قبل زيارتي الاخيرة لم اكن اتصور العراق إلا ركام وانقاض وشعبه إلا بؤس وحزن على الاقل في الاماكن التي تشرفت بزيارتها ولكن الحقيقة غير ذلك شعب جبار واعمار متواصل وأمن فاق ما يتناقل على الالسن من بعض الزوار الذين التقيت بهم قبل سفري لذا بدأت لي الصورة اكثر وضوحا بأن الشعوب باصرارها تبني اوطانها بحبها واخلاصها وتعض على الجراح مهما حصل من دمار وقتل وتهجير.
تشرفت بزيارة العتبات المقدسة وبدأت بكربلا الحسين ومن ثم سامراء والكاضمية ومن ثم الى النجف الاشرف على ساكني تلك الديار السلام والتقيت بالاصدقاء وغير الاصدقاء من الشعب العراقي فوجدت فيهم العنفوان والبسمة والامل والمعاملة التي لم أئلفها في الغالب زمن المقبور صدام, دبت الحياة في الاسواق فتجدها عامرة بما هو عراقي المنتج وغيره من الخارج ليضفي تنوعا وتلونا في التجاره وكذلك المطاعم والفنادق الراقية التي لن تجدها في زمن المقبور, فعلمت ان الارادة تصنع المستحيل وأن ارادة العراقيين حقيقة تجلت في صبرهم قهروا بها الطبيعة الانسانية التي قل ما تجدها في شعب تكالب عليه الصديق قبل العدو بل العالم كله حيث أوصد الابواب في وجهه وهو في اشد الحاجة الى من يمد له يد العون في جميع المجالات لينهض من جديد ليرجع العراق الحبيب الى مكانه الطبيعي ليحتضن أهله.
زرت المراجع العظام في النجف الاشرف وتشرفت برؤية السيد السيستاني ادام الله بقائهم جميعا بطريقة مطمئنة تختلف عما هو سائد في الزيارات من قبل حيث وجدت عراقيين كثر ملتفين حولهم وهذه حقيقة لمستها في تلك البيوت المباركة المتواضعة التي يسكنها هؤلاء العظام الذين تتهافت قلوب مقلديهم فيها فأين الامس من اليوم.
نسأل الله ان يحفظ العراق وشعب العراق.
تحياتي