تزامن عيد الغدير وتكليف المالكي يثير هواجس جديدة بين السياسيين
بتاريخ : 26-11-2010 الساعة : 01:30 PM
الشلاه: الملك فيصل الأول توج بيوم الغدير ولم يتهم ببعد طائفي
الصميدعي: المرسوم الجمهوري لم يصدر من شيعي عقائدي، بل صدر من يساري اشتراكي، معروف عالميا وشخصيا بأنه ابعد الناس عن الجوانب الدينية وهو جلال طالباني
.
تحول يوم تكليف المالكي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، إلى قضية أخرى لم يكن يحسب لها أحد حسابا، وأدت إلى دخول توقيتات الأعياد الدينية المذهبية في معترك الصراع السياسي الدائر في العراق منذ زمن ليس بالقصير، وهكذا تبارى سياسيون ومحللون في إبداء آرائهم حول تزامن يوم الغدير معه، ففي حين رأت العراقية أن التوقيت لم يأت مصادفة، اعتبر آخرون أنها مصادفة ميمونة، بينما ألمح المجلس الأعلى إلى احتمال استثمار المالكي للأمر.
وكان قد كلف رسميا يوم الخميس زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بتولي رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة وذلك عبر مراسم جرت في منزل رئيس الجمهورية جلال طلباني، وهو اليوم الذي يحتفل فيه المسلمون الشيعة بحسب معتقدهم، بعيد الغدير باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الرسول محمد (ص) تنصيب الإمام علي بن ابي طالب خليفة له بأمر الهي في غدير خم بعد انتهائه من حجة الوداع.
المطلك: لا بد أن يكون التزامن مقصودا!
ويؤكد القيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، أن "مسألة تسليم المالكي في هذا يوم تنصيب الإمام علي خلافة المسلمين مقصودة، لان كل هذا التأخير وكل هذه الفترة وترتيبهم لها، لابد أن يكون مقصودا" حسب قوله.
ويضيف المطلك في حديث لـ" السومرية نيوز اليوم، "ولكن سواء أكان هذا التوقيت في التكليف مقصودا أو لا، فإن أمام المالكي فرصة وهي التركيز على وحدة العراق واستقلاله وأمنه، ونسيان الأحقاد وتشكيل حكومة فيها فائدة للبلد".
ويشدد المطلك، أن على "المالكي أن يختار حكومة مشاركة حقيقية تضم جميع المكونات السياسية وبشكل منصف، وبعكسه فإن العراق سيتمزق شعبا وأرضا، فيما لو شعرت أطراف معينة بالاستهداف والتهميش، كما استهدفت سابقا"، مبينا "وعليه لذلك أن يبدأ من جديد بحب وسلام وينسى الماضي".
ويشير القيادي في العراقية إلى أن "الإمام علي كان متسامحا وعادلا، وعلى من يقتدي به أن يكون كذلك، خاصة وأن حب خليفة المسلمين علي ابن أبي طالب لايضايق السنة، ولكن عندما يستغل يوم تنصيبه بنظرة طائفية من قبل أحد، فلابد أن يضايق الأمر الجميع"، وفقا لقوله.
الصغير: الأمر ينطوي على الكثير وقد يستثمره المالكي
من جهته، يعتقد القيادي في المجلس الأعلى جلال الدين الصغير، أن "مسألة تسليم المالكي لرئاسة الوزراء في هذا اليوم يمكن أن تفسر بالكثير، لأنها مسألة تتعلق بالنوايا والقلوب، وربما يحاول المالكي استثمار هذه المناسبة لإيصال إيحاءات معينة إلى الشارع، رغم أن العمل السياسي لا دخل له بهذه الأمور".
ويضيف الصغير في حديث لـ"السومرية نيوز"، "ومن الممكن لنا أن نقرأ في لوحة تكليف المالكي بالحكومة في عيد الغدير كل الأشياء السلبية الايجابية معا، إلا أن الشارع العراقي عرف طبيعة توجهات وسياسات المالكي، ولايمكن لرسائل المالكي أن تؤثر على ما يعرفه الشارع".
ويلفت جلال الدين الصغير إلى أن "المالكي معني بالبدء باستحقاق ثقيل، من خلال عملية تشكيل الحكومة، التي تعد الأصعب من كل المراحل السابقة، لذلك فان الوقت ليس وقت انتخابات لتدخل تأثيرات الشارع في رصيدنا، ومن المبكر أن ننظر له بأنه الشخص نفسه الذي كان في الفترة السابقة"، ويستدرك "وبالنتيجة يجب عليه أن يكون مالكيا آخر غير الذي عرفناه خلال الفترة المنصرمة، لان رئاسة الوزراء لم تعد مؤسسة لفرد واحد".
