قرأت في إحدى المرات قصةً لاتزالُ بقاياها عالقةً في ذاكرتي بالرُغمِ مِن تَقادمِ الزَمن ..وهي تحكي عن رجُلٍ شكَ في كونهِ إنساناً..!!
بل وظنَ أنهُ بقرة..!!
فحاول أهلهُ إقناعهُ قدر المُستطاع أنهُ إنسان لكن دونَ جدوى
وباءت محاولاتهم بالفشل..:mad:
فما كان منهم أخيراً الا أن إستعانوا
بالشيخ الرئيس ابو علي بن سينا الذي إستطاع
وبطريقتهِ الذكية العبقرية الخاصة أن يؤكد حقيقة إنسانية هذا الإنسان
وأن يخرجهُ من وهم الشك والتشكيك والضياع ...
إنَ هذهِ القصة لها أكثر من مدلول منها مداليل طبية فسيولوجية
ومنها نفسية سيكلوجية ومنها مداليل ذات طابع فكري .. وما يهمنا هنا في هذه الحكاية او القصة هو مبدأ الشك في حدِ ذاتهِ فألأنسانُ بطبيعتهِ يُحبُ الجدل والسؤال والإستنتاج والتعليل ، ويمتلك غريزة حُبُ الفُضول والإستطلاع ومنها يكون مبدأ الشك والتشكيك مسموحٌ بهِ على هذا المستوى لأنهُ يقودهُ الى التوغلِ لعوالم المجهول ليضيء لنا وللآخرين شمعةً تنيرُ لنا ولو بعض أجزاءِ هذهِ العوالم .
لكِن المُشكلة تكمن في أن يُصبحَ مبدأ الشك في حدِ ذاتهِ مرضاً بدلَ أن يكونَ علاجاً .. وظلمةً بدلَ أن يكونَ قبساً من نور المعرفة ..وهذه الحالة تكون حين يُنكَرُ الدليل الوجداني من قبل المشكك والذي هو وآحد من أهمِ الأدلةِ الموصلة للحقائق والكاشفة عن المجاهيل ..
وهذا ايضاً يذكرني بحكاية لبطلِ قِصتنا الرئيس بن سينا حيثُ كانَ جالساً معَ أحدِ تلامذتهِ على الشاطئ حيثُ قام الشيخ الرئيس بالتشكيكِ بالماءِ الذي يجري بالنهر وإنكار حقيقة أنهُ ماء ..!!!
فأستحضر لتلميذهِ النجيب عشرات الأدلة التي تثبت رئي الشيخ بن سينا بعدم وجود الماء وبصحةِ تشكيكهِ ..!
فما كانَ من تلميذهِ إلا أن يُذعن ويُسلم بعدم وجودهِ تبعاً للأدلة المُقدمة من قبل الأستاذ ..حينها قام بن سينا ورش الماء على وجهِ التلميذ وقالَ لهُ : الماءُ موجود وجداناً بالدليل الوجداني أمامك فلا تستسلم للشك ولاتغفل عن الدليل الوجداني..
وهنا يتبين أن الدليل الوجداني والبداهة رغم بساطتهما تستطيع دحض عشرات الأدلة دون أيِ جُهدٍ يُذكر ..
إنَ المُشككين وبعض أتباع مبدأ الشك يحتاجونَ في كثير من الأحيان الى رشةِ ماءٍ في وجوههم كي تستيقظ حواسهم الغائِبة وَتستفيق أدمِغَتَهُم وأذهانهم على الحقيقة التي هي أوضح من الشمس..
فأحياناً يكون من الصعب إيضاح الواضح ..
وتوجد هناك مشكلة عندَ هؤلاء ألا وهيَ ((عدم إنتمائهم لمرجعية مُعينة)) ولا أقصد بالمرجعية ((دينية بل فكرية))
ولا الى قواعد بيانات وآضحة ونُسق فكري أيديولوجي واضح
فيكونون في الجدال والجدليات والنقاش والمحاورات والمناظرات وسمي ماشئت أشبه ما يكونون من مخلوق هُلامي الشكل لا لون ولاطعم ولا رائحة
مما يدفعهُم لاشُعورياً الى الجدل في النهاية من أجل الجدل وليس من أجل الحقيقة لأنهم وقعوا في مرض الشك الذي جعلهم يُنكرون ويشكون في كل حقيقة .. فلو آمنَ بحقيقة ما فهو ليس شكاك
وكما ذكرت في القصة الأولى فالشكاك قد يصل لنتيجة أنهُ ينكر حتى إنسانيته وآدميتهُ ليتحول إيمانهُ الى ((حقيقة)) ليست حقيقية بل وآهمة هو يعتقدها حقيقة ((كأعتقاد ذاكَ بأنهُ بقرة))
هنا هو يتصور أنهُ يمتلك حقيقة ما لكن حقيقة الأمر أنهُ لايشترك مع البقرة الا في أنهُ يستحق الذبح :rolleyes:
((قالَ إذبحوا بقرة ))