قال نــــــــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، ان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، تعبيرعن نهج انساني يمكن ان يكون دواء لكل داء يصيب الامة، كتلك الامراض الاجتماعية والسياسية التي اصيبت بها شعوبنا العربية والاسلامية، اليوم على وجه التحديد.
واضاف نـــــزار حيدر الذي كان يتحدث في المهرجان الخطابي الذي نظمته الجالية العراقية في مركز الامام علي (ع) في العاصمة الاميركية واشنطن؛
لقد رسم الامام بنهجه الانساني والرسالي معالم الحلول الناجعة للامراض التي تصيب الامة في اي وقت من الاوقات، ولذلك لا نستغرب عندما تقول هيئة الامم المتحدة وفي القرن الواحد والعشرين، اي بعد مرور قرابة (14) قرنا على استشهاد الامام في مدينة الكوفة المقدسة، في تقرير برنامج التمنية الانمائي وحقوق الانسان لعام 2002 والتابع للامم المتحدة، ان الامام علي عليه السلام هو رائد العدالة الاجتماعية والسياسية، ويتضمن تقرير الامم المتحدة المذكور والذي جاء في (160) صفحة باللغة الانجليزية، مقتطفات من وصايا الامام اميرالمؤمنين عليه السلام الموجودة في نهج البلاغة، والتي يوصي بها عماله وقادة جنده، اذ يذكر التقرير بان هذه الوصايا الرائعة تعد مفخرة لنشر العدالة وتطوير المعرفة واحترام حقوق الانسان.
نعم لا نستغرب من ذلك، فلقد جسد الامام بنهجه الانساني الرباني قيم العدالة والمساواة والامانة وحقوق الانسان.
ان ما يؤسف له حقا، اضاف نـــــزار حيدر، هو ان الاخرين اكتشفوا نهج الامام ونحن، الاقرب اليه دينا ومذهبا ولغة وتراثا وقيما، لا زلنا لم نكتشف الامام، اذ لا زال الكثير من المسلمين ممن يدعون انهم يسيرون على نهج السنة النبوية الشريفة، يتعاملون مع علي من منطلق طائفي بغيض، لان الشيعة تحبه او لان الجماعة الفلانية بالغت في حبها، او ان آخرين الهوه، فاذا كانت قلة قد اخطات في فهم علي، فما ذنب الامام في ذلك؟ ولماذا يجب ان يتم التعامل معه بطائفية وكأنه لجماعة دون اخرى، او لطائفة دون غيرها؟.
عن امكانية ان يكون نهج الامام علي عليه السلام، دواء للامراض التي اصيب بها العراق اليوم على وجه التحديد، قال نـــــزار حيدر؛
اذا تعاملنا بصدق وواقعية ووعي مع نهج الامام، فسيكون نبراسا لنا، نحن العراقيون، وعند ذلك يمكن ان نجد فيه الدواء للداء العضال الذي ابتلينا به، الا اننا، وللاسف، نتعامل مع الامام ونهجه السياسي والاجتماعي وكانه تراث في الماضي او انه نهج مثالي لا يمكن الاستفادة منه في العصر الحاضر، او انه دليل طائفية من يتعامل معه او يسعى لاحيائه في الواقع اليومي، وان كل ذلك خطا كبير لا نظلم فيه الامام، فالامام لا يظلمه جهل الناس به، انما نظلم انفسنا اولا، ونظلم قيمنا التي ندعي اننا نؤمن بها، ثانيا.
ولو كان نهج الامام ماض انقضى او انه نهج مثالي، لما اوصى تقرير الامم المتحدة المشار اليه، الدول العربية ان تاخذ بهذه الوصايا في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، لانها (لا تزال بعيدة عن عالم الديمقراطية، ومنع تمثيل السكان، وعدم مشاركة المراة في شؤون الحياة، وبعيدة كل البعد عن التطور واساليب المعرفة) على حد قول التقرير.
واضاف نــــزار حيدر بالقول؛
لو تعامل المسلمون بعقول منفتحة مع نهج علي، لما شوهت عصبة من الارهابيين الذين ورثوا نهج العنف والانحراف والقتل والنزو على السلطة بغير حق من بني امية عبر التاريخ، صورة الاسلام الناصعة، وقيم السماء النبيلة التي جاء بها ديننا الحنيف.
ففي نهج علي يكمن السلام والتسامح والحوار والاعتراف بالاخر، واحترام الراي الاخر، واللين والتعامل الايجابي مع المعارضة ما لم ترفع السلاح لتفسد في الارض.
