يميل الناس لمن يجذبهم في بحديثه دون مشقه التركيز من جانبهم ...
والحوار غذاء عقول يقبل الناس عليه إقبالهم على غذاء بطونهم . فالمحاور
الذكي هو الذي يقدم لحواره بالمقبلات ، ويطعّمه بشيء من التوابل ، وإن
ختمه ببعض من الحلوى فقد أبلغ في الكرم . لذا يغرم بعض المحاورين بشد
انتباه من حوله وذلك بإثارة فضولهم ، كأن يستهلّ حديثه بقصه غريبة أو مثل
قديم ، أو سرد مقوله لأحد العظماء ، فذلك مما يعجب الناس ويجعلهم ينصتون
أكثر، لتوقعهم المزيد من عنده .
ويحسن بعضهم حينما يبدأ حواره بالتساؤل باستفهامات متتالية ، يستطيع
أن يجعل منها عناصر لحديثه ، وطريقه لاستدراج صاحبه للتفكير معه .
ولذلك فإن المحاور الذكي هو الذي يختبر اهتمام صاحبه بحديثه قبل
التوغل في حوار معه ويحاول استثارة اهتمامه بموضوع الحوار، فإن وجد منه
أذنا صاغية واصل الحوار، وإلا كف عنه ، إلا أن يكون واجبا شرعيا لا بد من
إبلاغه به .
و المحاور البارع هو الذي يجعل كلماته صورا تتدفق أمام ناظري صاحبه
ومن حوله ، مبتعدا عن الرمزية والغموض ، باحثا عن الكلمات والعبارات
التي تـُسمع وتـُرى في آن واحد.. ويكثر ذلك في الأمثال (( عصفور في اليد
خير من عشره على الشجرة)) فهذه عبارة لكنها جاءت على بصورة موحية، مما
يعين على الفهم ومن ثم التذكر ...