أحمد، تلميذ في الصف الأول الابتدائي، عمره سبع سنوات، لم يكن أحمد يختلف عن باقي زملائه في الفصل، إلا بشيء واحد؛ هو أنه كان قادرًا على القراءة، مما لفت انتباه معلمه في الفصل.
ولأهمية هذا الموضوع.
فقد حاول أحد الباحثين معرفة المزيد عن أحمد،وعن أسرته وفي بداية البحث كتب التقرير التالي:
كان أحمد أصغر إخوانه، وكان أبوه عاملا بسيطا. إخوته الأكبر سنًا يجيدون القراءة أيضًا.
وقد أوضحت نتائج البحث أن الأب يحب قراءة القصص مع أنه قد ترك المدرسة وعمره خمسة عشر عامًا، وكان يحكي هذه القصص لأولاده باستمرار، هذا الأب وزوجته يحبان القراءة بشكل عام.
وكانا دائمًا يصطحبان أطفالهما معهما للمكتبات العامة. لم يحاول أحد أن يعلم أحمد القراءة في سنواته الأولى، لكنه لما كان محاطاً ببيئة غنية بالكتب، وحوله أناس يقرؤون، فقد تعلم القراءة في هذه السن المبكرة.
تعتبر الأسرة البيئة التعليمية الأولى للطفل حيث يكتسب فيها المهارات الاجتماعية والسلوكية والتعليمية الملائمة والتي تهيؤه لدخول المدرسة حيث يتم تطوير وصقل تلك المهارات بشكل منظم .
وتعتقد بعض الأسر أن تزويد الأبناء بتلك المهارات وخاصة مهارات القراءة منها ، يبدأ مع تعلم أبناءهم الأحرف والنطق بها ، وذلك على الرغم من أن اكتساب هذه المهارة يتم قبل ذلك بكثير .
إن تنمية حب القراءة عند الأطفال وربطهم بالكتاب لا يعد من مهام المدرسة وحدها .
فقد أظهرت البحوث التربوية والنفسية أهمية السنوات الخمس الأولى في بناء شخصية الطفل وتحديد أنماط سلوكه مما يجعل أمر تربيته وتوجيهه شأنا يستحق العناية والجهد والتفكير(الكندري) (1992).
فقد توصلت كلاي ( 1975) من خلال دراستها التي هدفت إلى معرفة دور البيت والمدرسة في كيفية تعليم الأطفال القراءة.
إلى أن هناك كما هائلا من البحوث العلمية التي تدعم وجهة النظر القائلة بأن اتصال الطفل الكتب والمواد المطبوعة في البيت قبل التحاقه بالمدرسة له تأثير كبير على نموه المعرفي بعد التحاقه بها (النصار 2004).
وتشير العديد من الدراسات إلى أن العديد من الأطفال يلتحقون بالمدرسة وهم بالفعل يقرؤون ويكتبون . وبعد دراسة حالات من هؤلاء الأطفال استنتج الباحثون بأنهم قد " تعلموا القراءة بشكل طبيعي "
بمعنى أن قدرتهم على القراءة كانت تتطور بشكل مرادف لاكتسابهم اللغة أو تعلمهم المشي وقد أوضحت ( مورو ) أيضا بأن الأطفال يبدؤون باكتساب المعلومات حول القراءة والكتابة منذ لحظة ولادتهم .
وعلى الرغم أن المدرسة تلعب دورا حيويا في تنمية حب القراءة لدى الأطفال ، إلا أن الوالدين بأن يكونوا قدوة لأبناءهم في مرحلة ما قبل المدرسة . فإذا لم يكن البيت غنيا ومفعما بالقراءة ، فإن ارتباط الأطفال بها سيكون ضعيفا.
ويمكن للأطفال أن يتعلقوا بالقراءة حتى قبل أن يتعلموها ، ويزداد تعلقهم بها حينما يصبح وقت القراءة مفعما باللهو والمرح . ويتم ذلك عن طريق اللعب مع الأطفال وتشجيعهم على طرح الأسئلة ، والاستماع إلى الحكايات.
واصطحابهم لزيارة معارض الكتب والمكتبات ، وكذلك حثهم على الرسم والتلوين بما ينمي مهاراتهم في التعرف على الأحرف والأرقام
إن البيئة الأسرية المحفزة على العلم والمعرفة في مرحلة ما قبل المدرسة يعد من أهم العوامل التي تصقل مهارات القراءة والكتابة الأولية عند الأطفال . فعندما يشعر الطفل في هذه السن المبكرة بأن الكتب والمطبوعات والقصص موضع اهتمام الأسرة.
فإنه يحرص على اقتنائها والمحافظة عليها ، ومحاولة استكشافها ، ومن ثم التعود لاحقا على القراءة باعتبارها أمرا أساسيا في الحياة .