روي أن زكريا كلما دخل على مريم عليها السلام وهي في محرابها ( وكان آنذاك رئيس الهيكل اليهودي فإهتم بها وتفقد شؤونها ) وجد عندها طعاماً وعهده بها أن لا يدخل عليها أحد ، فسألها متعجباً : أنى لك هذا ! ... قالت هو من عند الله ـ أي لا بواسطة أحد من الناس ـ أن الله يرزق من يشاء بغير حساب . ولا شك ولاريب أن هذه كرامة لمريم عليها السلام فهل في فاطمة الزهراء عليها السلام موجودة هذه الكرامة أن انها إختصت بمريم فقط فتكون مفضلة على الصديقة عليها السلام ؟ قلنا : نعم حدثت مثل هذه الكرامة لسيدة النساء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد جاء في تفسير روح البيان للشيخ اسماعيل حقي عند تفسير قوله تعالى حكاية عن مريم : ( هو من عند الله ) جاء في هذا التفسير ما نصه بالحرف : « جاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمن قحط ، فأهدت له فاطمة رغيفين ولحماً .. فأتاها وإذا بطبق عندها مملوء خبزاً ولحماً ، فقال لها : انى لك هذا ؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال : الحمد لله الذي جعلك شبيهه بسيدة بني اسرائيل ، ثم جمع رسول الله علياً والحسنين ، وجمع أهل بيته عليه فاكلوا وشبعوا ، وبقي الطعام كما هو فأوزعت فاطمة على جيرانها » (1) .
وفي كتاب ذخائر العقبى لحب الدين الطبري « إن علياً عليه السلام استقرض ديناراً ليشتري به طعاماً لاهله ، فالتقى بالمقداد بن الاسود في حال ازعاج ولما سأله الإمام قال : تركت أهلي يبكون جوعاً ، فآثره بالدينار على نفسه وأهله وانطلق الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلى خلفه وبعد الصلاة قال النبي لعلي : هل عند شيء تعيشنا به ؟ وكأن الله قد أوحى إليه ان يتعشى عند علي ، فأطرق علي لا يحير جواباً ، فأخذ النبي بيده ، وانطلقا الى بيت فاطمة ، وإذا بحفنه من الطعام فقال لها علي عليه السلام أنّى لك هذا ؟ قال له النبي : هذا ثواب الدينار ، هذا من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب ، الحمد لله الذي أجراك يا علي مجرى زكريا واجراك يا فاطمة مجري مريم ، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ... »(2)