|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 44479
|
الإنتساب : Oct 2009
|
المشاركات : 557
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
آيــة المـباهلة
بتاريخ : 20-12-2009 الساعة : 02:41 AM
قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ).
البهل هو ترك الشيء غير مراعى، كأنْ تترك الحيوان مثلاً من غير أن تشدّه، من غير أن تربطه بمكان، تتركه غير مراعى، تخلّيه وحاله وطبعه.
وهذا المعنى موجود في الروايات بعبارة: «أوكله الله إلى نفسه»، فمن فعل كذا أوكله الله إلى نفسه..وهو دقيق جدا ، نقول في الدعاء «ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً»، وإنّه لمعنى جليل وعميق جدّاً، لو أنّ الانسان ترك من قبل الله سبحانه وتعالى لحظة، وانقطع ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وانقطع فيض الباري بالنسبة إليه لحظه واحده، لانعدم هذا الانسان وهلك.
الآية الكريمه تأمر النبي الاكرم بتحدي النصارى والمباهلة معهم ، وان يُخرج من يُباهل بهم معه .
الذين اخرجهم النبي الاكرم للمباهله هم 4 علي وفاطمه والحسنان عليهم السلام جميعا.
{فقل تعالوا ندعُ ابنائنا } اخرج النبي الاكرم الحسنان {ع}.
{ونسائنا } الزهراء {ع}.
{ وانفسنا } علي{ع} .
ولعلّ أوّل من استدلّ بهذه الاية المباركة هو أمير المؤمنين (عليه السلام)نفسه، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة، وهذه القصّة، وكلّهم أقرّوا بما قال أمير المؤمنين، وصدّقوه في ما قال، وهذا
الاحتجاج في الشورى مروي أيضاً من طرق السنّة أنفسهم .
وأيضاً لما سئل المأمون العباسي الامام الرضا (عليه السلام)قال: هل لك من دليل من القرآن الكريم على إمامة علي، أو أفضليّة علي ؟
فذكر له الامام (عليه السلام) آية المباهلة، واستدلّ بكلمة: (وأنفسنا) .
لانّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أُمر أنْ يخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة فقط، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين فقط، وأُمر بأن يخرج معه نفسه، ولم يخرج إلاّ علي، وعلي نفس رسول الله {طبعا لانقول انه يوجد اعظم واجل واكرم من سيد الرسل محمد عليه واله الصلاة، لكن حسب الايه الكريمه اختار رسول الله وبأمر الله عليا ليكون مصداقا ل انفسنا } ...
كون علي نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد، ، فأقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي في مثل هذا المورد هو أن يكون علي مساوياً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلاّ أنّ المساواة مع رسول الله في جميع الجهات وفي جميع النواحي حتّى النبوّة ؟ لا.
فتخرج النبوّة بالاجماع على أنّه لا نبي بعد رسول الله، وتبقى بقيّة مزايا رسول الله، وخصوصيات رسول الله، وكمالات رسول الله، موجودةً في علي بمقتضى هذه الاية المباركة.
من خصوصيّات رسول الله: العصمة، فآية المباهلة تدلّ على عصمة علي بن أبي طالب قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كرسول الله قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أفضل جميع الخلائق، أفضل البشر والبشريّة، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى العالم وخلق الخلائق كلّها، فكان أشرفهم رسول الله محمّد بن عبدالله، وعلي كذلك من بعده .
والاحاديث كلّها وإنْ اختلفت ألفاظها، اختلفت أسانيدها، اختلفت مداليلها، لكنّ كلّها تصبّ في مصب واحد، وهو أولويّة علي، وهو إمامة علي، وهو خلافة علي بعد رسول الله بلا فصل.
فمثلا حديث الغدير: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه»...وكثير غيره في نفس الهدف والمعنى .
لما وصلوا لمكان المباهله قال رسول الله {ص} لعلي وفاطمة والحسنين: «إذا أنا دعوت فأمّنوا»، أي فقولوا آمين، وأيّ تأثير لقول هؤلاء آمين، أن يقولوا لله سبحانه وتعالى بعد دعاء رسول الله على النصارى أن يقولوا آمين، أيّ تأثير لقول هؤلاء ؟ ألم يكف دعاء رسول الله على النصارى حتّى يقول
رسول الله لفاطمة والحسنين وهما صغيران أن يقول لهم قولوا آمين ؟ .
إذن، كان لعلي ولفاطمة وللحسنين سهم في تقدّم الاسلام، كان علي شريكاً لرسول الله في {انفسنا } فقد كان مصداقا لنفس رسول الله {ص } .
وهذا معنى (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) ، فهارون كان ردءاً يصدّق موسى في رسالته، وهارون كان شريكاً لموسى في رسالته.
وهذا معنى: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي».
وقد قلت من قبل: إنّ الاحاديث هذه كلّها تصب في مصبّ واحد، ترى بعضها يصدّق بعضاً، ترى الاية تصدّق الحديث، وترى الحديث يصدّق القرآن الكريم، وهكذا الامر فيما يتعلّق بأهل البيت:
رسول الله يجمع أهله تحت الكساء فتنزل الاية المباركة آية التطهير، وفي يوم الغدير ينصب عليّاً ويعلن عن إمامته في ذلك الملا فتنزل الاية المباركة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(1) .
وأي ارتباط هذا بين أفعال رسول الله والايات القرآنيّة النازلة في تلك المواقف، ارتباط وثيق، يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) ويخرج رسول الله بعلي وفاطمة والحسن والحسين فقط، وهذا هو الارتباط بين الوحي وبين أفعال رسول الله وأقواله.
إذن، فالاية المباركة غاية ما دلّت عليه هو الامر بالمباهلة، وقد عرفنا معنى المباهلة، لكن الحديث دلّ على خروج علي وفاطمة والحسن والحسين مع رسول الله.
الاية المباركة ليس فيها إلاّ كلمة: (وأنفسكم) لكن الحديث فسّر تفسيراً عملياً هذه الكلمة من الاية المباركة، وأصبح علي نفس رسول الله، ليس نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي، فكان كرسول الله، كنفس رسول الله، فكان رسول الله يقول مهدّداً إحدى القبائل: «لتنتهنّ أو لارسل إليكم رجلاً كنفسي»، وكذا ترون في قضيّة إبلاغ سورة البراءة، إنّه بعد عودة أبي بكر يقول: بأنّ الله سبحانه وتعالى أوحى إليه بأنّه لا يبلّغ السورة إلاّ هو أو رجل منه، ويقول في قضيّة: «علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي»، وهو حديث آخر، وهكذا أحاديث أُخرى يصدّق بعضها بعضاً.
|
|
|
|
|