السلام عليكم
قبل شهر تقريبا وصلني هذا الكتاب وقد قراءته وود فيه اشياء كثيره قط لم اكن اعرفها ااحبت ان اقله لكم وقد بحثت عنه عبر النت وها انه اجده لااضعه بين ايديكم
بعض الاخوة محجوب عنهم رابط كتاب سليم بن قيس وسننزله لهم
ورد عن الأمام الصادق ع أنه قال:
من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس العامري فليس عنده من أمرنا شيء ولا يعلم من أسبابنا شيئاً وهو أبجد الشيعة وهو سر من اسرار آل محمد صلى الله عليه وآله
كتاب سُليم بن قيس الهلالي: أقدم نصّ تاريخي عقائدي في الإسلام
لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله تعالى ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيـت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سُليم بن قيس رضوان الله عليه. وهي ميزة عظيمة لهذا النصّ التاريخي العقائدي؛ لأنّ مؤلّـفه قدس سره أوّل من فكّر في تدوين العقائد والتاريخ الإسلاميّين ، ثمّ قام بذلك وحده في ظروف خطيرة دون أن يجد مَن يُعينه في مهمّته ؛ وقد خاطَرَ بحياته الشريفة من أجل جمعه وتأليفه ؛ ثمّ استنساخه وحفظه والوصية به وإيصاله إلى الأجيال من بعده.
وما ذلك إلاّ لأنّه كان يحسُّ بمسؤوليةٍ شرعية للقيام بهذه المهمّة التاريخية ، وقد شاء الله تعالى أن يتفرّد عن جيله وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير ، ويقدّم للأُمّة الإسلامية قصّـة الوجه الآخر لتاريخها. وقد تلقّت الأجيال كتاب سُليم في جميع العصور الإسلامية باهتمام خاصّ ، وحافَظَ عليه العلماء كأقدم تراث عقائدي وعلمي في الإسلام ، ورجعوا إليه في مختلف العلوم الإسلامية ، كالفقه والأُصول والرجال والحديث والتاريخ والتفسير وغيرها. وفي القرن الماضي طُبع كتاب سُليم ، وترجم إلى اللغة الأُردية ، وطبـع. وفي عصرنا هذا تمّ تحقيقه ، وترجم إلى الفارسية وطبع أيضاً.
ميزات الكتاب
يكفي كتاب سُليم أنّه تراثٌ علميٌّ ممتازٌ من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية ، إلاّ أنّ له مع ذلك ميزاتٍ مهمّةٍ تضاعف من قيمته ، نجملها في النقاط التالية :
الميزة الأُولى : موضوعه :
وهو عقائد الإسلام وتاريخه ، وهذا يدلّ على حسن اختيار المؤلّف ؛ إذ اختار من المسائل الإسلامية ما هو في الدرجة الأُولى من الأهمّية ، فقد ألّف سُليم كتابه في موضوع العقائد أو التاريخ العقائدي ، وقد بلغت أهمّيّته أنّ أحداً لا يمكنه أن يمرّ به دون أن يُعنى بمعرفة الحقيقة المقابِلة لِما قالَته ودوّنَته في مصادرها دولةُ الخلافة وأتباعها الّذين سَيْطروا على تاريخ الإسلام وعلى أفواه المسلمين! فكتاب سُليم يكشف عن الوقائع التي حدثت في مرض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته ، وكيف وصل زعماء قريش إلى السلطة ، وكيف اضطهدوا النبـيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بـيته عليهم السلام بـيت العصمة والطهارة ، ثمّ حكموا باسم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وباسم الإسلام.
الميزة الثانية : ظرف تأليفه :
فقد كتبه مؤلّفه سُليم رحمه الله في عصر المنع المطلق لتدوين أحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، حتّى ما يتعلّق منها بالسنن والأحكام الشرعية ، بل لقد منعت الدولة حتّى مجردّ روايتها. في مثل تلك الظروف الخانقة قام سُليم بن قيس بتسجيل هذه الحقائق التاريخية والعقائدية وتأليفها في كتاب ، وجمع أحاديثه الشريفة عن عدد من الأئمّة الأطهار عليهم السلام والصحابة الأبرار. وكان سُليم يكتبها في كتابه ويحتفظ بها على خوف ووجل ؛ لأنّ الدولة وعملاءها لو اطّلعوا عليه لكان ذلك كافياً لإقدامهم على قتله وإعدامه!!
