العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية وهج الإيمان
وهج الإيمان
مشرف المنتدى العقائدي
رقم العضوية : 81228
الإنتساب : Jul 2014
المشاركات : 5,177
بمعدل : 1.36 يوميا

وهج الإيمان غير متصل

 عرض البوم صور وهج الإيمان

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : وهج الإيمان المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-11-2016 الساعة : 12:33 AM


هذه مقاله نفيسه للدكتور المفكر الأديب عبدالله الحراصي أنقلها للقارئ الكريم

في ترجمة الاستعارة العربية
عبدالله الحراصي(باحث ومترجم عماني)

تعتبر الاستعارة من اهم المشاكل فى عالم الترجمة النظري والعملي ، فالكثير من الاستعارات تبقى خارج نطاق قدرة المترجم على ترجمتها من لغتها الاصلية الى لغة أخرى والاسباب الرئيسية وراء ذلك هي العوامل اللغوية والثقافية التي تشكل الاستعارة وتجعلها مرتبطة باللغة الاصلية وقرائها ارتباطا وثيقا مما قد يجعل امر ترجمتها الى اي لغة أخرى مستحيلا او صعبا على اقل تقدير، ويهدف هذا المقال الى تبيان العوامل التي تحكم آلية ترجمة الاستعارة عموما وترجمة الاستعارة العربية الى اللغة الانجليزية على وجه التحديد.
اولا مواضيع فى نظرية الترجمة
لايمكننا التعرض بالتحليل المنهجي لمشكلة ترجمة الاستعارة دون ان نتعرض ولو على نحو موجز لبعض المواضيع التي شغلت منظري الترجمة والتي تشكل اساسا لجانب الترجمة فى هذا المقال ، وهذه المواضيع هي دور الترجمة الثقافي والترجمة المعنوية والترجمة التواصلية ومفهوم التقابل الديناميكي.
1- دور الترجمة الثقافي:
من الامور البارزة فى ادبيات الترجمة هو الاختلاف الجلي بين الباحثين فيما يتعلق بدور الترجمة خصوصا ترجمة الاعمال الادبية ، ذلك ان بعض الباحثين يرون ان الترجمة عملية تتم بين لغات وثقافات متعددة ومختلفة وانها لذلك تهدف الى تحفيز وتشجيع التفاهم بين هذه الثقافات ، وتوضح "كرستين ميسون" فى احد بحوثها هذه الرؤية بقولها "قد يكون النص مهما بسبل شتى ولا سباب شتى، ولكن _ فى رأيي _ احد هذه الاسباب هو ان النص يبرز لنا شيئا عن - اي يعطى القارىء معلومات مهمة حول _ شخصياته والاوضاع التي يجدون انفسهم فيها، ويتوجب النظر الى هذه الاوضاع من خلال السباق الثقافي الاوسع للنص ، ولهذا فإنني اشعر انه حينما يواجه المترجم النص للمرة الأولى بهدف ترجمته فإن عليه اولا ان يحدد وحدات الترجمة التي هي ليست النص كوحدة كاملة ... وانما النص كجزء من الثقافة التي ينتمى اليها".
وعليه فإن دور الترجمة . حسب هذه الرؤية هو تعريف قارىء لغة الهدف اي اللغة المترجم اليها النص بثقافة متحدثي لغة النص الاصلية ، حيث ان حفظ المكونات الثقافية للغة الاصلية يعطى قارىء الترجمة القدرة على فهم بيئة النص وسياقه الثقافي ، وتفضل ميسون الترجمة المملوءة بالحواشي الكثيرة القادرة على المحافظة على المظاهر الثقافية فى النص الأصلى ذلك ان الترجمة التي تبرز "النص كجزء من الثقافة التي ينتمى اليها" تتميز بثلاثة مظاهر من الاهمية :
أ- الاحتفاظ بأصالة النص ونكهته الثقافية .
ب - اثراء اللغة المترجم اليها.
ج - اثراء معرفة قارىء النص المترجم بلغة النص الاصلية وثقافتها.
