اختلفت الروايات حول موقع دفن راس الامام الحسين عليه السلام،ومن هذه المناطق التي يتوقع ان يكون مدفون بها:
الأول : في المدينة المنورة :
ذهب فريق من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف للإمام الحسين ( عليه السلام ) دفنه حاكم المدينة في البقيع إلى جانب أمه فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كما روي في تذكرة الخواص .
فقد ذكر أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمة ( عليها السلام ) فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليها ، فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به ، فكفن ودفن عند أمه فاطمة ( عليها السلام ) .
ويضعف هذا ، أولاً : بأنه مبني على إثبات القول بوصول الرأس إلى المدينة ، وعدم انتقاله في الطريق بين الشام والمدينة إلى كربلاء مع زيارة الأهل للقبور كما سيأتي .
ثانياً : إن الاختلاف قائم على محل دفن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بين منزلها وما بين قبره ومحرابه ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد ، وبين دفنها في البقيع ومن دون تحديد المكان .
الثاني : في سوريا :
ذهب جمهور من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد دفن في دمشق بعد وصوله إليها من كربلاء ، إلا أنهم اختلفوا في تحديد المكان الذي دفن فيه .
فمنهم من قال أنه دفن في حائط بدمشق ، ومنهم من قال في دار الإمارة ، ومنهم من قال في المقبرة العامة لدفن المسلمين .
وهناك قول بدفنه في داخل باب الفراديس ، وذلك المكان سمي بـ ( مسجد الرأس ) .
وقولاً آخر أنه في جامع دمشق ، وسمي المكان بـ ( رأس الحسين ) ، ويزوره الناس إلى الآن ، كما أن هناك أقوالاً أٌخر .
وإختلاف الأمكنة المتعددة لمحل الدفن دليل الضعف .
الثالث : في مصر :
وذهب بعض المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد حظيت به القاهرة ، وذكر في كيفية نقله إليها قولان :
الأول : وهو ما ذكره الشعراني من أن العقيلة زينب بنت علي ( عليهما السلام ) نقلته إلى مصر ودفنته فيه .
الثاني : وهو ما أفاده المقريزي من أن الرأس نقله الفاطميون من باب الفراديس في دمشق إلى ( عسقلان ) ، ومنها حمل إلى ( القاهرة ) من طريق البحر ، في اليوم العاشر من شهر جمادى الآخرة من سنة ( 548 هـ ) ، وقد قام بذلك سيف المملكة مع القاضي المؤتمن بن مسكين ، أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر ، وجرى له استقبال ضخم .
أما القول الأول فهو ضعيف ، ولم يذكره غير الشعراني على أن سفر العقيلة زينب ( عليها السلام ) إلى مصر كان بفترة طويلة بعد عودتها إلى المدينة من سبيها فى الشام ، ولا يعقل أنها احتفظت بالرأس كل تلك المدة لتدفنه بعدئذ في مصر ، ولم تذكر رواية أنها دفنته ومن ثم أخرجته لتنقله معها إلى مصر .
وأما ما نقله المقريزي ، فإنه يتوقف أولاً على إثبات وجود الرأس الشريف في باب الفراديس في المدة الفاصلة بين عام ( 61 هـ – 548 هـ ) ، حتى يصدق أن المنقول هو رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وهو غير ثابت حتى وإن ثبت صحة خبر ما قام به الفاطمييون .
الرابع : في فارس :
وقد ذكر ذلك أحمد عطية في دائرة المعارف الحديثة ، ولعل المصدر هو ما ورد من أن أبا مسلم الخراساني لما استولى على دمشق ، نقل الرأس الشريف منها إلى مرو ، فدفن بها في دار الإمارة ثم بني عليه رباطاً .
وهو قول شاذ لم يذكره أحد من المؤرخين المعتبرين ولا دليل عليه ، وهو كالقول بنقل الرأس الشريف إلى مصر متوقف على بقاء الرأس في الشام ، وهو غير ثابت حتى يثبت فيما بعد نقله إلى مكان آخر .
الخامس : في النجف :
حيث أنه نقلت مجموعة من الأخبار عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) على أن الرأس الشريف دفن في الغري ، ولكن التعبير في بعضها بأنه موضع الرأس ، وهذا لا يدل على أنه قد دفن فيه ، مضافاً إلى ملاحظة أسانيد تلك الروايات .
السادس : في كربلاء :
اشتهر هذا القول عند فريق كبير من علماء المسلمين من الفريقين ، فمن أهل السنة ما ذهب اليه الشبراوي ، والقزويني ، وأبو ريحان البيروني ، حيث يقول : في العشرين من صفر رُدَّ الرأس إلى جثته فدفن معها .
وابن الجوزي ، حيث يقول : واختلفوا في الرأس على أقوال ، أشهرها أنه رُدَّ إلى المدينة مع السبايا ، ثم رُدَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه ، قاله هشام وغيره .
وكما ينقل ابن شهر آشوب في مناقبه من أنه المشهور بين الشيعة ، وينقل رأي السيد المرتضى والشيخ الطوسي .
وقد نص على ذلك علماء الشيعة ومحدثوهم كالمجلسي ، وابن نما ، وذكر السيد ابن طاووس أن عمل الطائفة على ذلك .
وهذا القول هو المشهور والمعروف عندنا الشيعة الإمامية من أن الرأس الشريف قد أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد الطاهر