الميزة الثالثة : الفترة التي أرّخ سُليم أحداثها :
فقد كانت أكثر فترة حساسيةً وتأثيراً على عقائد المسلمين ، وذلك أنّ جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكوّنت بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف ؛ فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا كلّه يرجع إلى تلك الفترة الحسّاسة. وقد أرّخ سُليم بن قيس لتلك الفترة بكلّ جرأة وصراحة ، فكان عمله عملاً فريداً من نوعه ، وبهذا احتلّ مكانة الدرجة الأُولى بعد أحاديث الأئمّة المعصومين عليهم السلام الّذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة. إنّ الأجيال المسلمة مَدينة لهذا المؤلّف الشجاع الذي سدّ فراغاً لم يسدّه غيره ، ودوّن حقائق ما جرى عند وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسلّمها إلى الأجيال.
الميزة الرابعة : الدقّة والإتقان في أخذ أحاديثه وتسجيلها:
فإنّ كتاب سُليم بعد التدقيق والتمحيص والمقايسة مع المصادر الأُخرى ، يعدّ من مصادر الدرجة الأُولى في الدقّة والإتقان ، وهذه ميزةٌ تزيد من قيمة كتابه ، خاصة إذا لاحظنا أنّ إتقان الجوانب الثقافيّة أمرٌ مشكلٌ في ظروف الخوف الذي يُضطرّ الناس فيه إلى كتمان علمهم وعملهم وإخفاء مكتوباتهم.
الميزة الخامسة : تدوينه جرائم حكّام عصره :
فقد دوّن ما يتعلّق بالّذين كان يعيش معهم! واستطاع أن يخفي ذلك عن عيونهم ، فلو أنّ سُليماً ـ طوال نصف القرن الذي استغرقه تأليف كتابه وتدوين موادّه من الصحابة والتابعين ـ قد تهاون يوماً في الحذر والحيطة من الحكومات لَما بقي منه ولا من كتابه أثرٌ إلى اليوم!
وقد روى التاريخ عنه أنّه لشدّة حرصه على كتابه فقد كان يحمله معه في أسفاره وتنقّلاته العديدة. وبسبب هذه الميزات كلّها ينبغي أن ننظر إلى كتاب سُليم على أنّه أوّل نصٍّ متقن في أخطر الموضوعات الإسلامية ، تمَّ تدوينه في فترة حسّاسة وظروف صعبة! وأن نُكْبر مؤلّفه لِما عاناه في سبيل ذلك. وقد حفظ الله كتابه عبر القرون والأجيال حتّى وصل إلينا ، وتمَّ تحقيقه وطبعه بطبعات عديدة في عصرنا.
موضوعاتٌ حديثية لم يؤلِّف فيها أحدٌ أقدم من سُليم
أولاً : أحاديث أساسية في العقائد :
1 ـ حديث الغدير.
2 ـ حديث الثقلين.
3 ـ حديث المنزلة.
4 ـ حديث السفينة.
5 ـ حديث باب حطّة.
6 ـ حديث الحوض.
7 ـ حديث سدّ الأبواب.
8 ـ حديث الكساء وآية التطهير.
9 ـ حديث المباهلة.
10 ـ حديث الكتف.
ثانياً : مسائل عقائدية مهمّة :
1 ـ معنى الإسلام والإيمان ، وشروطهما ، ودرجاتهما.
2 ـ معنى إقامة النبيّ والإمام الحجّة لله تعالى ، ومن هم حجج الله تعالى على الناس ، وكيفيّة تبليغهم وإقامتهم الحجّة لله تعالى.
3 ـ عقيدة المسلمين في القرآن وأنّه الثقل الأكبر ، وبيان من هم المفسّرون الشرعيّون له ، وقد تضمّن كتابه تفسير عددٍ من آيات القرآن الكريم وسبب نزولها.
4 ـ عقيدة المسلمين في الخلافة والإمامة ، وضرورتها وحدودها ، وتسمية مستحقّيها ، وبيان غاصبيها.
5 ـ بيان معنى فريضة الولاية لأولياء الله تعالى ، والبراءة من أعدائه ، وتعيين من هم أولياء الله وأعداؤه.
6 ـ بيان أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم التي نصّ فيها على إمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام وذِكر أسمائهم.
7 ـ بيان عددٍ من الأحاديث التي صدرت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في مناقب أهل البيت عليهم السلام وأفضليّتهم على جميع الأُمّة.
8 ـ بيان العلم ومعدنه وأنواعه ، وأنّ أهل البيت عليهم السلام هم معدن علم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وبيان جهل غاصبي الخلافة ، وانخفاض مستوى ثقافتهم ، وعدم معرفتهم عقائد الإسلام ، ولا جواب ما يرد عليهم من المسائل العادية.
9 ـ بيان بعض ما ورد في الكتب السماوية في البشارة بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام.
10 ـ ذِكر أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم التي أخبر فيها عن ظلم قريش وغيرها لأهل البيت عليهم السلام ، واضطهادهم وغصب حقّهم.
11 ـ كما تضمّن كتاب سُليم إشاراتٍ إلى ما كان يصدر في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنافقين عامة ، وغاصبي الخلافة خاصة.
12 ـ بيان الضلال الذي حدث في الأُمّة ، وكشف أوّل من فتح بابه على الأُمّة ، وأدخل المسلمين فيه.
13 ـ بيان معاداة قريش والمنافقين وغيرهم لأهل البيت عليهم السلام ، وبغضهم لهم وحسدهم إيّاهم.
14 ـ بـيان العقيـدة الإسـلامية في الإمـام المهديّ عليه السلام ، وأحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في التبشير به وعلامات ظهوره.
15 ـ كما تضمّن كتاب سُليم بعض أحوال يوم القيامة وأحوال أهل الجنّة والنار ، والمستحقّين بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لدخول الجنّة أو النار من هذه الأُمّة.
16 ـ بيان معنى الشفاعة ، ومن يَشفع ، ومن يُشفع لهم يوم القيامة.
ثالثاً : مسائل تاريخية مهمّة :
1 ـ أحاديث مهمّة عن حروب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بدر وأُحد وخيبر والخندق وصلح الحديبية وفتح مكّة وحنين وتبوك ، وغيرها.
2 ـ بيان موارد مواساة عليّ عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإيثاره إيّاه وفداؤه إيّاه بنفسه.
3 ـ بيان عددٍ من أحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم التي نصّ فيها على خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، من أوّل بعثته إلى يوم الغدير.
4 ـ أحاديث إشهاد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عند إقامة الحجّة عليهم وعلى الأُمّة بولاية عليّ عليه السلام بعده ، وخاصّةً من غصب منهم الخلافة بعده.
5 ـ جانب من مؤامرات المنافقين لقتل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
6 ـ خبر الصحيفة التي كتبها المنافقون من قريش ومن تبعهم ، ضدّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ، وذِكر أصحابها.
7 ـ أخبار هامّة عن الأيّام الأخيرة والساعات الأخيرة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
8 ـ أخبار دقيقة ومفصّلة عن قضايا السقيفة ، واستعجال أصحابها واغتنامهم فرصة انشغال عليّ وأهل البيت عليهم السلام بجنازة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثمّ تدبيرهم الهجوم المكرّر على بيت فاطمة عليها السلام وإحراق بابه ، ودخولهم بيتها بغير إذن ، وإجبارهم أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه على البيعة ، وما جرى لفاطمة عليها السلام في هذه الهجومات ، وإسقاطها جنينها المحسّن عليه السلام.
9 ـ قصّة ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما جرى بشأن الخلافة بعده صلى الله عليه وآله وسلم ، وبرنامج الغاصبين ضدّ أمير المؤمنين عليه السلام.
