|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14474
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 411
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فطومة الحلوة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 16-03-2009 الساعة : 02:32 PM
... الجـــــزء الثـــــامن ...
... وادي بـــــرهـــــوت ...
خرجنا من القبر وكان (( حسن )) يتقدمني وأنا أتبعه على بعد مسافة قليلة , ولم يدع لي الخوف والرهبة لحظة أعيش فيها بأمان , وكلما تقدمنا يزداد المكان انفتاحا وتصبح المناظر أكثر دهشة .
ثم طلبت من (( حسن )) أن لا يبتعد عني وأن يكون معي جنبا إلى جنب وقدما بقدم وأن ينقل خطواته بهدوء ؟
فتوقف (( حسن )) وقال : قد أودعوك عندي كي أؤنسك وأعينك حتى تصل وادي السلام بسلام , لهذا فإنني أسيرأمامك قليلا لتعرف الطريق جيدا . وتوقف هنيئة ثم واصل كلامه قائلا : بطبيعة الحال إذا ما استطاع الذنب من خديعتك أو أجبرك على مرافقته فإننا سنصل متأخرين لا محالة .
منذ ذلك الحين ازداد اضطرابي وأخذ يتصاعد عندي احتمال ظهور الذنب من جديد .
لقد قطعنا الطريق رغم ما اعترضنا خلاله من مشاكل حتى وصلنا جبلا استطعنا بصعوبة بالغة الصعود إلى قمته , وعلى مرأى منا تبين وادي مترامي الأطراف وأجواؤه قد ملئت دخانا ونيرانا .
نظرإلي (( حسن )) وقال : هذا هو وادي برهوت وأنت ترى الآن مشهدا منه فقط .
فأمسكت بـ(( حسن )) وقلت : إنني أخاف هذا الوادي .
لنسلك طريقا أكثر أمانا منه .
توقف (( حسن )) وقال : هذا هو طريق عبورك , ولكن سوف لن أتركك ما استطعت وسأقاوم بإعانتك عند مواضع الخطر قللت كلمات (( حسن )) من اضطرابي وخوفي نوعا ما , ولكن لازلت أشعر بالقلق في داخلي .
خيم الصمت علينا للحظات : توجهت بعدها لـ(( حسن )) وقلت له : ألا يوجد طريق أكثر أمانا من هذا الطريق ؟
أدار بوجهه نحوي وقال : من الأفضل أن تعلم أن الناس جميعا سواء المؤمن أو الكافر لابد لهم من العبور يوم القيامة على جسر يسمى (( الصراط )) يشرف على النار , فمن استطاع العبور بسلام دخل الجنة وإلا فإن أدنى زلة ستؤدي إلى قعر جهنم , وفي عالم البرزخ صورة من الجنة والنار فقط ولا يمكن مقارنته بيوم القيامة العظيم , ووادي برهوت يشابه الصراط في يوم القيامة ولابد من العبور عليه حتى بلوغ وادي السلام بسلام وبكل جدارة , ولكن الويل للمثقلين ومن أحاط بهم العذاب أو التيه على أقل تقدير .
فكرت قليلا وقلت : لا حيلة أمامي ... علينا المسير على بركة الله . توجهنا نحو تلك الصحراء الشاسعة , وكلما أمعنا في المسير تأخذ حرارة الجو بالتزايد ولما وصلنا سطح الأرض ضاقت نفسي فطلبت من (( حسن )) التوقف للإستراحة لكنه رفض وواصل الطريق وقال لي : أمامنا طريق طويل وخطير فلا تضيع الوقت , فكلما أسرعنا في مسيرنا استطعنا الخلاص أسرع .
قلت : أنا لا أستطيع فقد أنهكتني شدة الحرارة , وفي تلك الحال حيث العرق يتصبب من رأسي ووجهي , سقطت على الأرض فسقاني (( حسن )) جرعة من الماء الذي كان معه , وفي الوقت الذي كان لم يزل يئن من جروحه رفعني ووضعني على ظهره وواصل الطريق .
هنا أصابني الخجل والسرور في آن واحد لأنه لم يتركني لوحدي رغم ما به من جروح وأخذ يواسيني كصديق حميم .
ونحن نسير في طريقنا لفت انتباهي صوت رهيب , فنظرت نحو الجانب الأيسر من الصحراء , فذعرت لما شاهدت مما دفعني إلى أن ألقي بنفسي من أعلى كتف (( حسن )) ودون اختيار مني احتميت به .
كان هناك شخصان عظيمي الجثة أسودين تتطاير من فمهما وأنفيهما النيران والدخان وشعرهما يخط الأرض ويحمل كل منهما عمودا ضخما من حديد .
اضطربت وقلت لـ(( حسن )) من هؤلاء ؟! ربما يتوجهان نحونا !
تبسم (( حسن )) وقال : لا تخف , فهؤلاء منكر ونكير متوجهان نحو كافر جاء لتوه من الدنيا ليسألاه كما سألاك , قلت : هؤلاء أكثر قبحا . قال : إنهما مشغولان مع كافر الآن .
مضى قليل من الوقت فسمعت صوت سقوط شيء ما هز الأرض تحت أقدامي , ولما سألت (( حسن )) عن السبب أجاب : إنها ضربة نزلت على ذلك الكافر .
من الآن فصاعدا ستسمع الكثير من هذه الأصوات التي تهز الأرض .
ان شاء الله أضع البقية غدًا...
|
|
|
|
|