فلما كان في السنة الثانية، حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمر بقريش وأبنيتها وفساطيطها بالمزدلفة لا يشكون لوقوف أبي بكر في العام الماضي، إن الله قد ثبت سننهم التي ولدوها وإن رسول الله سيقف معهم كما وقف أبو بكر، فمر بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: السلام عليكم، ثم طواهم، وقصد لعرفات، فقطعت الأبنية، وقوضت وتركت عرصة البدعة قاعا ولحقت قريش برسول الله، ومن حج من المؤمنين، فعرفهم، فخطبهم رسول الله فقال:
ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض (١) [قال الله عز وجل]: ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم﴾ )، [وقال تعالى]: ﴿إنما النسئ زيادة في الكفر﴾ ، ثم قال:
أيها الناس إن الله عز وجل باهى بكم الملائكة عامة وبعلي خاصة إمضوا على بركة الله (٢).
(١) - سورة التوبة: ٣٧.
(٢) - روى العلامة محب الدين الطبري في " الرياض النضرة " ج ٢، ص ١٧٧، من طريق أحمد، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال: إن الله عز وجل قد باهى بكم وغفر لكم عامة ولعلي خاصة.
وروى العلامة العيني في مناقب علي ص ٣٢ من طريق أبي نعيم عن عمر الديلمي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جبريل ينادي: من مثلك يا علي يباهي الله تعالى بك والملائكة. ومن طريق آخر عن جابر أن الله يباهي بعلي كل يوم الملائكة المقربين. أنظر إحقاق الحق ج / فهرست ص ١١١.