الحقيقة لم تفصح مصادر الخلافة كيف توفيت عائشة لكن المؤشرات ورواية الأعمش وغيرها تذكر أن معاوية قتلها بعد قتل أخيها عبد الرحمن.
فقد نقل في (الصراط المستقيم: 3/ 47) تعليق الأعمش على قول معاوية: ((ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا تحجوا ولا لتزكوا أنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون! ألا واني كنت منيت الحسن واعطيته اشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها له)). قال الأعمش رحمه الله: ((هل رأيتم رجلا أقل حياء منه؟ قتل سبعين ألفا فيهم عمار وخزيمة وحجر وعمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر والأشتر وأويس وابن صوحان وابن التيهان وعائشة وأبي حسان ثم يقول هذا؟!)) أنتهى.
فهذا تصريح من الأعمش بأن معاوية قتل عائشة!!
وقال الحاكم (3: 76): ((أنها قالت عند موتها: الحمد لله الذي يحيي ويميت أن في هذه لعبرة لي في عبد الرحمن بن أبي بكر! رقد في مقيل له قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات فدخل نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شر أو عجل عليه فدفن وهو حي فرأت أنه عبرة لها)). (شعب الإيمان: 7/ 256وتاريخ دمشق: 35/ 38).
وهذا يعطي ضوءاً على ظروف سم عبد الرحمن وظروف موت عائشة!
قال البياضي العاملي في (الصراط المستقيم: 3/ 630)، ونحوه في (3/ 45): ((وقال صاحب المصالت: كان معاوية على المنبر يأخذ البيعة ليزيد (في المدينة) فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال لا,قالت فبمن تقتدي؟ فخجل، وهيأ لها حفيرة فوقعت فيها وماتت)) انتهى، ومعنى خجل معاوية أنه أفحم!
على ان معاوية لا يحتاج لأن يحفر لها حفرة ويغطيها لتسقط فيها إلا أن يكون ذلك مساعداً لمجموعته المتخصصة في السم بادارة طبيب يهودي!
كما لا نستبعد نقمة مروان الذي اصطدم بها وبأخيها عبد الرحمن بشدة وهددته بقولها: ((يا مروان افينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن والله لأقومنَّ من يوم الجمعة بك مقاماً تود اني لم اقمه))! (الأغاني: 17: 375)، لكن عائشة ماتت قبل ان تقف وتخطب يوم الجمعة، كما مات أبي بن كعب يوم الأربعاء قبل أن يقوم يوم الجمعة ويفضح أهل الصحيفة والعقدة!
وقد استنكر معاوية على ابن عمر بكاءه على عائشة!
ففي (وفيات الأعيان 3/16): ((ولما ماتت بكى عليها ابن عمر فبلغ ذلك معاوية فقال له: اتبكي على أمرأة؟ فقال: إنما يبكي على أم المؤنين بنوها، وأما من ليس لها بابن فلا ...))