اما الرؤية المغايرة فتعتبر ان على الترجمة ان تركز على الاحتفاظ بالمكونات الادبية ذات الطابع الانساني الشامل بدلا من اهتمامها بالابقاء على مظاهر اللغة الاصلية الثقافية ويوضح "مناحيم داجوت " هذه الرؤية بقوله ان تبنى الترجمة لهدف
نشر التفاهم العابر للثقافات يجب ان يظل فى منزله ثانوية من "الهدف الاساسي وهو جعل نص مهم فى اللغة الاصلية سهل المنال من لدن قارىء النص المترجم ، وان اهمية النص الاصلي يجب ان تقاس اولا وقبل كل شىء بمحتواه الانسانى وانجازه الادبي اي بمميزاته الانسانية الشاملة بدلا من خصوصياته الثقافية".
وهكذا يتهم داجوت الرؤية الأولى بالحط من شأن انجاز النص الادبي وبتحويله الى مصدر من مصادر علم الاعراق ، ويفسر دا جوت وجود الميزات الثقافية فى النص الاصلي بأنها غير متعمدة او مقصودة فى ذاتها من قبل كاتبه ، اضف الى ذلك ان ترجمة هذه المظاهر الثقافية يؤدى الى معضلتين ، اولاهما ان ذلك سيؤدى حتما الى الانتقاص من قابلية النص للقراءة وهذا ما يشكل ظلما وتعديا على كاتب النص الأصلى ، والمعضلة الثانية هي ان ذلك سيقلل من عدد قراء الترجمة الذين لايمكنهم التعرف على البعد الثقافي الكامل والخصوصيات الثقافية في النص الاصلي .
2- الترجمة المعنوية والترجمة التواصلية :
تنقسم الترجمة عادة الى نوعين : معنوية وتواصلية وعموما فإن الترجمة المعنوية هي اكثر تعقيدا وارباكا حيث تحتوي على ادق التفاصيل وتركز اهتمامها على النص الاصلي بدلا من النص المترجم فى حين ان الترجمة التواصلية ابسط واسهل واكثر مباشرة لتركيزها على النص المترجم ، ويختلف نوعا الترجمة من حيث مدى قابليتهما للترجمة ، فالترجمة المعنوية تتميز بأسلوبها الموضوعي لقربها من اللغة الاصلية فيما يكون اسلوب الترجمة التواصلية اسلوبا ذاتيا لاحتوائها على بعض التخمينات من قبل المترجم فيما يتعلق بتقبل قراء الترجمة للنص المترجم .
وقد تسبب الاختلاف فى طبيعة كل من هاتين الطريقتين في وجود اختلاف فى انواع النصوص التي تكون منسجمة مع كل منهما فتترجم النصوص الفلسفية والدينية والسياسية والعلمية والتقنية والادبية ترجمة معنوية ،حيث ان هذه النصوص تتطلب اقترابا من النص الاصلي بحيث لا تؤثر الترجمة في "معلوماتية" النصوص العلمية او فى الرسالة الدينية في النصوص المقدسة ولا فى اسلوب الكاتب او استراتيجيات الخطاب الادبي فى النصوص الادبية ، وفى الجانب الأخر يفضل ان تترجم بعض انواع النصوص تواصليا كالنصوص غير الادبية والنصوص الصحفية ، والكتب التعليمية والتقارير والاعلانات ، فأنواع النصوص هذه لاتتطلب من المترجم التقارب مع النص الاصلي حيث ان بؤرة تركيز المترجم تصبح النص المترجم وليس النص الاصلي فتتطلب ترجمة النصوص الصحفية ترجمة توا صلية مثلا لان هدف مثل هذه الترجمة ليس هو ترجمة النص الاصلي ذاته ، بل ترجمته على نحو يجعله ناجحا فى التواصل مع اكبر عدد من القراء.
ويلخص يبتر نيومارك _ رائد تقسيم الترجمة الى معنوية وتو اصلية - الفروق بين اسلوب الترجمة بقوله ان "الترجمة التواصلية تحاول خلق تأثير فى قراء الترجمة قريب من التأثير الذي يشعر به قراء النص الاصلي ، اما الترجمة المعنوية فتحاول _ بقدر ما تسمح به التراكيب الدلالية والنحوية فى اللغة المترجم اليها - ان تنقل المعنى السياقي الدقيق للنص الاصلي".
