أنه الجريء الذي قال : إن رسول الله يهجر وحسبنا كتاب الله
يكفينا ، وحسب قول الرسول الذي لا ينطق عن الهوى ، فإن عمر هو الذي تسبب في ضلالة م نضل في هذه الأمة (1) .
وعرفنا بأنه عمل على إهانة الزهراء وإيذائها ، فروعها وأدخل الرعب عليها وعلى صغارها عندما هجم على بيتها وهدد بحرقها .
وعرفنا بأنه عمل على جمع كل ما كتب من السنة النبوية فأحرقها ومنع الناس من التحدث بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد خالف عمر سنة النبي في كل أدوار حياته وبمحضر النبي ،
____________
(1) دليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ، وقول ابن عباس : لو كتب ذلك الكتاب ما اختلف من الأمة اثنان ، ولما كان عمر هو الذي منع رسول الله من الكتابة واتهمه بالهجر كي لا يصر النبي على الكتابة ، عرفنا بأنه تسبب في الضلالة وحرم الأمة الإسلامية من الهداية .
كما خالف سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تسييره ضمن جيش أسامة ، ولم يخرج معه بدعوى إعانة أبي بكر على أعباء الخلافة .
كما خالف القرآن والسنة في منع سهم المؤلفة قلبوبهم .
كما خالف القرآن والسنة في متعه الحج وكذلك في متعة النساء .
كما خالف القرآن والسنة في الطلاق ثلاث فجعله طلقة واحدة .
كما خالف القرآن والسنة في فريضة التيمم وأسقط الصلاة عند فقد الماء .
كما خالف القرآن والسنة في عدم التجسس على المسلمين فابتدعه .
كما خالف القرآن والسنة في إسقاط فصل من الأذان وإبداله بفصل من عنده .
كما خالف القرآن والسنة في عدم إقامة الحد على خالد بن الوليد وكان يتوعده بذلك .
كما خالف السنة النبوية في النهي عن صلاة النافلة جماعة فابتدع التراويح .
كما خالف السنة النبوية في العطاء فابتدع المفاضلة وخلق الطبقية في الإسلام .
كما خالف السنة النبوية باختراعه مجلس الشورى وعهده لابن عوف .
والغريب أنك تجد « أهل السنة والجماعة » ينزلونه بعد كل هذا منزلة المعصومين ، ويقولون بأن العدل مات معه ، وبأنه لما وضع في قبره وجاءه الملكان ليسألانه ، فصاح بهما عمر : « من ربكما ؟ » ويقولون بأنه الفاروق الذي فرق الله به الحق من الباطل » .
أليس ذلك دليلاً على الاستهزاء والسخرية من بني أمية وحكامهم على الإسلام والمسلمين ، وبوضعهم أمثال هذه المناقب لشخص عرف بالفظ الغليظ كما عرف بمعارضته المستمرة للرسول (1) . فكأن لسان حالهم يقول للمسلمين : لقد ولى عهد محمد بما فيه ، وأقبل عهدنا نحن لنشرع لكم من الدين ما نريد وما يعجبنا ، فها أنتم أصبحتم لنا عبيداً رغم أنوفكم ورغم نبيكم الذي فيه تعتقدون .
أليس هذا من قبيل رد الفعل والأخذ بالثأر لتعود زعامة قريش بقيادة بني أمية الذين حاربوا الإسلام ونبي الإسلام ؟
وإذا كان عمر بن الخطاب يعمل على طمس السنن النبوية ويسخر منها ويعارضها حتى بحضور النبي نفسه ، فلا غرابة أن تسلم له قريش قيادتها وتجعله زعيمها الأكبر ، لأنه أصبح بعد ظهور الإسلام لسانها الناطق وبطلها المعارض ، كما أصبح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوتها الضاربة وأملها العريض في تحقيق أحلامها وطموحاتها للوصول إلى السلطة وإرجاع عادات الجاهلية التي يعشقونها وما زالوا يحنون إليها .
وليس من قبيل الصدفة أن نجد عمر بن الخطاب يخالف السنة النبوية في خلافته ويعمل على تأخير مقام إبراهيم عن البيت إلى ما كان عليه أيام الجاهلية .
فقد أخرج ابن سعد في طبقاته وغيره من المؤرخين :
____________
(1) أخرج مسلم في صحيحه ج 4 ص 59 أن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر بن عبد الله : فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما .
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة ألصق مقام إبراهيم بالبيت كما كان على عهد إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) لأن العرب في الجاهلية أخروه إلى مكانه اليوم . فلما ولي عمر بن الخطاب أخره إلى موضعه الآن ، وكان على عهد النبي وأبي بكر ملصقاً بالبيت (1) .
فهل ترى بربك من مبرر لعمر بن الخطاب حتى يعمد فيميت سنة النبي الذي أعاد ما فعله إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) فيحيي عمر سنة الجاهلية ويعيد بناء المقام كما كان على عهدهم ؟
فكيف لا تقدمه قريش وكيف لا تروي في فضائله ما يتعدى الخيال ، حتى أن صاحبه أبا بكر الذي تقدمه في الخلافة لم يبلغ شأوه وكان في نزعه ضعف حسب ما يرويه البخاري ولكن عمر أخذها منه فلم ير عبقرياً يفري فريه .
وهذا نزر يسير من بدعه التي أحدثها في الإسلام وهي مخالفة كلها لكتاب الله وسنة رسوله ، ولو شئنا جمع البدع والأحكام التي قال فيها برأيه وحمل الناس عليها ، لكتبنا في ذلك كتاباً مستقلاً ، لولا توخي الاختصار .
ولقائل أن يقول : كيف خالف عمر بن الخطاب كتاب الله وسنة رسوله ، والله تعالى يقول : «ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً» ( الأحزاب : 36 ) ؟
وهذا ما يردده أكثر الناس اليوم وكأنهم يكذبون ولا يصدقون أن عمر بن الخطاب يفعل ذلك .
فنقول لهؤلاء : هذا ما أثبته له أولياؤه وأتباعه من « أهل السنة والجماعة » الذين يفضلونه على النبي من حيث لا يشعرون .
فإذا كان ما قيل فيه كذباً ، فصحاحهم كلها تسقط عن الاعتبار ولا حجة لهم بعد ذلك على كل ما يعتقدون ! على أن جل الأحداث التاريخية كتبت في
____________
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 204 ، وكذلك السيوطي في تاريخه لخلافة عمر بن الخطاب .
عهد دولة « أهل السنة والجماعة » الذين لا يشك في حبهم واحترامهم وتقديرهم لابن الخطاب .
وإذا كانت صحيحة وذلك هو الواقع الذي لا مفر منه فعلى المسلمين اليوم أن يراجعوا موقفهم ويعيدوا النظر في كل عقائدهم إن كانوا من « أهل السنة والجماعة » .
وإنك تجد أكثر المحققين اليوم لما أعيتهم الحيلة لرد مثل هذه الروايات والأحداث التاريخية التي أجمع عليها العلماء والمحدثون ، ولا يقدرون على تكذيبها ، فتراهم يتأولون ويلتمسون بعض الأعذار الواهية التي لا تقوم على دليل علمي ، والبعض منهم أخذ يعدد بدعه ويقلبها مناقب من مفاخرة التي يشكر عليها .
وكأن الله ورسوله ما كانا يعرفان مصلحة المسلمين وغفلا عن تلك البدع ـ أستغفر الله ـ ، فاكتشفها عمر بن الخطاب فسنها لهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إنه بهتان عظيم وكفر صريح نعوذ بالله من خطل الآراء وزلل الأهواء ، وإذا كان عمر هو زعيم وإمام « أهل السنة والجماعة » فإني أبرأ إلى الله من تلك السنة وتلك الجماعة .
وأسأله سبحانه أن يميتني على سنة خاتم النبيين وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى منهاج أهل بيته الطيبين الطاهرين .
---------
عن كتاب (الشيعة هم اهل السنة للدكتور المستبصر محمد التيجاني)
ملاحظة ..
للوقوف على مزيد من مصادر اهل السنة في ما ذكر راجعوا كتاب (زبدة الافكار) للمحقق الاستاذ البدري
و السلام على من راى الحق حقا فاتبعه و الباطل باطلا فاجتنبه..