روي عن رسول الله (ص) قوله : " من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا من بعدي وليوال وليه وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنهم عترتي وخلقوا من طينتي " .
قال السلفي: الحديث لا يصح عن النبي (ص) ، فقد أخرجه الحاكم والطبراني وذكره الهيثمي ورواه أبو نعيم في ( حلية الأولياء ) كلهم من طريق يحيى بن يعلى الأسلمي وهو واه جدا .
الجواب الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه (1) قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه , وأبو نعيم في الحلية (2) و الطبراني (3) , وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) من طرق عن يحيى بن يعلى الأسلمي لا يوجد فيه الزيادة المذكورة هنا أي ليقتد وما بعده وإنا تنتهي إلى قوله (ص) : فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة .
نعم الرواية بالزيادة السابقة رويت في ( حلية الأولياء ) عن ابن عباس قال : حدثنا محمد بن المظفر حدثنا محمد بن جعفر بن عبد الرحيم حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد
بن سليم حدثنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى - اخو محمد بن عمران - حدثنا يعقوب بن موسى الهاشمي عن أبي رواد عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : " من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا من بعدي وليوال من وليه , وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهما وعلما , وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي للقاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي " (5) .
ورواه عنه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) معلقا عليه بقوله : " هذا حديث منكر وفيه غير واحد من المجهولين " (6) .
ورواه الرافعي في كتابه (التدوين في أخبار قزوين ) في ترجمه الحسن بن حمزة العلوي قال : روى عنه أبو نصر ربيعة بن علي العجلي فقال : حدثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوي قدم علينا قزوين سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ثنا سليمان بن أحمد ثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ثنا يعقوب بن المغيرة الهاشمي عن ابن داود عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس (رض) قال : قال رسول الله (ص) : " من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن فليوال عليا من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي لا أنالهم الله شفاعتي " (7) .
والحديث باللفظ المذكور عند الحاكم والطبراني مروي عن زيد بن أرقم وقد يتبادر من قول أبي نعيم في ( حلية الأولياء ) (8) بعد أن رواة بسند ينتهي إلى حذيفة : رواه شريك أيضا عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن
أرقم ورواه السدي عن زيد بن أرقم ، ولكن الذي يظهر من ابن عساكر أن السندين الأخيرين هما بلفظ " فليتمسك بحب علي " في آخره , وهو ما ذكره ابن الجوزي في ( الموضوعات ) وتبعه السيوطي في ( اللآلىء ) إلا في رواية الغلابي الآتية , وقد حاول الألباني في ( الضعيفة ) أن يوهم أن المضعف بلفظ " فليتول علي " (9) .
نعم ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) في ترجمة زياد بن مطرف بزيادة وذريته قال : " ذكره مطين والباوردي وابن جرير وابن شاهين في الصحابة وأخرجوا من طريق أبي إسحاق عنه قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من أحب أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل الجنة فليتول عليا وذريته من بعده " (10) .
والرواية التي رواها الحاكم والطبراني عن زيد رويت بلفظ " فليتول علي بن أبي طالب بعدي " بطرق أخرى منها : " عن حذيفة رواه أبو نعيم في ( الحلية ) قال : حدثنا فهد ابن إبراهيم بن فهد حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا بشر بن مهران حدثنا شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة مرفوعا (11) .
وذكر في علتها ضعف الغلابي , علما بأن ابن حبان ذكره في ( الثقات ) قال : " محمد بن زكريا بن دينار الغلابي ... يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات لأنه في روايته عن المجاهيل بعض المناكير " (12) .
ولكن لم ينفرد به الغلابي فقد رواه ابن عساكر بسند آخر فيه متابعة الحسين بن إسماعيل المهوي للغلابي في الرواية عن بشر بن مهران (13) , وقد تجاهل الألباني هذا السند .
وروى عن أبي ذر , ذكر الخبر ابن عساكر في تاريخه عن طريق جابر الجعفي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن أبي ذر (14) , وقد تغافل الألباني أيضا عن هذا السند في ( الضعيفة ) وجابر الجعفي وثق وضعف ولكن تضعيفه معلل بكونه رافضي أو بقوله بالرجعة . والرواية بلفظ " فليتمسك بحب علي " رويت بأسانيد عن زيد بن أرقم وأبي هريرة والبراء (15) .
والإنصاف يقتضي الحكم بحسن السند مع تعدد طرق الرواية وتصحيح الحاكم لها ، وتصحيح ابن حبان لرواية وصف فيها تزويج علي بن أبي طالب (ع) بفاطمة (ع) سندها يحيى الأسلمي قال : أخبرنا أبوشيبة داود بن إبراهيم بن داود بن يزيد البغدادي بالفسطاط حدثنا الحسن بن حماد حدثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ... الخ (16) .
وكذلك نقل عنه الترمذي في سننه باب ما جاء في رفع اليدين في الجنازة قال : حدثنا القاسم بن دينار الكوفي حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق عن يحيى بن يعلى عن أبي فروة ... الخ (17) .
والعجب من الألباني الذي بذل كل جهده في الحكم بأن الحديث موضوع لوجود الاسلمي يحكم هنا في رواية الترمذي بحسن السند , وقد ذكر ابن حجر في ترجمة يحيى بن يعلى الأسلمي أنه روى عن أبي فروة الرهاوي وروى عنه إسماعيل بن أبان الوراق (18) .
في الختام ما نريد قوله إن جعل الحديث في مصاف الموضوعات كما فعل الألباني من التعصب ضد فضائل أمير المؤمنين عليه السلام , و إلا مع غض النظر عما ذكرنا فالمقاييس والقواعد تقتضي الحكم بالضعف لا الوضع , لكنها قاعدة تنثلم عندما يكون الأمر متعلقا بفضائل علي (ع) .