10 ـ ما جرى على شيعة أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذِكر جوانب عن نفي أبي ذرّ إلى الربذة ، وبيان جانب من ظلم معاوية للشيعة واضطهادهم وتقتيلهم.
11 ـ نماذج من دفاع أهل البيت عليهم السلام عن مذهبهم وشيعتهم.
12 ـ برنامج غاصبي الخلافة في منع الحديث ومعاقبة المحدّثين ، واختلاقهم الأحاديث.
13 ـ بيان بدع أعداء أهل البيت عليهم السلام ، وأغراضهم من البدعة ، وذِكر نماذج من البدع المبتدَعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
14 ـ التأريخ لجانب من الأُمور المالية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبيان خطّة غاصبي الخلافة في منع أهل البيت عليهم السلام من الإرث ومصادرة الأموال والأوقاف التي بأيديهم ، خاصة غصب فدك وما يتعلّق بها من القضايا.
15 ـ الإخبار عن عدد من الملاحم والفتن.
16 ـ نماذج من المجالس المنعقدة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واحتجاجات أهل البيت عليهم السلام على الصحابة في تلك المجالس ، ومناشدات أهل البيت عليهم السلام الناس ليشهدوا بمناقبهم وبوصية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، وإقرار الناس وشهادتهم ذلك.
17 ـ قصص أهل الكتاب مع أهل البيت عليهم السلام وإقرارهم بفضلهم ومقامهم.
18 ـ قضايا تتعلّق بموت أبي بكر وقتل عمر وعثمان.
19 ـ وثائق شعرية تُعدّ من أقدم ما قيل من الشعر في القضايا الإسلامية.
20 ـ وثائق تاريخية في القضايا الإسلامية يختصّ سُليم بنقلها ، مثل رسالة معاوية إلى زياد.
21 ـ قضايا من حروب الجمل وصِفّين والنهروان.
22 ـ بعض الرسائل المهمّة المتبادلة بين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية.
23 ـ شهادة أمير المؤمنين عليه السلام.
24 ـ أخبار هامّة عمّا جرى من الفتن بعد أمير المؤمنين عليه السلام في زمن معاوية.
25 ـ صلح الإمام الحسـن عليه السلام وما وقع بينه وبين معاوية.
ترجمـة سُـليـم
حياة سُليم في لمحة خاطفة :
التابعي الكبير أبو صادق سُلَيْم بن قَيْس الهِلالي العامِري الكوفي ، من خواصّ أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين عليهم السلام ، وأدرك الإمام الباقر عليه السلام أيضاً .
وُلد سُليم بن قيس قبل الهجرة بسنتين، وكان عمره عند وفاة رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثـنـتا عشـرة سـنة ، ولـم يـكن فـي المدينـة زمـن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا زمن أبي بكر ، وإنّما دخل المدينة شابّاً في أوائل إمارة عمر قبل السنة 16 الهجرية. وكان المجتمع الإسلامي بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ممنوعاً من الحديث مطلقاً ومن تدوينه والتأليف فيه.
في هذه الظروف الثقافية التي واجهها سُليم أوقف نفسه على المحافظة على سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فقام بتدوين أحاديثه وتاريخ الإسلام الصحيح ، الخالي من التلاعب والتشويه ، فبدأ بالتعرّف على الصحـابة واحـداً واحـداً وسـماع الأحـاديث منهم ، واتّصل بأميـر المؤمنين عليه السلام وأصحابه ، كسلمان وأبي ذرّ والمقداد وغيرهم ، وكان سُليم يكتب ما يسمعه منهم ، واستمرّ ذلك طيلة 25 سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وعندما جاء عهد أمير المؤمنين عليه السلام سنة 35 كان سُليم قد أصبح من خلّص أصحابه والمضحّين من أجله ، وهو أمر يتّضح من جميع ما أورده سُليم في كتابه.
