الخطأ أمر متوقع من الإنسان، وصدوره من بني البشر أمر طبيعي، فالإنسان بطبيعته ليس معصومًا: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي).
ووقوع الإنسان في الخطأ له أسباب من أهمها: الجهل وذلك عند تشابه الأمور، والغفلة، وأخيرًا الضعف عند أي لحظة من لحظات الهوى والشهوة.
قد ينتبه الإنسان إلى خطئه بنفسه وهي من أفضل الحالات، وقد ينتبه اليه عن طريق الغير، فيجد من ينصحه ويرشده، وهذا من موارد توفيق الله تعالى، فعليه أن يحمد الله تعالى لذلك. أرأيت لو أن إنسانًا يقصد مكانًا معينًا، وكان يمشي في طريق لا يوصله إلى المكان الذي يريد، وحصل له من أرشده إلى الطريق الصحيح، فوفر عليه الوقت والجهد، الا يفرح بذلك ويشكر من أرشده؟
لكن بعض الناس يزعجه نصح الآخرين، ويعتبره تدخلًا في شؤونه، وهذه الحالة تصيب الإنسان أكثر عندما يكون خصمه أقل منه شأنًا وقدراً،
ونماذج كثيرة في حياتنا نرى فيها تجليات هذا المرض:
ـ حين يخطئ الزوج على زوجته ومع أن الزوج قد يدرك خطأه من نفسه، أو بتنبيه الآخرين له، لكنه يرفض الاعتذار، ويرى أن اعتذاره يقلل من رجولته، ويضعف شخصيته. وكذلك الحال مع الأبناء.
ـ قد يكون تحت إشرافك موظف أقل منك شأنًا، وقد يكون في بيتك سائق أو خادمة، فلا تشعر بأن اعتذارك لهم لو أدركت أنك أخطأت في حق أحدهم ينقص من كبريائك وهيبتك.
ـ وقد يخطئ الحاكم وهو صاحب سلطة على مواطنيه، ويدرك أنه مخطئ، ولكن كبرياء السلطة تمنعه من الاعتذار.
قد يبدو التراجع عن الخطأ، والاعتذار، لأول وهلة حالة ضعفاً وهزيمة،
لكنه في الواقع يكشف عن ثقة بالنفس، وشجاعة في الموقف، وهو انتشال للنفس من ضعف الخطأ.
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
وهو في موقع الحاكم، يطلب من رعيته قائلاً:
«فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل, ولا تظنوا بي استثقالًا في حق قيل لي».
أين تجد حاكمًا يجهر بهذا، ويطالب شعبه بتنبيهه، ويرجع عن خطئه إذا أدركه؟
كل عام نقرأ التقارير الدولية حول ضعف حقوق الإنسان، وتأخر التنمية، ولكن الحكام وهم لا شك يدركون ذلك يعيرون تلك التقارير آذانًا صماء، ولا يريدون أن يعترفوا بالخطأ، وتغيير الوضع إلى الأحسن، يشعرون بحالة من الكبرياء الزائفة.