اللهم صلى على محمد وال محمد الطيبين الأطهار وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
مولد الأمل في النصف من شعبان
روي عن الصادق ع قال : سئل الباقر ع عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال ع : هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر , فيها يمنح
الله العباد فضله , ويغفر لهم بمنه , فاجتهدوا في القربة الى الله تعالى فيها , فانها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لا يرد سائلا
فيها , ما لم يسأل الله المعصية , وانها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بازاء ما جعل ليلة القدر لنبينا ص , فاجتهدوا في دعاء الله
تعالى والثناء عليه .
نسبه
هو ابن حسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم اجمعين.
كنيته وألقابه
هو سميّ جده المصطفى صلى الله عليه وآله فهو رابع المحمدين في المعصومين ( رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام الباقر والإمام الجواد وهو عليهم الصلاة والسلام). وفي الإخبار نهيٌ عن ذكر أسمه الشريف وعن التصريح بأسمه في زمن غيبته، بل يذكر عليه السلام بكنيته ولقبه. إجلالاً لشأنه، واحتراماً لعظيم مقامه. أما كنيته فهي كنية جده رسول الله صلى الله عليه وآله فهو أبو القاسم، وذكرت له كنية: أبو جعفر " أيضاً. وأما القابه فكثيرة جداً، منها: المهدي وهو أشهرها، والمنتظر، والقائم، والحجة، وصاحب العصر والزمان، والخاتم، وصاحب الدار، وصاحب الأمر، والخلف الصالح، والناطق، والثائر، والمأمول، والوتر، والدليل، والمعتصم، والمنتقم، والكرار، وصاحب الرجعة البيضاء، والدولة الزهراء، والوارث، وسدرة المنتهى، والغاية القصوى، وغاية الطالبين، وفرج المؤمنين، ومنتهى العبر، وكاشف الغطاء، والأذن السامعة، واليد الباسطة، وغيرها.
والــداه
والده هو الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام. وكانت امه رومية، تعرف بين أفراد عائلة الإمام باسم "نرجس". ويروى أنّها كانت بنت ملك من ملوك الروم، وأنها تنتهي بالنسب إلى "شمعون الصفا" أحد حواريي المسيح عليه السلام. وقعت "نرجس" في أسر المسلمين بعد معركة جرت بين المسلمين وبين قومها الروم في مدينة تدعى "عمورية"، انتهت المعركة بانتصار كبير للمسلمين، ووقع عدد كبير من الروم أسرى جيء بهم إلى بغداد. وقد جرت العادة أن يباع الأسرى في سوق تسمّى سوق النخاسة، وكان بيع الأسرى يتم لتأمين أماكن لسكناهم ورعايتهم، وكذلك على أساس المعاملة بالمثل، كما كان يجري للأسرى المسلمين، الذين يقعون في أيدي خصومهم من غير المسلمين. أرسل الإمام الهادي عليه السلام أحد النخاسين واسمه "بشر" إلى بغداد، ليشتري الفتاة الرومية الأسيرة، ويحضرها إليه. فحملها النخاس إلى سامراء حيث يقيم الإمام عليه السلام، الذي بشرها بمولودها المبارك، المهدي المنتظر، الذي يملك الدنيا، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً. سرت "نرجس" لهذه البشرى، وأقامت لدى الإمام قريرة العين. وكانت من الصالحات الناسكات، وحين حملت بالمهدي عليه السلام، خفي حملها على أكثر النساء اللواتي كن قريبات منها، وشاء الله لها أن تكون أماً لأكرم مولود، حارت به الظنون وضلّت به العقول، وصدق به المؤمنون برسالة جده المصطفى، وآبائه أئمة الهدى؛ عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.