3- مفهوم التقابل الديناميكي:
يعتبر مفهوم التقابل الديناميكي من اهم المفاهيم المثيرة للجدل فى نظرية الترجمة ، واول من قال بهذا المفهوم هو يوجين نايدا الذي يميز بين نوعين من المقابلات الترجمية ، المقابل الشكلي والمقابل الديناميكي، فالمقابل الشكلي يرمى الى ترجمة شكل ومعنى النص الاصلي ، بينما يقوم المقابل الديناميكي على مبدأ التأثير المقابل الذي يفترض ان هدف الترجمة هو خلق اثر او رد فعل من قبل جمهور الترجمة ، مشابه للاثر الذي خلقه النص الاصلي فى قارئه بلغته الاصلية ، ويعتبر فايدا الاثر المقابل افضل معيار للحكم على نوعية الترجمة ويعتبره ايضا اقرب مقابل طبيعي لرسالة اللغة الاصلية .
وبعد "نايدا" لقى مفهوم التقابل الديناميكي دعما وتأييدا غير محدودين من قبل الكثير من بأحثى الترجمة الذين اعتمدوا على ترجمة النصوص الادبية حيث يجب الاحتفاظ بما يسمى بالأثر الادبي باعتباره الجزء الاساسي فى اي عمل ادبي فمثلا يفضل كل من داجوت ولطفي بورسعيدى التقابل الديناميكي حينما يتعلق الامر بترجمة النصوص الادبية ، فبينما تهدف النصوص المعلوماتية الى اثراء معرفة القراء، تسعي الاعمال الادبية الى انجاز اثر ادبي او رد فعل من قبل القراء، وهذا الفرق الرئيسي بين نوعي النصوص يحدد اسلوب الترجمة المتبع ، فترجمة النصوص الحقائقية كالنصوص العلمية تسعي الى حفظ الرسالة التي يحملها النص بحيث يتم استيعابها من قبل قارىء النص المترجم على نحو يشابه استيعابها من قبل قارىء النص الأصلى ، فيما تحاول الترجمة الادبية لخلق تأثير جمالي يشعر به قارىء الترجمة بحيث يكون هذا التأثير مشابها لذلك الذي شعر به قارىء النص الادبي فى لغته الاصلية .
ويعتبر "داجوت" اسلوب المقابل الديناميكي الاسلوب الصحيح والامثل فى ترجمة الاستعارة من لغة النص الاصلي الى اللغة المترجم اليها، ذلك انه يعتبر الاستعارة اداة يستثمرها الاديب لخلق تأثير جمالي لدى المتلقى ولهذا يفرق "داجوت" بين الاستعارة والمشتقات الاستعارية كالعبارات الاصطلاحية فالأخيرة كانت استعارة فى الاصل لكنها وبحكم الاستخدام المتكرر فقدت قيمتها الجمالية وقدرتها على خلق اثر جمالي لدى المتلقى، وهكذا تعامل الترجمة المشتقات الاستعارية وكأنها كلمات عادية ، أما ترجمة الاستعارة فتهدف الى المحافظة على قدرة الاستعارة على خلق الاثر الجمالي .
اما "لطفى بورسعيدى" فيفرق بين الادب وغير الادب او اللاادب : Non-Iiteratureمن حيث الاثر الخاص للنصوص الادبية اي ان الاثر الجمالي هو ما يميز النص الادبي عن غيره من النصوص ، ويتم خلق هذا الاثر الجمالي عبر تركيب استراتيجيات نصانية وخطابية فى النص الادبي وهذا يعنى ان النص غير الادبي يستثمر استراتيجيات نصانية وخطابية عادية ليتواصل مع القارىء، فيما يستخدم الاديب استراتيجيات نصانية وخطابية خاصة فى العمل الادبي،اضافة الى الاستراتيجيات العادية ، وهذه الاستراتيجيات الخاصة التي تميز النص الادبي هي التي تنتج التأثير الجمالي الذي يعده "سعيدى" السمة الرئيسية فى النص الادبي.
ويرى لطفى بورسعيدى ان هناك اربع سبل يتم عبرها خلق التأثير الجمالي لدى القارىء عبر استثمار الاستراتيجيات النصانية والخطابية الخاصة وهى:
1- فرادة واصالة الاستراتيجيات المستخدمة .
2- الطبيعة غير المحددة لهذه الاستراتيجيات .
3- صيغة التواصل غير المباشرة .
4- استخدام استراتيجيات سيمانطيقية كالرمز والاستعارة .
والمحصلة النهائية لهذه السبل هي التأثير الادبي او الجمالي فى النص الادبي، ويتوجب على المترجم الاحتفاظ بهذا الاثر لانه جزء من "كيفية القول" اي شكل النص الذي يماثل فى اهميته المضمون ، وكما يقول سعيدي فإن مهمة المترجم لاتتمثل فقط فى تحويل رسالة المؤلف الاصلية الى اللغة المترجم اليها، ولكن ايضا الاحتفاظ بكيفية القول اي الاستراتيجيات النصانية ومحاولة تكرارها ما امكن فى اللغة المترجم اليها النص .
ورغم ما ناله مفهوم التقابل الديناميكي من مديح واطراء فإن كثيرا من الدارسين قد تقصوا بعض عيوبه ، فرغم ان "باسل حاتم" و "ايان ميسون" مثلا لايرفضان مصطلح المقابل الديناميكي والاثر المقابل فإنهما يريان ان مصطلح "المقابل" نفسه مصطلح مشوب بالغموض والنسبية ، ولذا فإنهما يقترحان دراسة الموضوع من خلال مفهوم جديد وهو "التقابل فى التأثير المستهدف" كذلك فقد تعرض المقابل الديناميكي لكثير من النقد الذي تركز على طبيعته التخمينية غير المؤكدة فـ "باسنيت ماجواير" تلخص نقدها بقولها ان التأثير المقابل يشركنا فى تخمينات وقد يقودنا ايضا الى ستنتاجات مشكوك فيها احيانا، وكمثال على ذلك فإنها تتعرض لترجمة "ج ب فيليب" لجملة من العهد الجديد تقول "سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة" التي ترجمها إلى الانجليزية Give One the a hearty handshake all ariund وهى ترجمة تصفها ماجواير بأنها "غير مناسبة ومبتذلة" وتنتقد ماجواير ايضا ترجمة اي في "ريو" لملاحم هوميروس الى اللغة الانجليزية فعلى اساس التقابل الديناميكي ترجم "ريو" ملاحم هوميروس الشعرية الى نثر انجليزي، حيث اعتقد ان التأثير الذي تنتجه الملحمة في القارىء الاغريقي القديم يمكن الاحساس به عند القارىء الاوروبي المعاصر فقط عن طريق ترجمتها الى نثر على اساس ان تأثير الشعر الملحمي عند قدماء الا غريق يماثل اثر النثر عند القارىء المعاصر فى اوروبا، وسلبيات هذا فى رأيها ان مثل هذه الترجمة تضحي بشكل الملحمة الشعري بتحويله الى نثر، بالاضافة الى انها تدخل المترجم فى تخمينات فيما يتعلق بخلق اثر مماثل حيث يمضى المترجم وراء ما يعتقد انه اثر جمالي دون اعتبار ان التأثير الاصلي ذاته مفهوم أفتراضى لايمكن قياسه بالطرق التجريبية .
اما "كرستين ميسون" فلا تعتقد انه يمكن الوثوق بمفهوم التقابل الديناميكي وتعتبر الترجمة الحرفية هدفا على كل مترجم ان يسعى اليه ، فهي تفترض ان لدى كل قارىء من قراء النص تراءته الخاصة وتفسيره الخاص للنص اي ان التأثير الذي قد ينتجه النص في قارىء ما يختلف عن مثيله عند قارىء أخر قرأ نفس النص ، لذا فإن الترجمة الحرفية كفيلة بحفظ قابلية النص الاصلي لتلقى قراءات مختلفة وهو ما يجب المحافظة عليه فى عملية الترجمة ، واضافة الى هذا فإن ميسون تعتقد انه لايمكن الحصول على تأثير مماثل عند ترجمة التعابير الثقافية فالايحاءات الثقافية فى بعض التعابير هي سمة مميزة للغة الاصلية ولا يمكن الاحتفاظ بها من خلال عملية الترجمة ولذا فلا جدوى من السعى الى انتاج "تأثير مماثل" من قراء الترجمة لان هذا التأثير ببساطة غير موجود من الاصل .
اما يبتر نيومارك فيهاجم هذا المفهوم مركزا على بعض الحالات التي لايمكن فيها خلق اي نوع من التأثير عند قراء الترجمة ومن هذه الحالات ترجمة النصوص غير الادبية التي ترتبط ثقافيا باللغة الاصلية حيث يوجه النص ذاته الى قراء لغة الاصل لا غيرهم مثل النصوص القانونية التي لا يمكن ان تثير اي شعور لدى قارىء الترجمة لانها موجهة اصلا الى قرائها فى لغتها الاصلية ، ومن هذه الحالات ايضا حينما تكون اهمية الثقافة مماثلة لاهمية الرسالة ذاتها فى العمل الادبي حيث يتوجب على المترجم ان ترجم النص الاصلي حرفيا ما امكنه ذلك متجاهلا اي محاولة لايجاد اي اثر جمالي ويستدل "نيومارك" على ذلك بترجمة استعارة هوميروس The wire- dark sea اي (البحر النبيذى الظلمة) فلو كانت الترجمة تسعي الى خلق تأثير مماثل مثلما هو الحال فى The sky blue sea أى "البحر السماوي الزرقة" فإن الكثير الكثير من اهمية ثقافة اللغة الاصلية سيختفى فى الترجمة .
ثانيا : مدخل الى الاستعارة .
رغم الاختلافات فى تعريف الاستعارة فإن معظم التعريفات ان لم تكن كلها تجمع على سمتين اساسيتين تميزان الاستعارة هما النقل والتشبيه ، فكل استعارة تحتوي على نقل كلمة او تعبير من المدلول الذي تدل عليه فى العادة الى مدلول أخر يشابه المدلول الاصلي فى سمة من سماته ، فكلمة "ليل" فى "الشيخوخة ليل الحياة" منقولة من مدلولها الاصلي الذي هو جزء من اليوم الى مدلول جديد عليها وهو "كبر السن" اما فيما يتعلق بالتشبيه فإن كل استعارة تحتوي على تشبيه المستعار بالمستعار له او كما يقول "ليتش" لايمكن ان يوجد نقل استعاري دون وجود تشابه بين المستعار والمستعار له . وهناك تصنيفات عدة لمكونات الاستعارة ، ورغم اختلاف هذه التصنيفات فى المصطلحات الدالة على المكونات وفى عددها فإنها تتفق فى حقيقة مفادها ان كل استعارة تحتوي على استخدام كلمة بدلا من أخرى على سبيل التشبيه وسنستعرض هنا ثلاثة من هذه التصنيفات وهى تصنيف ريتشاردز وتصنيف "نيومارك" وتصنيف "كروفتس". ينتقد ريتشاردز فى كتابه الذائع الصيت "فلسفة البلاغة" ما يسميه بالعبارات الوصفية الخرقاء التي استخدمت فى زمنة لتحليل الاستعارة مثل "الفكرة الاصلية والفكرة المستعارة ، ما يقال او يفكر فيه فى الحقيقة والمشبه به ، والفكرة الضمنية والطبيعة المتخيلة ، والفاعل الرئيسي وما يشبهه ، وعلى مستوى اكثر اضطرابا وتشويشا "المعنى" و "الاستعارة" او الفكرة والصورة ".
وبسبب طول بعض هذه العبارات أو المصطلحات وتشويشها فإن ريتشاردز يرى ان علينا ان ننظر الى الاستعارة كوحدة يمكن تقسيمها الى مصطلحين واضحين هما: Vehicle Tenor كما عربهما البعض "بالمحمول"و"الحامل" فالمحمول فى المثال السابق هو مفهوم النهاية المشترك بين آخر مراحل الحياة والليل بالنسبة لليوم اما الحامل فهو كلمة "ليل".
اما نيومارك فيستخدم ذات كلمة ريتشاردز “خرقاء” لوصف مصطلحي “ريتشاردز” نفسيهما هذه المرة ، ويرى ان مكونات الاستعارة يمكن وصفها على النحو التالي :
1 -الصورة : nrine وهى الرسم الذي تستحضره الاستعارة والذي قد يكون عالميا مثل نظرة “زجاجية “ حادة Glassy stare او ثقافيا مثل وجه جعوي Abeery face ا و شخصيا مثل خد ورقى ومثل صورة الليل في المثال السابق “الشيخوخة ليل الحياة “.
2- الشىء: Object وهو ما تصفه الاستعارة او تحدده كا لشيخوخة التي تصفها بأنها “ليل الحياة”.
3- المعنى: Senseهى السمات او المظاهر التي يتشابه فيها الشىء والصورة ، اي المعنى الحرفي للاستعارة او “المنطقة المعنوية المشتركة بين الشىء و” الصورة “، وحسبما يرى “نيومارك “ فكلما كانت الاستعارة اكثر اصالة وابداعا كانت أغنى فى مكونات المعنى، وفى المثال السابق يصبح المعنى هو فكرة او مفهوم النهاية الذي يصيب كلا من اليوم والعمر.
4- الاستعارة ****phor وهى الكلمة المأخوذة من الصورة او الكلمة المجازية المستخدمة مثل كلمة ”ليل “ فى المثال السابق .
وثالث التصنيفات هو تصنيف “كروفتس “ الواسع الاستخدام عند باحثى الاستعارة حيث تنقسم الاستعارة الى ثلاثة مكونات هى :
1- الموضوع : الشىء الذي توضحه الاستعارة .
2- الصورة : الجزء الاستعاري.
3- وجه الشبه : وهى ارضية التشابه والتي توضح الوجوه المحددة التي تتشابه فيها الصورة والموضوع .
ففي المثال “الشيخونحة ليل الحياة “ فإن الموضوع هو كبر السن او الشيخوخة بينما الصورة هى “الليل “ووجه الشبه هو ان كلا من الليل والشيخوخة يرمزان الى النهاية المحتومة .
ولكن كيف يمكننا تحليل استعارة معينة وردها الى مكوناتها؟ يقترح “جفري ليتش“ اسلوبا مبسطا يمكن بواسطته تحليل استعارة معينة ، وسنحاول هنا تحليل ”الشيخوخة ليل الحياة “ عبر هذا الاسلوب الذي يتكون من ثلاث مراحل هي:
1- المرحلة الأولى : يفصل فى هذه المرحلة الاستخدام الحرفى من الاستخدام المجازى، وتحدد اجزاء الاستعارة التي يمكن فهمها مجازيا ثم فصلها عن طريق كتابتها فى سطر منفصل .
الاستخدام الحرفي : الشيخوخة ــ الحياة .
الاستخدام المجازي: ليل
2 - المرحلة الثانية : فى هذه المرحلة يتم تشكيل المستعار له
والمستعار عن طريق افتراض اجزاء معنوية ومل ء الفراغات السابقة, وهنا يتم استبدال الفراغات بدليل على الاجزاء المعنوية التي قد تملأ الفراغات بشكل معقول بحيث يمكن قبول السطرين عبر قراءة حرفية.
المستعار له: الشيخوخة (نهاية ) الحياة
المستعار: ليل (اليوم ).
3- المرحلة الثالثة: ويتم فيها تحديد وجه الشبه بين المستعار له والمستعار المفصولين فى المرحلة السابقة, ووجه الشبه فى مثالنا هو ان الحياة تنقسم الى مراحل عدة اخرها ما يشكل نهاية الحياة فهو فى ذلك شبيه بالليل بالنسبة لليوم.
واجمالا فإن اسلوب ليتش البسيط فى تحليل الاستعارة يقدم العون فى التفريق بين المعنى الحرفي والمجازى والتفريق بين المستعار له والمستعار فى استعارة معينة.