شهد سُليم مع أمير المؤمنين عليه السلام وقعة الجمل في سنة 35 ، وكتب كثيراً من جزئيّات ما وقع في تلك الوقعة وبعدها. وشهد سُليم وقعة صِفّين في سنة 36 من أوّلها إلى آخرها ، وكان من شرطة الخميس المتقدّمين في الحرب ، وكان حاضراً ليلة الهرير العاشر من صفر سنة 38 ، والتي هي آخر وقعات صِفّين وأشدّها ، وكان حاضراً أيضاً في ما جرى بين الحكمَين بعد ذلك ، ورجع معه عليه السلام إلى الكوفة.
شهد سُليم وقعة النهروان في سنة 39 ، وكان بعدها في الكوفة إلى شهادة أمير المؤمنين عليه السلام في شهر رمضان سنة 40 ، وقد أورد في كتابه بعض الخطب التي ألقاها الإمام عليه السلام.
والذى يلوح من كتاب سُليم أنّ اشتغاله بتدوين قسم كبير من كتابه كان من سنة 12 إلى سنة 40 هـ ، وهي توافق السـنين 14 إلى 42 من عمره ، وجَمَع الربع الأخير من كتابه في الأربعين سنة الأخيرة من عمره. وكان سُليم رحمه الله رجلاً كتوماً سيرته الخفاء والكتمان ، ويبغض الاشتهار ، وبذلك تمكّن من حفظ نفسه من زياد وابن زياد وأمثالهم ، كما تمكّن بكتمانه من تدوين كتابه وتأليفه وجمعه وحفظه.
وليس بعيداً أنّه كان في أثناء معركة كربلاء مسجوناً في سجن ابن زياد مع الكثيرين الّذين سجنهم من أهل الكوفة. ولمّا قدم الحجّاج الثقفي الكوفة سنة 75 بدأ يطلب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان في من طلبه سُليم ، وذلك أنّه كان من أخصّ خواصّ أمير المؤمنين عليه السلام ، فهرب منه سُليم ومعه كتابه أينما كان يذهب وينتقل ، وقد ساح متخفّياً من بلد إلى بلد حتّى وقع في أرض فارس بمدينة كبيرة تسمّى « نوبندجان » بالقرب من شيراز ، فأوى إلى تلك البلدة ، وهناك تعرّف عليه أبان بن أبي عيّاش راوي كتابه. ومرض سُليم بعدما دخل بلاد فارس ، فاختار أباناً لتسليمه الكتاب ، فدعاه وخلا به وأخبره عن المشاقّ التي تحمّلها في سبيل كتابه وكيفية جمعه وتأليفه ، واشترط عليه أن يدفعه عند موته إلى من يثق به من الشيعة ، ثمّ قرأ الكتاب كلّه عليه ، ثمّ ناوله إيّاه مناولة. ولم يلبث سُليم بعد ذلك إلاّ قليلاً حتّى فارقت روحه الدنيا ، وكان ذلك في سنة 76 من الهجرة ، عن عمر مبارك بلغ 78 سنة ، صرف أكثر من 60 سنة منها في سبيل إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.
وثاقة سُليم وجلالة شأنه :
يدلّ على وثاقة سُليم العالية النصوص المذكورة في كتب العلماء التي تؤكّد أنّه كان فوق الوثاقة :
1 ـ قال ابن النديم والعقيقي : « كان ( سُليم ) شيخاً متعبّداً له نور يعلوه » ، وقد قال أبان في مفتتح الكتاب : « لم أر رجلا كان أشدّ إجلالا لنفسه ، ولا أشدّ اجتهاداً ، ولا أطول حزناً ، ولا أشدّ خمولاً لنفسه ، ولا أشدّ بغضاً لشهرة نفسه ، منه ».
2 ـ ذكره البرقي في رجاله ، وعدّه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، ونقله عنه العلاّمة في « الخلاصة » ، وقد نصّ أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث 38 من الكتاب على أنّه من الأصفياء الأولياء ذوي الخبرة في الدين.
3 ـ قد مرّ ذِكر الرواية التي رواها الشيخ المفيد في كتاب « الاختصاص » الدالّة على أنّ سُليماً كان من شرطة الخميس ، وبملاحظة ما ورد في شأن شرطة الخميس يُعلم جلالة سُليم.
