كثيراً ما نقرأ في مشاركات وردود الأخوة والأخوات في المنتدى عبارة ( جعله الله في ميزان حسناتك ) أو ماشابه هذه العبارة فما معنى الميزان والمقصود به في يوم القيامة أصل الميزان في اللغة لا خلاف فيه فهو الآلة التي تقاس وتوزن بها الأشياء ولكن وقع الإختلاف في مفهومه ومعناه الوارد في القرآن الكريم على أقوال
1- أن في القيامة موازين كموازين الدنيا لكل ميزان لسان وكفتان توزن به أعمال العباد من حسنات وسيئات أخذاً بظاهر اللفظ وإختلفوا في الموزون هل هو الأعمال أو صحائف الأعمال
2- الميزان كناية عن العدل في الآخرة وأنه لا ظلم فيه على أحد ووضع الموازين هو وضع العدل وثقلها رجحان الأعمال بكونها حسنات وخفتها بكونها سيئات ورد في الحديث عن الصادق (ع) أنه سُئل عن الميزان فقال : الميزان العدل
3- الميزان هو كناية عن الحساب نفسه وثقل الميزان وحفّته كناية عن قلة الحساب وكثرته إستشهاداً بما روي عن علي (ع) : ومعنى { فمن ثقلت موازينه } و { من خفّت موازينه } فهو قلة الحساب وكثرته والناس يومئذ على طبقات ومنازل فمنهم من يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب .... إلى آخر الحديث
4- الرأي الرابع هو أن المقصود بالموازين هو الأنبياء والأوصياء لما روي عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } قال : الموازين هم الأنبياء والأوصياء
وجمعاً بين هذه الآراء نقول إن تفسير الميزان بالعدل أو بالنبي أو حتى بالقرآن إنما هي تفاسير بالمصداق فليس للميزان إلا معنى واحد وهو ما يوزن به الأشياء وهو يختلف على ضوء هذا فالنبي مصداقاً هو ميزان وكذا الوصي والقرآن ولتقريب الفكرة نقول أنه مثلاً يوم القيامة تقام الموازنة بين الناس وبين الأنبياء والأوصياء والقرآن فكلما كانت أعمالنا وعقائدنا شبيهة ومقاربة وموافقة لأولياء الله وللقرآن فسيكون ميزان أعمالنا ثقيلاً وهكذا كما ورد في الحديث عن الباقر (ع) عندما قال لبعض أصحابه : إعرض نفسك على ما في كتاب الله فإن كنت سالكاً سبيله .... فأثبت وأبشر فإنه لا يضرك ما قيل فيك وإن كنت مبائناً للقرآن فماذا الذي يغرك من نفسك
ولمزيد فائدة نستأنس برأي الفيلسوف صدر المتألهين الشيرازي يقول : "إن حقيقة الميزان ليس يجب أن يكون البتة مما له شكل مخصوص أو صورة جسمانية فإن حقيقة معناه وروحه وسرّه هو يقاس ويوزن به الأشياء والشيء أعم من أن يكون جسمانياً أو غير جسماني فكما أن القبان وذا الكفتين وغيرهما ميزان للأثقال فكذلك علم المنطق للفكر في العلوم النظرية ...... فالموازين مختلفة والميزان المذكور في القرآن ينبغي أن يحمل على أشرف الموازين وهو ميزان يوم الحساب وهو ميزان العلوم وميزان الأعمال القلبية الناشئة من الأعمال البدنية وإذا كان البشر قد إخترعوا موازين للأعراض كالحرّ والبرد أفيعجز الخالق الباري القادرعلى كل شيء عن وضع ميزان للأعمال النفسانية والبدنية "
· ملاحظة هامة
إن مسألة نصب الموازين ليست مسألة عامة لكل الناس على حد سواء بل هي للمسلمين فقط فلا يقام للكافرين والمشركين وزن يوم القيامة بل تبطل أعمالهم ويحشرون إلى جهنم زمراً كما في قوله تعالى
{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً }
· ما هي الأعمال التي تثقل الميزان
1- الشهادة بوحدانية الله ونبوة محمد (ص) كما جاء في الحديث عن النبي (ص) :" ....... واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل خفّميزان ترفعان منه وثقل ميزان توضعان فيه
2- ذكر الله تعالى وخصوصاً بعض الأذكار التي جاء فيها روايات بهذا المعنى مثلاً ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ) تملأ ميزان العمل يوم القيامة وغيرها
3- الصلاة على محمد وآل محمد فعن الباقر (ع) : ما في الميزان شيء أثقل من الصلاة على محمد وآل محمد ..."
4- حب النبي (ص) وآله (ع) كما ورد في الحديث " حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن ....... وعند الميزان
5- حسن الخلق ففي الرواية عن النبي (ص) " ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن "
6- مداد العلماء كما جاء في الرواية عن الصادق (ع) : ...... فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء