بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف ...
يستشكلون علينا القوم البكاء على الميت ويعتبرونه بدعة وضلالة ومخالف لسنة النبي الاعظم , وطبعا كلنا يعرف كم يحبون كلمة بدعة كل شيء عند الشيعة قرنو فيهِ كلمة بدعة وهم بذلك يوجهون سهامهم نحو النبي الاعظم من حيث
لايشعرون او ربما يشعرون لأنهم
يعلمون كل العلم ان الشيعة هم اهل سنة النبي الاعظم , بينما اهل سنة الجماعة قد اخذوا السنة من الجماعة بعيدا عن النبي الاعظم وهم اصحاب حسبنا كتاب الله , لكن نكلم من نحن ؟!
لذا نستعرض فعل النبي صلى الله عليه واله وقوله وتقريره بهذا الشأن كما ورد تواتره في كتبهم ...
يوم أُحد، إذ علم الناس كافة بكائه يومئذ على عمّه أسد اللّه وأسد رسوله، حتى قال ابن عبدالبر في ترجمة حمزة من استيعابه (في أواخر الصفحة 378 من المجلد الثالث، طبع مصر.) لما رأى النبي (صلّى اللّه عليه وآله) حمزة قتيلا بكى، فلما
رأى ما مثّل به شهق.
وذكر الواقدي ـ كما في أوائل الجزء الخامس عشر من شرح نهج البلاغة(قد اشتمل هذا الحديث على فعل النبي صلّى اللّه عليه وآله وتقريره، فهو حجة من جهتين، على أنّ بكاء سيدة النساء ـ عليها السلام ـ
بقصد أنّ فعل فاطمة عليها السلام يكفي للاستدلال، وهو حجة في مثل هذا المقام، إذ أنّها معصومة عندنا، وقد أثبت علماؤنا ـ قدس اللّه سرهم ـ ذلك من الأحاديث الصحيحة والمتواترة، ويؤيده صريح آيتي المباهلة والتطهير.
ولا يخفى على الباحث ما في كتب التفسير، الحديث، التاريخ، السير، التراجم في هذا الشأن، مما يدل على عظمة البتول فاطمة بضعة رسول اللّه (صلّى اللّه عليهما) ) للعلامة المعتزلي ـ إن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان يومئذ إذا بكت صفيّة يبكي وإذا نشجت ينشج قال: «وجعلت فاطمة تبكي، فلمّا بكت بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله»(شرح نهج البلاغة; للمعتزلي 15 / 17، دار إحياء الكتب العربية).
ومنها: يوم نعى زيداً، وذا الجناحين، وابن رواحة، فيما أخرجه البخاري في الصفحة الثالثة من أبواب الجنائز من صحيحه(صحيح البخاري 4 / 218، ط بيروت، دار الفكر، سنة 1401).
وذكر ابن عبدالبرّ في ترجمة زيد من إستيعابه: «إنّ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بكى على جعفر وزيد» وقال: «أخواي ومؤنساي ومحدّثاي»(الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2 / 546).
ومنها: يوم مات ولده إبراهيم، إذ بكى عليه، فقال له عبدالرحمن بن عوف (كما في الصفحة 148، من الجزء الأوّل من صحيح البخاري): «وأنت يا رسول اللّه؟!».
قال: يابن عوف إنّها رحمة ثم أتبعها (يعني عبرته) باخرى. فقال:
«إنّ العينَ تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلاّ ما يُرضي ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون»(صحيح البخاري 2 / 85 ، ط دار الفكر، بيروت).
ومنها: يوم ماتت احدى بناته (صلّى اللّه عليه وآله) إذ جلس على قبرها (كما في صفحة 146 من الجزء الأول من صحيح البخاري) وعيناه تدمعان.
ومنها: يوم مات صبي لاحدى بناته إذ فاضت عيناه يومئذ (كما في الصحيحين وغيرهما) فقال له سعد: «ما هذا يا رسول اللّه؟» قال:
«هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده، وإنّما يرحم اللّه من عباده الرحماء».
ومنها: ما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، عن ابن عمر قال: «اشتكى سعد فعاده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) مع جماعة من أصحابه فوجده في غشية فبكى (قال): «فلمّا رأى القوم بكاءه بكوا" (في باب البكاء عند المريض من
صحيح البخاري 2 / 85 ، وفي باب البكاء على الميت من صحيح مسلم، 3 / 40).
والاحاديث بهذا الشأن لاتحصى , لكننا سنكتفي بهذا ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس في صفحة 335 من الجزء الأوّل من مسنده من جملة حديث ذكر فيه موت رقية بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وبكاء النساء عليها قال: «فجعل عمر يضربهن بسوطه» فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «دعهن يبكين».
ثم قال:
«مهما يكن من القلب والعين فمن اللّه والرحمة». وقعد على شفير القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي».
قال: «فجعل النبي (صلّى اللّه عليه وسلم) يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها(مسند أحمد بن حنبل 1 / 335، ط دار صادر).
وأخرج أحمد أيضاً من حديث أبي هريرة حديثاً جاء فيه أنّه: مرّ على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلم) جنازة معها بواكي فنهرهنّ عمر. فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم:
«دعهنّ، فإنّ النفس مصابة والعين دامعة»(مسند أحمد 2 / 333).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقول بعدما ذُكر اعلاه من احاديث نبوية حول البكاء اي عاقل يستشكل علينا البكاء على الميت ؟ ! وقد عمل به النبي العظم الذي هو ماينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى افعاله واقواله كلها تمثل الدين..
وأمّا ما جاء في الصحيحين من أنّ (الميت يعذب لبكاء أهله عليه)، وفي رواية: (ببعض بكاء أهله عليه)، وفي رواية: (ببكاء الحي)، وفي رواية: (يعذّب في قبره بما نيح عليه)، وفي رواية: (من يبك عليه يعذب)(24).
فانها روايات غير صحيحة ، بحكم العقل والنقل..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
قال الفاضل النووي: هذه الروايات كلّها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبداللّه. قال: وأنكرت عائشة عليهما ونسبتهما إلى النسيان والاشتباه واحتجّت بقوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)الخ...(باب الميت يُعذّب ببكاء أهله عليه من شرح صحيح مسلم، 6 / 228، ط دار الكتاب العربي، سنة 1407، وأنظر: مقدمة (العقد الثمين) للشوكاني المتوفى 1250.
).
وأنكر هذه الروايات أيضاً عبداللّه بن عبّاس، واحتجّ على خطأ راويها، والتفصيل في الصحيحين وشروحهما، وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض، حتّى أخرج الطبري(تاريخ الطبري: ذكر وفاة أبي بكر، 2 / 614، ط بيروت الأعلمي.) في حوادث سنة 13
من تاريخه بالإسناد إلى سعيد بن المسيب قال: «لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح، فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها، فنهاهن عن البكاء على أبي بكر، فأبين أن ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إليّ ابنة أبي قحافة. فقالت عائشة لهشام حين
سمعت ذلك من عمر: «إني أحرج عليك بيتي»، فقال عمر لهشام: «أدخل فقد أذنتُ لك»، فدخل هشام وأخرج أم فروة أخت أبي بكر إلى عمر، فعلاها بالدرة، فضربها ضربات، فتفرق النوّح حين سمعوا ذلك».
فالنبي يأمر وعمر ينهى ؟ الم يأمر النبي الاعظم كما ورد اعلاه في قضية موت رقية ربيبة النبي الم يأمر عمر بترك ضرب النوائح؟ ثم إذا كان البكاء على الميت حراماً، فلماذا أباح لنساء بني مخزوم أن يبكين على خالد بن الوليد؟(كما نص عليه ابن عبدالبر في ترجمة
النعمان من إستيعابه 4 / 1506 وفي أوائل الجزء الثاني من العقد الفريد قال: ولما نُعي النعمان بن مقرن إلى عمر بن الخطاب وضع يده على رأسه وصاح يا أسفاه على النعمان.. و بكاؤه على أخيه زيد معلوم بالتواتر) حتى ذكر محمّد بن سلام ـ كما في ترجمة خالد من
الاستيعاب(الإستيعاب في معرفة الأصحاب 2 / 431.) ـ : «إنّه لم تبقَ امرأة من بني المغيرة إلاّ وضعت لمّتها ـ أي حلقت رأسها ـ على قبر خالد» . فلماذا لم ينهاهن عمر ؟!
وفي النهاية نقول الانحراف عن سنة الاعظم ليس غريب على صاحب (حسبنا كتاب الله) وليته عمل بكتاب الله في هذه المسألة اذ قال تعالى في قضية النبي يعقوب "وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ) حتى قيل: ـ كما
في تفسير هذه الآية من
الكشاف ـ ما جفّت عيناه من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاماً، وما على وجه الأرض أكرم على اللّه منه.
هذا كتاب الله ياعمر؟ يامن اتخذت من الدين عصا تلوح بها كيفما شئت ..
هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمد واله الطاهرين ....
التعديل الأخير تم بواسطة الجزائرية ; 30-01-2013 الساعة 05:46 PM.