتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلّغك اهلك وشبعك من خبز البر واللحم.
فقال الاعرابي ما اسخاك بالمال ايها الرجل وأنطلق به عمار فوفّاه ما ضمنه له.
وعاد الاعرابي الى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) فقال له رسول الله: أشبعت وأكتسيت؟قال الاعرابي نعم واستغنيت بأبي انت وامي قال: فأجز فاطمة بصنيعها فقال الاعرابي: اللهم انك اله ما استحدثناك ولا اله لنا نعبده سواك فانت رازقنا على كل الجهات اللهم اعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت والى ان قال فعمد عمار الى العقد فطيبه بالمسك ولفّه في بردة يمانية وكان له عبد اسمه سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي اصابه بخيبر فدفع العقد الى المملوك، وقال له: خذ هذا العقد فأدفعه الى رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) وانت له فأخذ المملوك العقد فأتى به رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)واخبره بقول عمار فقال النبي: انطلق الى فاطمة فادفع اليها العقد وانت لها فجاء المملوك بالعقد واخبرها بقول رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) فأخذت فاطمة ( عليها السلام) العقد واعتقت المملوك , فضحك المملوك فقالت ما يضحكك يا غلام؟ فقال اضحكني عظم بركة هذا العقد أشبع جائعا" وكسى عريانا" وأغنى فقيرا" وأعتق عبدا" ورجع الى ربه( صاحبه)
المصدر: فاطمة الزهراء من قبل الميلاد حتى ما بعد الاستشهاد