4 ـ أورد الكشّي في رجاله روايتين تدلاّن على تصديق الأئمّة عليهم السلام لسُليم ، وهما موجودتان في مفتتح كتاب سُليم ، وفي الحديث 10 منه عيناً.
5 ـ ذكره الشيخ أبو العبّـاس النجاشي في رجاله « في عداد المتقدّمين في التصنيف من سلفنا الصالح ».
6 ـ قال العلاّمة الحلّي في « الخلاصة » : « روى الكشّي أحاديث تشهد بشكره... والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه » ، ثمّ أورده في أولياء أمير المؤمنين عليه السلام .
7 ـ قال عنه العلاّمة السيّد محمّـد باقر الداماد في تعليقته على « أُصول الكافي » : « صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ومن خواصّ أصحابه... وهو من الأولياء المتنسّـكين ، والحقّ عندي فيه ـ وفاقاً للعلاّمة وغيره من وجوه الأصحاب ـ تعديله ».
8 ـ ذكره العلاّمة المجلسي في « البحار » في عداد الثقات العظام ، والعلماء الأعلام .
9 ـ قال العلاّمة السيّد الخوانساري في « روضات الجنّات » : « قد كان من قدماء علماء أهل البيت عليهم السلام وكبراء أصحابهم... ولم ينقل إلى الآن رواية في مذمّته كما روي في مدحه وجلالته ، ولا وجد بيننا ناصٌّ على جهالته فضلا عن خلاف عدالته ».
10 ـ قال السيّد محسن الأمين العاملي في « أعيان الشيعة » : « إنّ المترجَـم (أي سُـليم)... يكـفي فيه عدّ البرقي إيّاه من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وكونه صاحب كتاب مشهور ».
11 ـ قال العلاّمة المامقاني في « تنقيح المقال » : « هو من الأولياء المتنسّـكين والعلماء المشهورين بين العامة والخاصة ، وظاهر أهل الرجال أنّه ثقة معتمَد عليه ، وقد يُطمئنّ بوثاقة الرجل من عدّ الشيخ في باب أصحاب السجّاد عليه السلام إيّاه صاحب أمير المؤمنين عليه السلام وجعله إيّاه من أوليائه ، وغير ذلك » .
12 ـ قال المحقّق الخبير السيّد حسن الصدر في كتابه « تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام » : « سُليم ـ بالتصغير ـ ابن قيس الهلالي ، التابعي ، صاحب عليّ عليه السلام ، والملازم له وللحسـنين عليهما السلام ، المنقطع إليهم ، أوّل من كتب الحوادث الكائنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثقة صدوق ، متكلّم فقيه ، كثير السماع ».
13 ـ قال المتتبّع الخبير المولى هاشم الخراساني في كتابه « منتخب التواريخ » : « سُليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي ، كان من عظماء الرجال في الغاية ».
14 ـ قال المحقّق الخياباني في « ريحانة الأدب » : « هو من أكابر أصحاب أمير المؤمنين والحسـنين والسجّاد والباقر عليهم السلام ، كان محبوباً لدى حضراتهم في الغاية ، وكان بمنزلة الأركان الأربعة ، ووردت أخبار كثيرة في مدحه ، وهو من أولياء أهل بيت العصمة عليهم السلام ».
15 ـ قال العلاّمة الأميني في كتابه « الغدير » : « هو ممّن يُحتجّ به وبكتابه عند الفريقين » ، وعبّر عنه بـ « التابعي الكبير ، الصدوق الثبت ».
16 ـ قال العلاّمة السيّد محمّـد صادق بحر العلوم في مقدّمته لـ كتاب سُليم : « قد أدرك سُليم خمسة من الأئمّة عليهم السلام واتّصل بهم... وكان موثّقاً عندهم ، مقتبساً من علومهم الفياضة ، وكان متصلّباً في دينه ، مناوئاً لأعداء آل البيت النبوي ، مجاهراً بالعداء لهم ».
17 ـ قال العلاّمة السيّد الخوئي في « معجم رجال الحديث » : « ثقة جليل القدر عظيم الشأن ، ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنّه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ».