بسمه تعالى ،،،
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وآله .. أما بعد
فإننا قد رأينا ما كتبه أحد المبتدعة من أهل الزيغ والضلالة حول رواية الجزع المشهورة الصحيحة في أمالي الشيخ الطوسي قدس سره:
(
حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن . قولويه رحمه الله، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب الزراد ، عن أبي محمد الأنصاري ، عن معاوية بن وهب ، قال : كنت جالسا عند جعفر بن محمد ... وقال عليه السلام كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام )
إذ استدل على عدم اعتباريتها بأمرين
الأول : عدم صحة نسبة الكتاب للشيخ الطوسي
اقتباس :
|
( أمالي الطوسي قد تشكك آصف محسني في ثبوت الكتاب عن الطوسي ! بحوث علم الرجال طبعة الرابعة ص 514 , و مشرعة البحار 1 / 405 بل عد رواياته غير معتبرة في المشرعة 1 / 14 )
|
الثاني : الكلام على سند الرواية وسيأتي بيانه لاحقا
-------------------
أما الوجه الأول .. فإنه قد استدل بكلام الشيخ آصف محسني إذ قال في المشرعة ص14 من المجلد الأول- ذكر جملة من الكتب منها الأمالي، فقال:
(
فإن نسخ هذه الكتب لم تصل إلى أرباب الجوامع الأربعة المشار إليها -يعني صاحب الوسائل والبحار والوافي والمستدرك- بالسند المعتبر)
وقال: (
بل وصلت إليهم بالوجادة)
قلتُ: ليس الأمر كما قال، بل لصاحب الوسائل طريق معتبر إلى كتاب الأمالي وغيره من كتب شيخ الطائفة رحمه الله .. نبينه على النحو التالي ..
اعلم أن صاحب الوسائل رضوان الله تعالى عليه قد ذكر في خاتمته الكتب التي أعتمد عليها، وذكر فيهم كتاب الأمالي للشيخ وابنه -وهما واحد- كما حققه الشيخ الطهراني في الذريعة، وقال قبلها:
(
في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها ، وتواترت عن مؤلفيها ، أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شك ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء . وتكرر ذكرها في مصنفاتهم . وشهادتهم بنسبتها . وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة . أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة . وغير ذلك)
وعلق الشيخ مسلم الداوري في أصول علم الرجال ج1-ص477 على هذا فقال:
(
ودعواه الأولى إن كانت في مثل كتاب الكافي وكتب الشيخ الصدوق وكتب الشيخ المفيد وكتب الشيخ الطوسي وأمثالها فهي تامة)
ثم إن صاحب الوسائل قد ذكر طريقه صريحا إلى كتاب الأمالي في إجازة الفاضل المشهدي كما في البحار ج107-ص113، قال:
(
وأجزت له حرسه الله تعالى أن يروى عني كتاب الأمالي وشرح النهاية وغيرهما من مؤلفات الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ أبي جعفر الطوسي بالاسناد السابق عن الشيخ عماد الدين الطبري عنه )
وطريقه للأمالي كالتالي:
الحر العاملي
بأسانيده الكثيرة المتضافرة جدا ..
عن
الشهيد الثاني
عن
علي بن عبد العالي العاملي الميسي
عن
شمس الدين محمد بن داود المؤذن الجزيني
عن
علي بن محمد بن مكي العاملي الجزيني
عن
والده الشهيد محمد بن مكي
عن
محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي
عن
والده العلامة
عن
أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي
عن
فخار بن معد الموسوي
عن
شاذان بن جبرئيل القمي
عن
عماد الدين الطبري
عن
أبي الحسن ابن الشيخ .. عن والده سائر الأمالي كما نص العلامة المجلسي
وهذا طريق صحيح بلا إشكال
وبه ينتفي الأمر الأول
------------------
أما الوجه الثاني .. فقد أشكل الزائغ المبتدع على أبي محمد الأنصاري الوارد في سند الرواية فزعم أولا أنه ضعيف مستدلا بابن داود، ثم لما قيل له بوثاقته قال:
اقتباس :
|
(و بالنسبة لأبي محمد الأنصاري الذي قيل في حقه ( خيّر ) في خبر الكافي , مختلف عن أبي محمد الأنصاري الذي نحن بصدده , قال أبو علي صاحب منتهى المقال 7 / 240 : " وظاهر الفاضل عبد النبي الجزائري مغايرة المذكور
في كش للمذكور عن الكافي حيث ذكر الثاني في الحسان والأوّل في الضعاف " وعند الرجوع للحاوي وجدته ذكره في الجزء الرابع ص 405 قسم الضعفاء و من قال بالاشتراك يلزمه دليل صريح صحيح لا لبس فيه بل وافقه ابن المطهر الحلي حيث ذكره في القسم الثاني من كتابه ص 421 )
|
وفي هذا أمور ..
أولا .. أن المبتدع لا يخلو استدلاله من الخبط ! فيستدل تارة بكلام ابن داود والعلامة -وهما يثبتان الإتحاد بعدم ذكر الآخر- ويستدل أيضا بصاحب الحاوي الذي يرى التعدد !
ثانيا .. أن قول العلامة عبد النبي بتعدد (
أبي محمد الأنصاري) لا وجه له ! إذ أن الطبقة واحدة في سائر مروياته بهذا الإسم ولم يذكره النجاشي ولا الشيخ بتعدد ولا العلامة ولا ابن داود فمن أين استدل بتعدده !؟
بل صنيع الأعلام على خلافه وهم السيد الخوئي في المعجم والسيد التفرشي في نقد الرجال والشيخ التستري في القاموس والشيخ المامقاني في التنقيح والسيد البروجردي في الطرائف والمحقق الأردبيلي في جامع الرواة والحر العاملي في الخاتمة والشيخ الشاهرودي في المستدركات والعلامة المجلسي في الوجيزة. كلهم على أن الأنصاري واحد وما ذكر أحد منهم التعدد !
فمن يرى التعدد فعليه البيان لا العكس ولا سبيل إليه! وانظر حينئذ إلى استحمار هذا المبتدع إذ يقول (
و من قال بالاشتراك يلزمه دليل صريح صحيح لا لبس فيه ) !
ثالثا .. نقل عن السيد البروجردي أعلى الله مقامه قوله عن أبي محمد الأنصاري (
فالتوقف فيه أولى)
قلتُ: التوقف فيه غريب إذ الرجل لم يرد في حقه سوى قول نصر بن الصباح (
مجهول) ونصر ليس بعمدة، والجهالة ليست بجرح، وتعديله لا ينافيه شيء حينئذ
وأجاب على ذلك الشيخ الشاهرودي فقال في المستدركات ج8-ص446:
(
وقول نصر بن الصباح : إنه مجهول لا يعرف ، لا عبرة به لأنه لا تنافي بين قول من لا يعرف وقول من يعرف أنه خير )
وقال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ج23-ص41، قال:
(
أبو محمد الأنصاري ، هذا يعتد بقوله ، لقول محمد بن عبد الجبار في رواية الكافي المتقدمة أنه خير )
وقال الشيخ التستري في قاموس الرجال ج11-ص494:
(
تزكية " محمد بن عبد الجبار " الجليل المعاصر له مقدم على غمز " نصر " فيه ، وكذا ابن الغضائري )
وقال العلامة المامقاني في تنقيح المقال ج3-ص33 م فصل الكنى:
(
قوله كان خيرا توثيق للرجل)
وقال العلامة المجلسي في الوجيزة :
(
أبو محمد الأنصاري ح ) يعني حسن
على أن الرواية صححها آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي أعلى الله مقامه كما في صراط النجاة ج3-ص443،
وحسنها السيد الخوئي كما في كتاب الطهارة ج9-ص227 ،
وقال السيد هاشم الهاشمي في حوار مع فضل الله ص237 (
سند معتبر)
وقال العلامة هادي النجفي في موسوعة أحاديث أهل البيت ج1-ص80 (
سند الرواية لا بأس بها)
وصححها الشيخ عبد الحسين الحلي في الشعائر الحسينية - الباب السابع
وحسنها شيخ الفقهاء في جواهر الكلام ج4-ص364
وصححها آية الله الشيخ محمد السند في الشعائر الحسينية ص317
وقال الشيخ عبد الله حسين في رد الأباطيل (
السند تام) ص49
وحسنها الشيخ فوزي آل سيف في كتابه من قضايا النهضة الحسينية
والحمد لله