وباسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر ( محمد ) بن جرير الطبري في كتابه قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال : حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال : تقلدت عملا من أبي منصور بن صالحان وجرى بيني وبينه ما أوجبت استتاري فطلبني وأخافني فمكثت مستترا خائفا ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة وكانت ليلة ريح ومطر فسألت أبا جعفر القيم أن يغلق الأبواب وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة وأمن من دخول انسان مما لم آمنه وخفت من لقائي له ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع ومكثت أدعو وأزور واصلي .
فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عنده مولانا موسى وإذا رجل يزور فسلم على آدم وأولي العزم ثم الأئمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان فلم يذكره فعجبت من ذلك وقلت له : لعله نسي أو لم يعرف ؟ أو هذا مذهب لهذا الرجل .
فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلي عند مولانا أبي جعفر فزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام . وصلى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه ورأيته شابا تاما من الرجال عليه ثياب بيض وعمامة محنك وذؤابة ورداء على كتفه مسبل فقال : يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج فقلت : وما هو يا سيدي ؟ فقال : تصلي ركعتين وتقول : " يا من أظهر الجميل وستر القبيح ، يامن لم يؤاخذ بالجريرة ، ولم يهتك الستر ، يا عظيم المن ، يا كريم الصفح ، يا حسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة يا منتهى كل نجوى ويا غاية كل شكوى يا عون كل مستعين يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا رباه عشر مرات يا سيداه عشر مرات يا مولياه عشر مرات يا غايتاه عشر مرات يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرات أسألك بحق هذه الأسماء وبحق محمد وآله الطاهرين إلا ما كشفت كربي ونفست همي وفرجت غمي وأصلحت حالي " .
وتدعو بعد ذلك ما شئت وتسأل حاجتك ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول مائة في سجودك : " يا محمد يا علي ! يا علي يا محمد ! اكفياني فإنكما كافياي ، وانصراني فإنكما ناصراي " وتضع خدك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرة أدركني وتكررها كثيرا وتقول : " الغوث الغوث الغوث " حتى ينقطع النفس وترفع رأسك فان الله بكرمه يقضي حاجتك إنشاء الله .
فلما شغلت بالصلاة والدعاء خرج فلما فرغت خرجت إلى أبي جعفر لأسأله عن الرجل وكيف دخل ؟ فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة فعجبت من ذلك وقلت : لعله بات ههنا ولم أعلم فانتهيت إلى أبي جعفر القيم فخرج إلى عندي من بيت الزيت فسألته عن الرجل ودخوله فقال : الأبواب مقفلة كما ترى ما فتحتها فحدثته بالحديث فقال : هذا مولانا صاحب الزمان وقد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس .
فتأسفت على ما فاتني منه ، وخرجت عند قرب الفجر ، وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسألون عني أصدقائي ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطه فيها كل جميل فحضرته مع ثقة من أصدقائي عنده فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه وقال : انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان ؟ فقلت : قد كان مني دعاء ومسألة فقال : ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان في النوم يعني ليلة الجمعة وهو يأمرني بكل جميل ويجفو علي في ذلك جفوة خفتها .
فقلت : لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق ومنتهى الحق رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي كذا وكذا وشرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى ، وبلغت منه غاية ما لم أظنه ببركة مولانا صاحب الزمان .