اللهم صل على محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك..
في مذهب الإثنا عشرية للأنبياء مطلق العصمة ، وأيضاً الأوصياء والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وإن الهدف انها موضع وثوق الناس وإطمئنانهم ، وللتبليغ بالوحي الإلهيَّ بصورة صحيحة كما قال:( عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُول فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفهِ رَصَدا * لِيَعْلَمَ أن قَد أَبْلَغُوا رِسالات رَبّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيء عَدَدا)
إذا كان هذا الهدف من عصمة الانبياء - عليهم السلام - فما الحكمة من عصمة المطلقة السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي ليست بنبي ولا وصي ؟؟
للجواب على هذا السؤال يجدر بنا أولاً تعريف كلمة العصمة لمن قد يجهلها ..
في البداية سنطرح باختصار مفهوم العصمة ومنشأها .. ومن ثم نتطرق لعصمة السيدة الزهراء في حلقات .. والله المستعان
العصمة لغة : تعني المنع ..
وعنها قال :الشيخ جعفر السبحاني
العِصمة تعني المصُونيّة ولها في باب النبوّة مراتب هي:
أ: العصمة في مرحلة تلقّي الوحي وإبلاغه.
ب : العصمة عن المعصية والذنب.
ج : العصمة عن الخطأ في الأُمور الفردية والاجتماعية.
: منشأ العصمة وسببها
يمكن انّ نلَخّص منشأ العصمة وسببها في أمرين:
ألف : إنّ الأنبياء حيث إنّهم يتمتعون بمعرفة واسعة بالله سبحانه، لا يَستبدلون رضاه تعالى بشيء مطلقاً.
وبِعبارة أُخرى ; انّ إدراكهم العميق للعظمة الإلهيّة وللجمالِ والكمال الإلهيّين يمنعهم من التوجّه إلى أيّ شيء غير الحقّ تعالى، والتفكير في أيّ شيء غير الله سبحانه.
إنّ هذه المرتَبَة والدَّرَجة من المعرفة هي التي قال عنها الإمامُ أميرُ المؤمنين عليُ بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ : «ما رَأَيتُ شَيئاً إلاّ وَرَأَيْتُ اللهَ قبْلَهُ، وبَعْدَهُ ومَعَهُ»([8] ).
وقال عنها الإمام الصادقُ ـ عليه السَّلام ـ : «وَلكنِّي أعْبُدُهُ حُبّاً لَهُ فتلكَ عِبادةُ الكِرامِ»([9] ).
ب : إنّ اطّلاع الأنبياء الكامل على نتائج الطاعة وثمارها، وعلى آثار المعصية وتبعاتها السَيئة، هو سبب صيانتهم عن مخالفة الأمر الإلهيّ.
على أنّ العصمة المطلقة مختصّة بثلَّة خاصّة من أولياء الله، إلاّ أنّ في إمكان بعض المؤمنين الأتقياء أنْ يكونوا معصومين عن ارتكاب المعصية في قسم عظيم من أفعالهم، فالفَرد المتّقي مثلاً، لا يُقدم على الإنتحار، أو قتل الأبرياء أبداً([10] ).
بل وحتّى بعضُ الأشخاص العاديّين يتمتعون بالعصمة عن بعض الذنوب، وللمثال لا يُقدمُ أيُّ شخص على لمس سلك كهربائي فعّال تجنباً من الصَعق بالتيار الكهربائي .
ومن البَيّن أنّ العصمة في هذه الموارد ناشئ من العِلم القطعيّ بآثار عمله السيئة، فإذا كان مثل هذا العِلم حاصلاً للشخص في مجال تبعات الذنوب الخطيرة جداً أيضاً، كان ذلك موجباً حتماً لصيانة الشخص عن المعصية.
نحن مع اعتقادنا بعصمة جميع الأنبياء لا نرى أنّ العصمة تلازم النبوّة، أي أنّنا لا نرى أنّ كلَ معصوم هو نبيٌّ بالضرورةِ، وإنْ كان كلّ نبيٍّ معصوماً بالضرورة، فربّ إنسان معصومٌ ولكنّه ليس بِنبيّ، فها هو القرآنُ الكريم يقول حول السيدة مريم: ( يا مَرْيَمُ إنّ اللهَ اصْطفاكِ وَطَهَّرَكِ واصْطَفاكِ عَلى نِساءِ العالَمِيْن)([11] ) .
إنّ استخدامَ القرآن الكريم للفظة «الاصطفاء» في شأن السيّدة مريم ـ عليها السَّلام ـ يَدلُّ على عِصمتها لأنّ نفسَ هذه اللَّفظة «الإصطفاء» استخدمت في شأن الأنبياء سلامُ الله عليهم أيضاً: ( إنّ الله اصْطَفى آدمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ عَلى العالَمِيْن)([12] ) .
هذا مضافاً إلى أنّ الآية قد تحدَّثتْ حول طهارة السيدة مريم ـ عليها السَّلام ـ ، والمقصود هو طهارتها من أيّ نوع من أنواع الرجْس، والمعصية، وليست هذه الطهارة والبراءة هو براءتها من الذنب الذي رَمَتْها اليهودُ به في مجال ولادة عيسى منها من دون والد، لأنّ تبرئة مريم من هذه المعصية ثبتت في الأيّام الأُولى لولادة عيسى ـ عليه السَّلام ـ بتكلُّمه([13] )، فلم تعُدْ حاجة إلى بيان ذلك مجدّداً.
إضف إلى ذلك أنّ الآية تتحدّث عن مريم قبل ان تحمل بالمسيح، حيث جاء حديث حملها له عبر هذه الآية فلاحظ.
[1] . الجن / 26 ـ 28 . [2] . كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد 217 . [3] . الأنعام / 87 . [4] . الزمر / 37 . [5] . يس / 62 [7] . تنزيه الأنبياء للسيد المرتضى، وعصمة الأنبياء للفخر الرازي، ومفاهيم القرآن لجعفر السبحاني ج5 فصل عصمة الأنبياء. [8] . بحار الأنوار 70 / 22 . [9] . المصدر السابق: 70 / 18 ضمن الحديث 9 . [10] . قالَ الإمامُ عليُ بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ عن هذا الفريق: «هُم والجَنّةُ كَمَنْ قَدْ رآها فَهُمْ فيها مُنَعَّمون، وَهُمْ والنّارُ كَمَنْ قد رَآها فَهُمْ فيها مُعَذَّبُون» نهج البلاغة، الخطبة رقم 193 الموجّهة إلى همّام. [11] . آل عمران / 42 . [12] . آل عمران / 33 . [13] . « فَأشارَتْ إليه... » مريم / 29 .
من مقال الشيخ نستنتج أن :
أن العصمة لا تلازم النبوة أي أن ليس كل معصوم نبي ولكن كل نبي معصوم ، وبالدليل عصمة السيدة مريم بنت عمران وإن الله اصطفاها وطهرها من الزلل والرذائل على بقية النساء قبل تبشيرها للأمر العظيم ألا وهو ولادتها بالمسيح ابن مريم وهي سيدة نساء عصرها ..
أما الزهراء سلام الله عليها هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، ولأنها أبنتة سيد الأنبياء والرسل وخاتمهم وهو حبيب الله والمختص بفضائل جمه لا يسعنا المقام ذكرها ..
كونها ابنتُ نبي هل هو دليل كافي على عصمتها ؟؟
يتبع ....
التعديل الأخير تم بواسطة العقــــــــيلة ; 07-04-2010 الساعة 12:11 AM.