الشلاه: الملك فيصل اختار هذا اليوم لتتويجه ولم يتهمه أحد
إلا أن النائب عن ائتلاف دولة القانون علي الشلاه يعتبر أن "تكليف المالكي برئاسة الوزراء في هذا اليوم هي مصادفة ميمونة"، مشيرا إلى أن "الأمر ومما يبدو يراد اللعب به وتحميله أكثر من طاقته، لذلك لابد أن نكون متزنين ومتقبلين لفتح صفحة جديدة"، حسب قوله.
ويضيف الشلاه في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "هذا اليوم لم يختره المالكي، بل اختاره رئيس الجمهورية جلال طلباني، في وقت كان ملك العراق فيصل الأول، قد اختار يوم تنصيبه ليصادف يوم الغدير، ولم يتهم أحد حينذاك الملك بهذا البعد الطائفي".
ويوضح الشلاه أن "جلال طلباني رجل علماني، كما انه ليس من المذهب الذي ينتمي له المالكي، وكل ما في الأمر أنه فضل أن يعطي للمالكي فترة كافية لتشكيل الحكومة، ومن جهة أخرى فان ذكرى تنصيب الإمام علي للمسلمين لم تكن للشيعة فقط، ولا اعتقد أن هناك شخصا في العراق لديه حساسية من هذا الأمر، لذلك فإن من يشير إلى أن المالكي يريد إيصال رسالة إلى الشارع العراقي بأن الحكومة ومهما يكن نوعها ليس منطقيا، لان الأخير ليس من مصلحته أن ترد مثل هكذا خواطر غير جيدة في ذهن الشارع العراقي".
محللون يختلفون على تفسير تزامن التكليف مع الغدير
من جانبه، يدعو المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي إلى "عدم النظر لتكليف المالكي من زاوية نظرية المؤامرة، لان المرسوم الجمهوري لم يصدر من شيعي عقائدي، بل صدر من يساري اشتراكي، معروف عالميا وشخصيا بأنه ابعد الناس عن الجوانب الدينية وهو جلال طالباني".
ويقول في حديث لـ"السومرية نيوز"، ومن هذا الواقع فان "الطلباني، لا يمكن أن يعمد إلى اختيار تاريخ يقترن بمناسبة عيد الغدير المقدس لدى الشيعة"، مبينا "أهمية أن نحسب الفترة مابين انتخاب رئيس الجمهورية ومابين التكليف، لأنه وطبقا للمادة 96 من الدستور العراقي بفقرتها الثانية، تنص أن على رئيس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال ثلاثين يوما من تاريخ التكليف".
ويبين الصميدعي، أن "التسليم اليوم أريد به إعطاء المالكي فترة 45 يوم لان الفترة مابين انتخاب رئيس الجمهورية والتكليف خمسة عشر يوما، والتكليف الرسمي بمرسوم جمهوري لرئيس الوزراء ثلاثين يوما، لذلك فان ما أريد به هو إعطاء المالكي مدة 45 يوما، وليس استغلالا لهذه المناسبة كما يرى البعض.
ويشير إلى أن "المتربصين بالمالكي كثر، وفي حال فشله يمكن العودة إلى تكليف الكتلة الأكبر وهي العراقية، وبالطبع هذا ليس العمل داخل العراقية، بل من كتل منافسة أخرى، قد تحصل على حق الترشيح من قبل العراقية، لكن مصادفة مباركة كهذه تلزم المالكي التزاما أخلاقيا، على الأقل في محاربة الفساد كما حاربه خليفة المسلمين علي ابن أبي طالب".
اما المحلل السياسي إحسان الشمري فيعتبر ان تزامن تكليف المالكي بتشكيل الحكومة مع احتفال ذكرى عيد الغدير كان قصده كسب الشارع الشيعي التي اعطت صوتها للمالكي.
ويقول الشمري في حديث لـ"السومرية نيوز" "اعتقد مزاوجة المالكي لمسألة التكليف بمبايعة الامام علي في يوم الغدير على اعتبار ان هذا اليوم مقدس عند الشيعة قصد فيها كسب الاغلبيه الشيعيه التي اعطته وفوضته بهذا الامر".
ويضيف الشمري أن "احتفالية تكليف المالكي التي عقدت في منزل رئيس الجمهورية جلال الطالباني وليس في القصر الجمهوري شكلت عرفا جديدا في عملية تكليف رؤساء الوزراء ليس فقط في العراق فحسب إنما في العالم"، مبينا أن "العراق لم يشهد مراسم مماثلة من قبل وقد تصبح عرفا متبعا".
ويلفت المحلل السياسي إلى انه "ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها المالكي المناسبات الدينية في تطبيق أمور سياسية وكانت البداية في إعدام صدام حسين في اول أيام عيد الاضحى في العام 2006".