وصل بابا الفاتيكان الى بغداد واستقبلته الحكومة الغجرية استقبالا يليق بها ويمثلها ,
رقص ودبكات وضجيج وموسيقي مزمجرة وسيوف سعودية لاتمثل التراث العراقي
ولاتتناسب مع زيارة داعية للسلام.
ثم زار البابا مدينة الموصل وكنائسها التي تضررت وهجرها المسيحيون هربا من
عصابات الوهابية أيام داعش ليرى اثار التحرير وليتعرف حتما على مواقف
الحشد الشعبي البطولية في تحرير تلك المناطق !
توجه البابا كذلك نحو مدينة النجف لزيارة السيد المرجع السيستاني فكان اللقاء
اقل من ساعة حُرم الناس من مشاهدة تفاصيله ولم يسمعوا كلمة واحدة من اللقاء المهم ,مما فتح المجال للمتصيدين لتشويه الزيارة ومصداقيتها وما دار فيها وتُرك الامرلمخيلة العراقيين لتصوير اللقاء حسبما يتمنون,
مكتب السيد السيستاني نشر بالكتابة ما دار في اللقاء ومن ذلك ذكر السيد المرجع
لظلامة شعوب المنطقة وحصارها من قوى الاستكبار ولاسيما الشعب الفلسطيني,
وجملة (لاسيما الشعب الفلسطيني) ذكرها البيان بالنص تأكيدا لموقف المرجعية
من مشروع التطبيع مع دولة الكيان المحتل .
اعترض ممثلو السنة في العراق بعدم زيارة البابا لمراجعهم وتناسوا ان الطائفة السنية لامرجع لها فهي تقلد فقهاء ماتوا قبل 1000 عام ومن المحزن ان من مثلها في السنوات الاخيرة كانت دولة داعش الارهابية وقيادتها الوهابية المدعومة سعوديا وامريكيا واسرائيليا.
توجه البابا بعد ذلك الى الناصرية لمدينة اور لزيارة البيت (المزعوم) للنبي ابراهيم ع الذي تم اكتشافه في العشرينات من القرن الماضي على يد المنقب البريطاني ليناردو ويلي عام 1925 ميلادي, وروجت الاكتشاف الدولة العراقية البريطانية انذاك فصدقه العراقيون وتحمسوا لذلك الشرف في ان يكون ابراهيم مولده في بلادهم , وليس صدفة ان يأتي ذلك الاكتشاف (المزعوم) جاء تعزيزا وتقوية لوعد بلفور البريطاني ايضا عام 1917 لاقامة وطن قومي لاسرائيل في فلسطين بحجة ان فلسطين هي ارض اليهود التابعة للديانة الابراهيمية , وان النبي ابراهيم ع حسب الروايات التوراتية ولد في العراق وهاجر الى مصر وتوفي في فلسطين فتكون رحلته هي المحور المكون لحدود الوطن القومي لليهود ( من الفرات الى النيل), استثمر بابا الفاتيكان هذه الحبكة التوراتية المعززة بالاكتشاف البريطاني التي يصدقها العراقيون ويتحمسون لها لنيل شرف ولادة ابراهيم في اراضيهم ,
وأكد البابا في خطبه على تكرار مصطلح (الديانة الابراهيمية) لتدخل اليهودية تحت هذا المسمى بطبيعة الحال , وكرر البابا اكثر من مرة ان زيارته هي (حج) الى العراق فحولها الى حج ديني
وكأنه يسن تشريعا جديدا للحج نحو العراق ثم يلحقه بمصطلح (الديانة الابراهيمية) ويعقبه بكلمات السلام والتآخي و (نزع السلاح ) والكف عن الصراع , وهي دعوة مبطنة وواضحة للتطبيع مع دولة الكيان الغاصب في فلسطين وفتح المجال للمستوطنين في الكيان الغاصب اتباع الديانة الابراهيمية نحو (الحج) الى العراق -كما فعل هو- للتعايش والمسالمة ونزع السلام !
دعوة ناعمة للتطبيع مع اسرائيل تؤيدها الحكومة العراقية الامريكية وتسعى لها فكانت زيارة البابا بغطاء ديني لسن السلام ونزع السلاح وفتح الحدود لاتباع الديانة الابراهيمية في اسرائيل للقدوم للحج والتعايش وهو امر لايتم الا بأتباع دعوات التطبيع والانضمام لها وهو المطلوب ..