حياتة الطاهره في ضلاال ابيه
دور الإمام العسكري عليه السلام في إعلان الولادة
في ظل تلك الأوضاع الإرهابية الصعبة كانت تواجه الإمام العسكري سلام الله عليه مهمة على درجة كبيرة من الخطورة والحساسية، فكان عليه أن يخفي أمر الولادة عن اعين السلطات العباسية بالكامل والحيلولة دون اهتدائهم الى وجوده وولادته ومكانه حتى لو عرفوا إجمالاً بوقوعها، وذلك حفظاً للوليد من مساعي الإبادة العباسية المتربصة به ولذلك لاحظنا في خبر الولادة حرص الإمام على خفائها، كما نلاحظ أوامره المشددة لكل مَن أطلعه على خبر الولادة من أرحامه وخواص شيعته بكتمان الخبر بالكامل فهو يقول مثلاً لأحمد بن إسحاق: "ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً ومن جميع الناس مكتوماً ". ومن جهة ثانية كان عليه الى جانب ذلك وفي ظل تلك الأوضاع الارهابية وحملات التفتيش العباسية المتواصلة، أن يثبت خبر ولادته عليه السلام بما لا يقبل الشك إثباتاً لوجوده ثم إمامته، فكان لابد من شهود على ذلك يطلعهم على الأمر لكي ينقلوا شهاداتهم فيما بعد ويسجلها التأريخ للأجيال اللاحقة، ولذلك قام عليه السلام باخبار عدد من خواص شيعته بالأمر وعرض الوليد عليهم، بعد مضي ثلاثة أيام من ولادته، كما عرضه على أربعين من وجوه وخلّص أصحابه بعد مضي بضع سنين والإمام يومئذ غلام صغير وأخبرهم بأنه الإمام من بعده، كما كان يعرضه على بعض أصحابه فرادى بين الحين والآخر ويظهر لهم منه من الكرامات بحيث يجعلهم على يقين من وجوده الشريف، وقام عليه السلام باجراءات اُخرى للهدف نفسه مع الالتزام بحفظ حياة الوليد من الإبادة العباسية بما أثبت تأريخياً ولادة خليفته الإمام المهدي عليه السلام بأقوى ما تثبت به ولادة انسان كما يصرح بذلك الشيخ المفيد. ومن جهة ثالثة كانت تواجه الإمام العسكري سلام الله عليه مهمّة التمهيد لغيبة ولده المهدي وتعويد المؤمنين على التعامل غير المباشر مع الإمام الغائب، وقد قام عليه السلام بهذه المهمة عبر سلسلة من الاجراءات كإخبارهم بغيبته وأمرهم بالرجوع الى سفيره العام عثمان بن سعيد، فهو يقول لطائفة من أصحابه بعد أن عرض عليهم الإمام المهدي عليه السلام وهو غلام: "هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وأنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله وانتهوا الى أمره واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والأمر إليه ". ومن إجراءاته عليه السلام في هذا المجال ـ تأكيده على استخدام اسلوب الاحتجاب والتعامل مع المؤمنين بصورة غير مباشرة تعويداً لهم على مرحلة الغيبة فكان: يكلم شيعته الخواص وغيرهم من وراء الستر إلا في الأوقات التي يركب فيها الى دار السلطان وانما كان منه ومن أبيه قبله مقدمة لغيبة صاحب الزمان لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة وتجري العادة بالاحتجاب والإستتار، ومن هذه الاجراءات تثبيت نظام الوكلاء عن إلامام، وتأييد الكتب الحديثية التي جمع فيها أصحاب الائمة مروياتهم عنهم وعن رسول الله صلى الله عليه وآله، ليرجع إليها المؤمنون في عصر الغيبة. وطبق ما يرويه الشيخ الصدوق في إكمال الدين والشيخ الطوسي في الغيبة فإن الإمام المهدي عجل الله فرجه قد حضر وفاة أبيه العسكري عليهما السلام، إلا أن رواية الشيخ الطوسي أكثر تفصيلاً من رواية الصدوق التي كَنَّتْ عن حضوره ولم تصرح به، فقد نقل الشيخ الصدوق عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال: مات أبو محمّد الحسن بن علي عليهما السلام يوم جمعة مع صلاة الغداة، وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كتباً كثيرة الى المدينة وذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون منه سنة ستين ومائتين من الهجرة ولم يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية، وعقيد الخادم ومن علم الله عزوجل غيرهما.... ونقل الطوسي الرواية بتفصيل أكثر حيث قال: " قال اسماعيل بن علي: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في المرضة التي مات فيها، وانا عنده إذ قال لخادمه عقيد ـ وكان الخادم اسود نوبياً ـ قد خدم من قبله علي بن محمد وهو ربيُّ الحسن عليه السلام: يا عقيد اغل لي ماء بمصطكي. فاغلى له ثم جاءت به صقيل الجارية ام الخلف فلما صار القدح في يديه هم بشربه فجعلت يده ترتعد حتى ضرب القدح ثنايا الحسن فتركه من يده وقال لعقيد: "ادخل البيت فإنك ترى صبياً ساجداً فأتني به"، قال ابو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرى فاذا انا بصبي ساجد رافع سبابته نحو السماء فسلمت عليه فأوجز في صلاته فقلت: إن سيدي يأمرك بالخروج إليه، إذ جاءت اُمّه صقيل فأخذت بيده وأخرجته الى أبيه الحسن عليه السلام. قال ابو سهل: فلما مثل الصبيّ بين يديه سلم وإذا هو دريُّ اللون وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان، فلما رآه الحسن عليه السلام بكى وقال: "يا سيد أهل بيته اسقني الماء فإني ذاهب الى ربي" وأخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده ثم حرك شفتيه ثم سقاه فلما شربه قال: "هيئوني للصلاة"، فطرح في حجره منديل فوضأه الصبي واحدة واحدة ومسح على رأسه وقدميه فقال له ابو محمد عليه السلام: ابشر يا بني فأنت صاحب الزمان وانت المهدي وانت حجة الله على ارضه وانت ولدي ووصيي وأنا ولدتك وانت محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ولدك رسول الله وأنت خاتم الائمة الطاهرين وبشّر بك رسول الله صلى الله عليه وآله وسمّاك وكنّاك بذلك عهد إليّ أبي عن آبائك الطاهرين صلّى الله على أهل البيت ربّنا انه حميد مجيد، ومات الحسن بن علي من وقته صلوات الله عليهم اجمعين.