صدر عن معهد شؤون الخليج في واشنطن تقرير يتناول الوضع في السعودية، ويسرد بالتفصيل حال الاصلاحيين في غياب الديمقراطية، فساد الأسرة المالكة والمحسوبيات، وضع المرأة والطفل وحقوق الإنسان، التنكيل بالمعارضة، الارهاب بين ظاهر مكافحته وباطن دعمه، قمع الأقلّيات الدينية وصولاً إلى السجن والاعدام.
يؤكد التقرير الذي أعدّه معهد شؤون الخليج في واشنطن ونشرت نتائجه أخيراً، أن المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في السعودية يتعرّضون للتنكيل ولمضايقات مستمرة من الحكومة. ويشير إلى أن الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يروّج لنفسه على أنه مصلح، فرض قيوداً مشدّدة على الحرّيات السياسية والمدنية في البلاد، وأجهض كل محاولة للاصلاح.
ويفيد التقرير الواقع في ١٧ صفحة، إلى أن السعودية لا تزال اليوم ديكتاتورية بامتياز كما كان حالها في أي وقت مضى، حيث الاعتقالات في ازدياد، كذلك التعذيب وفرض الاقامة الجبرية ومنع حرّيّة التعبير والطرد والقمع.
ويلفت إلى أن الحكومة كثيراً ما تلجأ إلى ما تصفه بمحاربة الارهاب، لمحاصرة الاصلاحيين ومنتقديها والناشطين الداعين إلى نظام ديمقراطي.
وفي هذا الاطار، يلفت التقرير إلى أن الحكومة السعودية حقّقت أمرين: أولهما محاولة الظهور كمكافحة ضد الارهاب، لاعتقال متشدّدين، والثاني استخدام الحجج التي تناسبها للقضاء على المعارضة.
وترفض السعودية الاستماع إلى نداءات الجماعات المطالبة بالتغيير والاصلاح، وتمنع أي شكل من أشكال التجمّعات.
وفي العام ٢٠٠٤، رفض الملك عبد الله، عندما كان ولياً للعهد، لقاء مجموعة طالبت بإصلاح الدستور. وأرسل إليها وزير الداخلية الأمير نايف، فاعتقل أفرادها وأودعهم السجن.
وعلى رغم أن عبد الله عفا عنهم لاحقاً، لكنه منعهم حق التحدّث العلني، ووضعهم قيد الاقامة الجبرية، ومنع سفرهم، كما حظّر عليهم الكتابة في الصحف السعودية.
وتقدّر وزارة الاعلام السعودية عدد المواطنين الممنوعين من السفر لأسباب سياسية بـ١٤ ألفاً.
فساد
تحكم السعودية أسرة تنتمي إلى قبيلة واحدة، تستبيح كل شيء في البلاد. وتصنّف المملكة أكثر دول العالم فساداً.
وبحسب مجلة «فوربز» لأثرى أثرياء العالم، فإن الملك عبد الله يعتبر أغنى رؤساء الدول، وثروته تتجاوز ٢٢ مليار دولار.
كذلك أشقّاء الملك وأقاربه فهم يملكون مليارات الدولارات، في وقت يمنع فيه القانون السعودي المسؤولين الحكوميين من امتلاك شركات خاصة وإدارتها.
وينخرط أفراد العائلة المالكة في صفقات نفط تجعلهم يتحكّمون بكل صادرات البلاد من الذهب الأسود، وبعقود الشركات، مع الاشارة الى أن أي شركة أجنبية تفوز بعقد في السعودية، تستحوذ العائلة المالكة على ٥١ في المئة منها حتى تسمح لها بالعمل.
إلى ذلك، يدير أفراد العائلة المالكة صفقات غير شرعية تدرّ عليهم مليارات الدولارات، كما حال الأمير بندر بن سلطان الذي جنى مليار دولار تقريباً من صفقات التسلّح.
ويملك الأمراء السعوديون قصوراً ومنازل فارهة في أنحاء العالم. فلبندر منازل في دالاس (تكساس) وآسبن وكولورادو وواشنطن، وسوري (بريطانيا) والمغرب والرياض وجدة.
حقوق المرأة
يؤكد التقرير أن حقوق المرأة في المملكة معدومة. وتعتبر السعودية الدولة الأولى في ممارسة التمييز ضد المرأة واضطهادها. وتتلقى المرأة معاملة كما لو أنها من مقتنيات الرجل، لا رأي لها ولا قرار. فهي ممنوعة من القيادة، من السفر بلا محرم، من الدرس في كثير من الاختصاصات العلمية، من العمل في دول العالم وممارسة الرياضة والاختلاط والظهور في الأحداث العامة.
الارهاب
أما عن الارهاب فحدّث ولا حرج. يؤكد التقرير أن السعوديين يساهمون مادياً وبالرجال في دعم الارهاب في العالم، وخصوصاً في دعم تنظيم القاعدة.
وأعلى نسبة انتحاريين في العالم هي من حملة الجنسية السعودية. حتى أن الأمير نايف الذي يدّعي محاربة الارهاب، متورّط في دعم وتسهيل تجنيد إرهابيين في العراق.
ومن أبرز أسماء الارهابيين الذين سهّلت السعودية مهامّهم، فارس الظهراني وعبد الله آل رشود وغيرهما.
واللافت أن مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل شيخ، أصدر فتوى في ١١ أيار (مايو) ٢٠٠١ تحلل الارهاب عبر الإنترنت، وإرسال فيروسات ورسائل إلكترونية لتدمير مواقع وأجهزة من يصنّفهم السلفيون ضد الإسلام.
وتحوّلت الأنظار الى السعودية منذ اعتداءات ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١، باعتبارها موطناً لغالبية الارهابيين ومنبعاً للفكر السلفي المتطرّف.
كيف لا والكتب المدرسية السعودية تربّي النشء على الارهاب وعلى كره المسيحيين واليهود، وحتى الأقلّيّات المسلمة غير السنّية وتحديداً الشيعة.
ويروي التقرير حكاية شاب اسمه هادي المطيف، اعتقل العام ١٩٩٣ عندما كان في ربيعه الـ١٨، وأودع السجن بسبب حديثه في جلسة دينية عن الحرّيّة وعن الشيعة. ويرفض ملك السعودية حتى اليوم الافراج عن الشاب الشيعي، وقلّما يسمح له بلقاء أسرته في سجنه.
وأرسل معهد الخليج رسالة الى رئيس وزراء بريطانيا غوردون براون، يحضّه فيها على طرح قضية الشاب المعتقل لدى لقائه الملك عبد الله بن عبد العزيز ومناشدته إطلاقه.
الجدير ذكره أن الشيعة يشكّلون ٢٠ في المئة من السعوديين، وممنوع عليهم ممارسة السياسة والانخراط في الجيش، وتبوّء مراكز مرموقة يمكن أن تهدّد يوماً عرش آل سعود. ويتعرّضون لمختلف أشكال القمع والتنكيل.
هذا وتنتهك السعودية حقوق الطفل، فالعائلة المالكة تستقدم أطفالاً كثير منهم في السادسة من العمر، من أفريقيا وآسيا، للمشاركة في مسابقات الهجين.
كل ذلك من دون أن يغفل التقرير المطاوعين الذين يمارسون من الانتهاكات ما يحتاج الحديث عنه كتباً ومجلّدات. يضربون ويعذّبون الناس وكثيراً ما ينتهي حال ضحاياهم بالموت.