وبنهجه الرسالي والرباني نرسم معالم الديمقراطية الحقيقة التي تتجلى بابهى صورها بتنازل صاحب الحق عن حقه الشخصي من اجل الصالح العام، فبالله إضافة موضوع جديد ، اخبروني، قال نــــزار حيدر، من غير الامام علي عليه السلام، تنازل عن حقه من اجل الصالح العام؟ ومن غيره الذي وصل الى سدة الحكم ليس بالانقلابات والمؤامرات وتدبير الامور بالليل المظلم، وانما بطريقة ديمقراطية اعتمدت البيعة العامة وليس الخاصة كما فعل آخرون؟.
لذلك اقول، اضاف نـــزار حيدر، فان كل حديث عن الديمقراطية من دون نهج علي فهو هراء، وان اي حديث عن الكرامة من دون نهج علي فهو كذب، وان اي حديث عن الوحدة من دون نهج علي، فهو حديث افك، لا يرقى الى الحقيقة ابدا، فعلي عليه السلام هو الدين وهو الوحدة وهو الديمقراطية وهو الكرامة وهو التعددية وهو الصالح العام وهو الامانة والنزاهة.
واضاف نـــــــزار حيدر يقول:
يجب ان نتعامل مع الامام علي عليه السلام كمنهج يومي، في كل شئ، في علاقاتنا العائلية والاجتماعية وفي علاقاتنا مع الاخر، مهما كان هذا الاخر، كما يجب ان يكون دليلنا اليومي في العمل السياسي والنشاط الاقتصادي، كما يجب ان يكون دليل السلطة في العراق، فتتعلم من نهجه، الامانة والحرص على المال العام، الذي يقول عنه عليه السلام لما طلب منه بعض المسلمين ان يميزهم في العطاء {ان هذا المال ليس لي ولا لك، وانما هو فئ للمسلمين} او كما قال لاخرين {لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وانما المال مال الله}.
لقد رسم الامام عليه السلام معالم الامانة الحقيقية التي يجب ان يتميز بها كل من يتصدى للشان العام ، عندما خطب المسلمين مرة قائلا {ان خرجت منكم بغير القطيفة التي جئتكم بها من المدينة فانا خائن} وهو القائل {أعظم الخيانة، خيانة الامة} ففي نهج علي، فان كل من يمد يده على المال العام بغير حق فهو خائن، وان صام وصلى، وان رفع شعارات الوطنية والامانة والحرص، فالامانة ليست شعارا وهي ليست كلاما وادعاءا، بل انها ممارسة يومية يجب ان يثبتها ويثبت عليها الانسان، خاصة من يتصدى للشان العام، اما اولئك الذين يسمون السرقة بالهدية لتطهيرها من الدنس والرجس، فلنستمع الى رسول الله (ص) ماذا يقول في ذلك، ففي الرواية؛
حدثنا عبيد بن اسماعيل، حدثنا ابو اسامة عن هشام عن ابيه عن ابي حميد، قال؛
استعمل رسول الله (ص) رجلا على صدقات بني سليم يدعى بن اللتبية، فلما جاء، حاسبة، قال هذا مالكم، وهذا هدية، فقال رسول الله (ص) {فهلا جلست في بيت ابيك وامك حتى تاتيك هديتك ان كنت صادقا} ثم خطبنا فحمد الله واثنا عليه ثم قال {اما بعد فاني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فياتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية اهديت لي، افلا جلس في بيت ابيه وامه حتى تاتيه هديته، والله لا ياخذ احد منكم شيئا بغير حقه الا لقي الله بحمله يوم القيامة، فلاعرفن احدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء او بقرة لها خوار او شاة تبعر} ثم رفع يده حتى رؤي بياض ابطيه يقول {اللهم هل بلغت؟ بصر عيني وسمع اذني}.
فالى من يسرق من المال العام الذي هو حق العراقيين بلا استثناء او تمييز، اقول لهم؛
اتقوا الله في اموال العراقيين، وتذكروا ان حياتكم اياما معدودة وستردون الى عالم الغيب والشهادة وستقفون بين يدي الله عز وجل في يوم المحشر وستعرضون امام العالمين، فهل ستجيبون الخالق بما تجيبون به الناس في الدنيا؟.
وفي مسعى عملي لاحياء نهج الامام في حياتنا اليومية، اقترح نـــــزار حيدر، ان ينظم كل واحد منا برنامجا يوميا لقراءة ما لا يقل عن قول واحد من اقوال الامام علي عليه السلام، في نهج البلاغة، او سطر واحد من خطبه ورسائله الرائعة، وان نعلم ابناءنا اقوال الامام ليطلعوا على نهجه الرسالي الحضاري، فلا نبقى بعيدين عنه، جاهلين به، الامر الذي خلق كل هذه الهوة الكبيرة فيما بيننا وبينه.