**استعراض لما كتب فى الاستعارة:
النقاد العرب والاستعارة **
تأثرت معالجة الدارسين العرب للاستعارة الى حد كبير بالمعنى اللغوى الاصلي للفعل “استعار”د وهو طلب او السعى الى العارية “الشىء المستعار” وهكذا تصبح الاستعارة نوعا من “السلفة” او “القرض” ويوضح ضياء الدين بن الاثير فى كتابه المثل السائر” هذا بقوله:
“انما سمى هذا القسم من الكلام استعارة لان الاصل فى الاستعارة أنها مأخوذة من العارية الحقيقية وهى أن يستعير بعض الناس من بعض شيئا من الاشياء، ولا يقع ذلك إلا من شخصين بينهما سبب معرفة ما يقتضى استعارة احدهما من الاخر شيئا، واذا لم يكن بينهما سبب معرفة بوجه من الوجوه فلا يستعير احدهما من الاخر، وهذا الحكم جار فى استعارة الالفاظ بعضها من بعض فالمشاركة بين اللفظين فى نقل المعنى من احدهما للاخر كالمعرفة بين الشخصين فى نقل الشىء المستعار من احدهما للا خر.
وكلام ابن الاثير يعنى اعتبار العملية الاستعارية نوعا من الاقتراض بين الكلمات او لنقل تعير كلمة معينة معناها لكلمة أخرى بسبب وجود علاقة او قرابة معنوية حيث “معرفة دلالية” بين الكلمتين.
وقد فسر النقاد العرب طبيعة الاستعارة عبر نظريتين هما نظرية النقل ونظرية الادعاء، فنظرية النقل التي قال بها البعض مثل ابو حسن القاضى والحاتمي وغيرهما ترى ان الاستعارة ليست سوى كلمة نقلت من سياقها الاصلي الى سياق اخر، فلو قلنا “عمرو اسد” فإن كلمة اسد الاستعارية تكون قد نقلت من سياقها الاصلي ولنقل سياق الحيوان الى سياق جديد هو سياق الحرب بمعنى جديد وهو “شجاع “.
اما النظرية ـ او لنقل الرؤيةـ الاخري فتقوم على مفهوم الادعاء عند عبد القاهر الجرجانى وترى انه حينما يقرأ القارىء او يسمع السامع استعارة معينة فإنه يدعى عدم وجود اي مجاز فيها وان ما يقرأه يحمل معنى حرفيا او حقيقيا، فيصبح عمرو اسدا حقيقيا وليس انسانا، وهذا يعنى ان نظرية النقل تركز على العملية اللغوية فى الاستعارة اما نظرية الادعاء فتتمحور على ما يسمى فى النقد المعاصر بالاستقبال اي بكيفية استقبال الاستعارة والتعامل الدلالي معها من قبل القارىء ورغم هذا الاختلاف, إلا ان كلتيهما يفترضان وجود استخدام أصلى للغة او ما يمكن ان يدعى بالمعيار اللغوى والذي لايجب على اي استعارة كسره او تخطيه, كذلك فإن كلتا النظريتين يفترضان ان الاستعارة لايجب ان تتخطى او تكسر الانماط العقلية والمعنوية والتي هي مظاهر هذا المعيار ولتوضيح هذا فسنعرض هنا لثلاث زوايا عالج النقاد العرب الاستعارة عبرها وهى: الزاوية التفتيتية والزاوية الارجاعية والزاوية المنطقية.
تتبدى تفتيتية نظرة الباحثين العرب للاستعارة فى وجهين اولهما هو تقسيم الاستعارة الى اجزاء والثاني هو تحديد اوجه الشبه والفرق بين عالم الاستعارة وعالم الواقع, حيث يقسم النقاد العرب الاستعارة الى مكونات فى سبيل فهمها فعوضا عن تقبل الاستعارة كوحدة وتذوق سماتها الجمالية فقد تسموها الى اجزاء محددين المعنى المجازى والمعنى اللغوى، وتبدو هذه التفتيتية ايضا فى تحديد المستعار ومقارنته بحقائق الواقع الحياتي المعاش او كما يقول ابو هلال العسكري “لابد لكل استعارة ومجاز من حقيقة وهى اصل الدلالة على المعنى فى اللغة “ اي ان الواقع او ما يدعوه “الحقيقة “هو الوسيلة الرئيسية التي يرى الباحثون العرب عبرها العالم المجازى فى الاستعارة.
