بعد ان ثبت ان لكل نبي وصي و طبعا ان الوصي لكل نبي يختاره الله تعالى لنبيه --
ثم ننقل ما روى متواترا من كتب اهل السنة بان الامام امير المومنين علي بن ابي طالب عليه السلام هو الوصي لنبي الاسلام عليهم السلام:
يروي كثير من المحدثين والمؤرخين وأصحاب السير، أنه لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بني عبد المطلب مرتين، وفي الثانية قال لهم: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب، جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى: أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فأحجم القوم عنها جميعا قلت (أي الإمام علي): وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا:
(أنا يا نبي الله أكون وزيرك)، فأخذ صلى الله عليه وسلم، برقبتي، ثم قال: (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا). قال: فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع
---
تفسير الطبري 19 / 74 - 75 (ط بولاق)، شرح نهج البلاغة 13 / 210 - 212، السيرة الحلبية 1 / 460 - 461، أبو جعفر الإسكافي: نقض العثمانية، تفسير ابن كثير 3 / 561 (وانظر روايات أخرى في 3 / 558 - 562)، ابن الأثير: الكامل في التاريخ 2 / 63، مهدي السماوي: الإمامة في ضوء الكتاب والسنة ص 133 - 143 (القاهرة 1977)، الفيروزآبادي: فضائل الخمسة 1 / 333 - 337.
---
وروىالطبري في تاريخه بسنده عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا علي، إن الله أمرني، أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر، أرى منهم ما أكره، فصمت عليه، حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد: إنك ألا تفعل ما تؤمر به، يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رحل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا - يزيدون رجلا أو ينقصونه - فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم، حذية من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة.
ثم قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشئ حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، وأيم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكلمهم، بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال:
لهد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم، ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الغد يا علي، إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم.
قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأطمشهم ساقا: أنا، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثم قال: (أنت أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا)، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع).
وروى الإمام الطبري أيضا في تاريخه بسنده عن أبي صادق عن ربيعه بن ناجد، أن رجلا قال لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك صلى الله عليه وسلم، دون عمك؟ فقال علي: هاؤم! ثلاث مرات، حتى اشرأب الناس، ونشروا آذانهم، ثم قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، - أو دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم - بني عبد المطلب، منهم رهطة، كلهم يأكل الجذعة، ويشرب الفرق (مكيال يكال به اللبن)، قال: فصنع لهم مدا من طعام، فأكلوا حتى شبعوا، وبقي الطعام، كما هو: قال: ثم دعا بغمر، فشربوا حتى رووا، قال: ثم قال: يا بني عبد المطلب، إني بعثت إليكم بخاصة، وإلى الناس بعامة، وقد رأيتم من هذا الأمر، ما قد رأيتم، فأيكم يبايعني على أن يكون: أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقيم إليه أحد، فقمت إليه - وكنت أصغر القوم - قال: فقال: إجلس، قال: ثم قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه، فيقول لي: إجلس، حتى كان في الثالثة، فضرب يده على يدي، قال: فبذلك ورثت ابن عمي صلى الله عليه وسلم، دون عمي
تاريخ الطبري 2 / 319 - 322 (ط دار المعارف - القاهرة 1977)