[نور المستوحشين]

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمةعلى أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.
إليك سيدتى أيتها الصديقة الشهيدة يا أم أبيها يا بضعة المصطفى .. و روحه التي بين جنبيه أيتها الحوراء الإنسية يا فاطمة يا مشكاةُ نورتحيا به النفوس وجرحاً غائراً فى القلوب يا آيةَ الطُهرِ والعفاف يا بنت الوحي وروحُ الكمال وزوجة خير الأوصياء وأم الائمة الأطهار ياسيدةَ نساءِ العالمين من الأولينَ والآخرين وأكبر حجج الله على الخافقين يا إسمٌ يتوجه نحوه الملايين وسرٌ يتوق لمعرفته المحبين يا زهراء.. ننحني إجلالاً أمام مقامكِ الشامخ ونُهدى إليك هذا القليل مما فاض به القلم من كلمات متواضعة تقاطرت بعشقها السامي
تتناول اليسير من سيرتك المباركة بآهات حزن من القلب ، ننثرها بين طيات هذه الصفحات كتعزية بذكرى شهادتك الاليمة راجين من الله الثواب ومنك الشفاعة ...




حار فكري في التحدث عنها ... ماذا وماذا عسانى أقول ؟! فمهما عرفت سيبقى القليل ولسوف أقف مبهورة أمام تلك الحورية التي أسكنها الله الأرض , لكن انظروا كيف تعامل معها أهل الأرض !!! الذين أدعوا بإنهم مسلمين وبإنهم من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم , كسروا ظلماً ضلع ابنة خير المرسلين وخاتمهم .. ضربوها , أسقطوا المحسن بين الحائط والباب , لطموا عينها فسلام الله عليكِ سيدتي ... يا ممتحنة أمتحنكِ الذي خلقكِ قبل أن يخلقكِ وكنت لما امتحنكِ به صابرة ... سيدتي مولاتي يا فاطمة الزهراء : لُقبتِ وسميتي بالصديقة , الطاهرة , أم الحسنين , أم الأئمة , وأم أبيها ... لعله الأقرب لقلبكِ , وإن دل على شيء فإنه يدل على حبكِ الباهر , فكيف لا يكون هذا اللقب مميزاً وأنتِ التي احتويتي أبيكِ (صلى الله عليه وآله وسلم )بكل ماتحمله معاني العطف والحنان بعد فقد أمكِ خديجة رضوان الله عليها يامن فديتي أباكِ بروحكِ خدمته بمقلتيكِ قمتي بمداراته ورعايته قمتي بمهام الأم من عطف وحنان ورعاية , حتى أنه (صلى الله عليه وآل وسلم) قرن رضا الله برضاكِ وغضبه بغضبكِ وما أن يراكِ رسول الله إلا وزالت وأنجلت همومه ... سمعت بل وأدركت بإن الرسول (صلى الله عليه وآل وسلم) يقبل يديكِ ويخصكِ بالزيارة عند كل عودة منه إلى المدينة المنورة , يودعكِ في كل أسفاره , وكأنه يتزود من هذا النبع الصافي عاطفة لسفره .. كما يتزود الولد من أمه , فلا يدخل بيتكِ إلا ويستأذن وما إن أقبلتِ عليه إلا وقال : " مرحباً بأم أبيها " هذه الكلمات رغم أنها صغيرة لكنها تحمل العديد من المعاني الكبيرة المملوءة بالحب , المملوءة بالأمل بالعطف وكل مافي القلب البشري من الرقة والعذوبة , فإن دل هذا اللقب على شيء إنما يدل على مكانتكِ عنده (صلى الله عليه وآل وسلم) حيث أنكِ تمثلين له العقل من العقل , والروح من الروح , فمن هذا المفهوم نجد أن حياتكِ كلها ممزوجة بحياته , كنتِ معه روحاً وعقلاً , يقدم لكِ ضروب الإحترام وألوان التعظيم , حتى وصل الأمر أن يقوم لكِ إجلالاً وتعظيماً , يأخذ يدكِ , يقبلها ثم يجلسكِ إلى جانبه وإذا قبلكِ قال : أشم من فاطمة رائحة الجنة .. فكيف لا تكوني كذلك ؟!وكيف لا تحملي كل هذه المنزلة العظيمة عند الله وعنده (صلى الله عليه وآل وسلم) ؟! فأنتِ من كونت نطفتها ثمار الجنة , حملتكِ الأصلاب الطاهرة , كيف لا يكون ذلك وأنتِ التي نشأت في كنف النبوة وترعرعت في حضن الإيمان ,تغذيتي بنبع الرسالة السماوية , فأنتِ وما نلتهِ من القداسة والرفعه ...
أم أبيها : سر من الأسرار التي أختصصتي بها سيدتي ومولاتي (سلام الله عليكِ) لو تمعنا في هذه التسمية لوجدنا أن الزهراء (عليها السلام) هي امتداد لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) , فلم يجعل الله عز وجل ذريه لرسوله إلا من خلال الزهراء وأمير المؤمنين (عليهم السلام ) فالملايين من العلويين والموسويين هم أبناء علي وفاطمة (عليهم السلام ) وهاهم يملئون الدنيا من شرقها وغربها وشمالها وجنوبها .. فالسبب الرئيسي لوجودنا هو أمهاتنا .. إذاً فاستمرار الإسلام , بقاء رسالة السماء ,حفظ القرآن الكريم , عقائده ومناهجه إنما يكون بواسطة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ومن خلال ذريتها , فهي مصدر ذرية رسول الله , منبع نسله وهذا ما كان يراه الرسول في فاطمة من خلال تطلعه إلى آفاق المستقبل الذي سيكون لولد فاطمة .. الزهراء (سلام الله عليها) ساهمت في خلود أبيها ودين أبيها إلى يوم القيامة من خلال أبنائها وأولهما الإمامين الحسن والحسين وأحفادهما من علماء أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين .. وكفى بهذا فخراً بأن تكون للمرء أماً تخلده أبد الدهرِ ..

النبي والعترة الطاهرة هم حجج الله على العباد..
وجعل بينهم مشكاة نور تُضئ السموات والأرض وهي الحوراء الإنسية بنت خير الأنبياء وأم النجياء , سيدتنا فاطمة الزهراء ((صلوات الله وسلامه عليها))فاطمة هي المرأة العظيمة والمربية الفاضلة التي لولاها لما خلق الله السموات والأرض .ولولاها لما خلق الله الأنبياء والأوصياء , ولولاها لما خلق الله النبي والوصي ..

انتقلت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام إلى البيت الزوجي ، وكان انتقالها من بيت الرسالة والنبوة إلى دار الإمامة والوصاية والخلافة والولاية ، وحصل تطور في سعادة حياتها ، فبعد ان كانت تعيش تحت شعاع النبوة صارت تعيش قرينة الإمامة .ولنا عبرة في السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
حقاً إن هذه السيدة الجليلة عظيمة ، فهي شمعة مضيئة على مر العصور والأزمان...فقد كانت نعم الزوجة والمربية والعاملة العالمة ...
كانت حياتها في البيت الزوجي تزدادُ إشراقاً وجمالاً إذ عاشت
في جوٍّ تكتنفه النزاهة والقداسة ،وتحيط به عظمة الزهد وبساطة العيش ،
وكانت تعين زوجها على أمر دنياه وآخرته ،وتتجاوب معه في اتجاهاته
الدينية ، وتتعاون معه في جهوده وجهاده ...فإن السيدة فاطمة الزهراء
كانت عارفة بحق علي عليه السلام حق معرفته ،وتُقدره حق قدره ،
وتُطيعه كما ينبغي ،كانت حياتها الزوجيةحياة لايعكرها الفقر ، ولاتغيرها الفاقة ، ولاتضطرب بالحوادث .عاش علي( ع) وفاطمة (ع) في بيتهما المتواضع حياًة يهبُ عليها نسيم الحب والوئام ..

ففي البحار عن المناقب قال علي عليه السلام :
(فو الله مااغضبتها ولا اكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً
، لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان ).
وفي تفسير العياشي عن الإمام الباقر عليه السلام :
( إن فاطمة عليها السلام ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز ن وقمّ البيت وضمن لها علي عليه السلام ماكان خلف الباب : نقل الحطب وان يجيء بالطعام )


ومما لاشك فيه كون تربية الأبناء من الوظائف الحسّاسة والمهام الثقيلة التي تقوم بها الأم
فلقد جسدت مولاتنا فاطمة مع أمير المؤمنين سلام الله عليهما أسمى
صور التربية الإسلامية الحقة والتي أُسُّها وأساسها الرحمة والمحبة...
فكلما كان لنا من عطائهم قبس سُعدنا ووفقنا في توجيه وتربية أبنائنا
وكلما ابتعدنا شقينا وصعبت أمورنا...
فقد أنجبت فاطمة الزهراء (ع)خمسة أطفال هم : الحسن والحسين وزينب وأُمّ كلثوم في حين إسقط جنينها المحسن قبل ولادته
(وقد قدّر الله تعالى أن يكون نسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذرّيته من فاطمة ( عليها السلام )
وقد تجلّت هذه المسئولية في تربيتها للحسن ( عليه السلام ) الذي أعدّته متحملاً مسؤولية قيادة المسلمين ، ومتجرعاً للغصص في أحرج اللحظات من تأريخ الرسالة .
وقد ربّت الحسين ( عليه السلام ) الذي إختار التضحية بنفسه وجميع أهله وأعزّ أصحابه في سبيل الله ،
ومن أجل مقارعة الظلم والظالمين ، ليُروّي بدمه شجرة الإسلام الباسقة..
كماربَّت الزهراء ( عليها السلام ) زينب وأُمّ كلثوم ، وعلّمتهن دروس التضحية والفداء والصمود أمام الظالمين ،
حتى لا يخضعن للظالم وقوّته ، ويقلن الحقّ أمام جبروت بني أُميّة بكلّ جرأة وصراحة ...
لقد كان البيت العلوي الفاطمي حافلا بالدروس والمواعظ
هناك العديد من صور تربية الزهراء لابنائها والرعايه بهم
الزهراء عليها السّلام تطحن بيديها وتُرضع ولدها