اما الزاوية الارجاعية فهي تتشابه مع التفتيتية, ذلك انها ترفض الاستعارة كاستعارة, بل ترجعها الى حقيقة مقابلة لها، وهذا الارجاع هو ما يحدد معنى الاستعارة اي ان فهم وتذوق استعارة ما لا يحدث دون معرفة الحقيقة التي تقابل الاستعارة, ولتوضيح هذا سنتعرض للاستعارة التالية للامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه: “ايها الناس شقوا امواج الفتنة بسفن النجاة “ فحسب الرؤية الارجاعية لانستطيع ملامسة جماليات الاستعارة إلا اذا اعتقدنا بادىء ذى بدء انه ليست للفتنة امواج ولا للنجاة سفن, فبمقابل امواج وسفن توجد كلمات مقابلة فى الحقيقة مثل صعوبات او انواع الفتنة وطرق واساليب النجاة, اي اننا نقيس المتخيل والمجازى بالواقعي والحقيقي.
والزاوية الثالثة وهى الزاوية المنطقية من اهم الزوايا التي يمكن عبرها استعراض معالجة النقاد والباحثين العرب للاستعارة وهى تفترض اننا يجب ان ننظر الى الاستعارة عبر العقل والمنطق بدلا من الخيال وهذا ما انتج نوعا من الرقابة العقلية المنطقية على المظهر الخيالي فى الاستعارة ويوضح ذلك قول الامدي ان الاستعارة محدودة بحدود وانها اذا تجاوزت هذه الحدود “فسدت وقبحت “ وهذا يفترض مسبقا ان الصورة فى الاستعارة يجب ان تكون عادية ومألوفة جدا بحيث يمكن ان يتقبلها عقل القارىء العادى ولو تجاوزت الاستعارة المألوف لاصبحت فاسدة وقبيحة, وتتبدى منطقية النظرة الى الاستعارة فى مفهوم “التناسب العقلي “ بين المستعار له والمستعار، حيث لم يقبل النقاد العرب إلا الاستعارات التي تحتوي على اوجه شبه واضحة بين المستعار له والمستعار، ورفضوا فى الوقت ذاته اي استعارة تعبر عن رؤية شخصية لتشابه يرده الكاتب ان لم يقبل العقل والمنطق هذا التشابه.
وهجوم النقاد على أبى تمام هو دليل جلي عل هذا المعتقد فمن المعروف ان أبى تمام قد ابدع العديد من الاستعارات الاصيلة مما جعله عرضة لهجوم عنيف من قبل نقاد من امثال الامدي الذي وصفه بأنه “يريد ان يبتدع فيقع فى الخطأ” وكلمة “الخطأ” هي مؤشر ليس بحاجة الى مزيد توضيح على ان الشاعر قد انتهك حرمة “التناسب المنطقي” اي الصور واوجه الشبه المألوفة.
يتبع ...


توقيع : وهج الإيمان











من مواضيع : وهج الإيمان 0 الأستاذ السني بشير الرشيدي أتت فاطمة بعلي كشاهد على حقها في فدك
0 كتابي الإلكتروني: البرهان في إثبات إسلام الطاهرة أم صاحب الزمان
0 احتجت الزهراء على أبي بكر بأنها ترث من والدها ص كما يرثه ولده وأهله بما صح سنده
0 بحديث صحيح قول النبي ص عن الزهراء ع :إنَّ اللهَ يغضَبُ لغضبِكِ ويرضى لرضاكِ
0 د. الحسيني بالمناقب للخوارزمي الحنفي وفرائد السمطين للحمويني الشافعي قال النبي ص علي أمير المؤمنين
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 12:33 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية