اذا ما تم استبعاد خيار (النفط مقابل السكوت)....فان الخيار المتبقي لتفسير (نجاحات) المالكي ....يبعث على الهلع ...رغم ان الخيار الاول يبعث على الرعب !
والنقاش في هذا الموضوع لايخص اولئك الذين ارغموا عقولهم على تصديق المالكي –مثلا- حين ادعى قبل ايام قلائل في مؤتمر صحفي مع وفد حزب الفضيلة ان لاصفقات وراء دعم الفضيلة لتوليه جلد العراقيين وسرقتهم لدورة ثانية !
وانا لااسوق الفضيلة الا كمثال ليس الا ....والحال ان الامر ينطبق على الكرد والتوافق لكنه وان انطبق في جانب منه على موقف الصدريين المنقلب بين ليلة وضحاها بزاوية 180 درجة الا ان حقائق الامور تشير الى ان الصدريين كانوا قد رفضوا كل العروض والاغراءات التي عرضت عليهم سابقا اما مطالباتهم اللاحقة فانما هي تحصيل حاصل لرضوخهم للضغوطات الكبيرة التي مارستها عليهم سوريا وايران رغم اقرارهم الصريح بتفرد المالكي وديكتاتوريته ودعواهم بعدم الخضوع! http://www.youtube.com/watch?v=NEzq69cd1MI
وربما كان الصدر يقصد عدم الخضوع لاحد باستثناء ايران وسوريا !
ورغم ان مواقف هذه الكتل ستدون كوصمة عار في تاريخها لاسيما وانها لاحقة لكل فضائح الفساد الاداري والسياسي والمالي للمالكي وحزب الدعوة ومن تعلق بهم من الحكومة السابقة الا انها (المواقف) جائت معاصرة لفضائح وثائق (ويكيلكس) التي لاتعدو عن كونها ابراز لبعض الحقائق التي يعرفها العراقيون قبل غيرهم ليس الا !
وتاتي هذه المواقف من تلك الكتل رغم انها جميعا جربت المالكي ولدغت منه لاكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة وعرفت قبل غيرها ان الرجل لايلزمه ميثاق مكتوب ولابنود دستور ولانصوص قانونية ولامرجعية ولاتحالفات سياسية !
فقد وقع للكرد على وثيقة تضمن لهم حرية توقيع عقود لاستخراج النفط ان لم يسن البرلمان قانونا للنفط في غضون ستة اشهر ولما شرع الكرد بتطبيق هذا الاتفاق سلط عليهم وزير نفطه حسين الشهرستاني الذي خاض معهم جولات وجولات .... اما المالكي فقد التزم الصمت حيال الموضوع وكان الامر لايعنيه !
كما انه هو من اقسم على تطبيق الدستور ومن وقع عليه من قبل وفيه المادة 140 التي يقدسها الكرد كما نقدس البيت الحرام لكنه وضع تلك المادة في قسم (الطب العدلي) طيلة ولايته المنصرمة !
لكنه قدم الكرد لاحقا وكانهم قطاع طرق في دولة بعيدة عن (دولة القانون)التي يحكمها اذ صار يبكي مروقهم على الدستور والقانون لمجرد ان مجلس الرئاسة اعترض على تشكيل مجالس الاسناد (رحمهاالله) والتي لم يتبق منها الا تسليم الرواتب الضخمة للشيوخ المكترشين! http://www.youtube.com/watch?v=brE1D...eature=related
وان كانت كل هذه الافعال خروقات دستورية وبعلم رئيس دولة القانون وبطل التحرير القومي فما هو محلك من الاعراب في مجال صيانة الدستور ومحاربة الخارجين على القانون ؟ ام ان (ابوي مايكدر الا على امي ).؟؟!
اما الصدريون فهم من اوصل حزب الدعوة لمرتين من قبل وهم من تحالفوا معه بعيد انتخابات مجالس المحافظات وهم من تنازل له عن ست وزارات على ان يعين فيها مستقلون تكنوقراط ,وهم, وهم ......لكنه لم يخجل لاحقا من ان يفاوضهم باوراق معتقلي التيار الذين غصت بهم السجون رغم انه اخلف معهم كل العهود السابقة وضرب بها عرض الحائط , وهم من وصف حكومته باسوا حكومة مرت وطالبوا حزب الدعوة بالاعتذار للشعب العراقي عما الحقوه به كما جاء على لسان بهاء الاعرجي قبل فترة ليست بالبعيدة !
اما حزب الفضيلة فهو من تولى بقيادة الساعدي فضح اوراق وزارة التجارة ووزيرها الذي نهب المليارات من الدولارات كما انهم هم من فضحوا واقع المفوضية التي حماها حزب الدعوة بقيادة خالد العطية لفترة طويلة ....كما حصل في جلسة الاستجواب التي قادها النائب كريم اليعقوبي لكبير المفوضية فرج الحيدري عدا ماكشفوه من فضائح وزارة النفط وما اتهمهم به وزير النفط نفسه !
اما جبهة التوافق او الحزب الاسلامي فقد ادمن طيلة السنوات المنصرمة توجيه تهمة الطائفية للمالكي ولحكومته واجهزتها الامنية !
في خضم كل هذا......تقدم العراق في ظل المالكي وحزبه على كل دول العالم في امور عدة اهمها التردي الامني باستثناء الصومال التي اجهل كيف تقدمت على العراق في هذا المجال !
كما تقدم العراق في مجال الفساد الاداري والتخلف الاقتصادي وبطء النمو وهدر الاموال وسوء التخطيط او غيابه وتفشي المحسوبية وغير ذلك !
رغم كل هذا.......لايزداد المالكي الا...........(نجاحا)....!!!!!
فكيف هذا ..؟؟؟
يفترض ان العراق محكوم بدستور يصنف في خانة الدساتير الجامدة في عرف الفقه الدستوري لصعوبة تغيير بنوده وهذا امر استثنائي في المنطقة العربية والاسيوية اذ اجتمع مايسمى بمجلس الشعب السوري-مثلا- في يوم وفاة حافظ الاسد وغير خلال دقائق معدودات بندا في الدستور ينص على ان لايقل عمر الرئيس حين توليه عن اربعين سنة الى اربع وثلاثين ليتناسب مع عمر بشار في حينه اما في العراق فان الامر يتطلب نقاشات ومباحثات وبعد الاتفاق يعرض التعديل على الشعب في استفتاء عام يجب ان لاتعارضه اغلبية الثلثين في ثلاث محافظات ويجب ان يحوز على اكثر من نصف اصوات الناخبين كي يرى الطريق الى النور!
كما ان وجود مجلس النواب بصلاحيات فاعلة وحقيقية يفترض –كما في أي نظام نيابي- ان يكون حصنا للدستور وللقوانين وملجما للسلطة التنفيذية ومحاسبا لها على كل صغيرة وكبيرة !
ويفترض ان يكون للسلطة القضائية في بلد يحكمه نظام يعتمد مبدأ تعدد السلطات والفصل بينها رادعا لاي انحراف دستوري او قانوني !
ويفترض ان تكون حرية الاعلام من جهة والثورة الاعلامية العالمية متمثلة بالفضائيات والانترنت من جهة اخرى حاجزا منيعا في وجه أي نظام او رئيس, والتاريخ الحديث حافل باسماء كثر لرؤساء اخرجتهم وسائل الاعلام من قصور الرئاسة او قدمتهم للقضاء او زجت بهم في السجون !
كما يفترض ان يكون الشعب حذرا يقظا طامحا, مطالبا بالكثير الكثير مخافة تكرار تجارب العهود والانظمة السابقة لاسيما اخرها واسوأها نظام العفالقة الارهابي!
ويفترض كذلك ان يكون لوجود احزاب كثيرة مشاركة في السلطة او معارضة دور فاعل في تحجيم أي رئيس وتقييده بحذافير النصوص والزامه بان يحسب لكل خطوة يخطوها الف حساب تفاديا لضربات الاحزاب المتربصة !
وفوق هذا وذاك.....ياتي دور بعثة الامم المتحدة...والاهم سفارة الولايات المتحدة...ثم دول الجوار والاقليم التي (ادمنا) انها معادية ومتربصة لاسيما بالمالكي شخصيا!
وهذا حال كل الانظمة الدستورية الديمقراطية النيابية في العالم.....فما الذي حدث في العراق ؟؟
ماحدث في العراق ببساطة هو ان المالكي (نجح) في تجاهل الدستور والالتفاف على نصوصه بالتزامن مع اختراق المنظومة القضائية وزرع العناصر الموالية له فيها وشراء ذمم الاخرين وتحييد القلة القليلة الممتنعة !
(نجح) المالكي في تجاهل مجلس النواب والكثير من القوانين الصادرة عنه اولا كما (نجح) في تعطيل دور المجلس ومنعه من ممارسة دوره الرقابي والتشريعي من خلال التنيسق مع رئيسه السابق محمود المشهداني الذي حول مجلس النواب الى مسرحية كوميدية عراقية ثم من خلال الدور الخبيث لخالد العطية الذي احرز (نجاحا)كبيرا في مجال منع استجواب أي مسؤول في الفترة اللاحقة اضافة الى منع المجلس من انتخاب رئيس جديد لفترة طويلة !
اما الاعلام فقد كان دوره خبيثا مغرضا في الغالب .....فقد تدهور الوضع الامني في العراق بمجرد استلام المالكي للسلطة لاسيما في بغداد لكن الاعلام الذي جند نفسه في معركة ضد (صولاغ) متهما الاجهزة الامنية بشتى التهم اتفق على تجاهل وزارة الداخلية ووزيرها ورئيس الحكومة الذي صيروه لاحقا (بطل النصر والسلام) رغم عدم تحميله اية مسؤولية عن كل ماجرى طيلة 2006 و 2007 !
بل لقد (نجح) المالكي في تجيير القناة الرسمية (العراقية)والصحيفة الرسمية(الصباح)لشخصه وحزبه حتى وصل بها الامر –كمثال ليس الا- الى الضحك على الذقون من خلال تصوير اجابات فرج الحيدري في عملية استجوابه على انها (اجابات قانونية) فيما(افتقرت اسئلة المستجوب لاي اساس قانوني) كما (تنبأة) القناة ان يكون وزير الكهرباء (وحيدا) في البرلمان لكنه ســـــــــــــــــــــــ يكون (كريما) في الاجابة على النواب !
اما من اتهم العراقية من النواب وانتقدها فانه خارج على (الجو العام للمجلس) وان مداخلته لاتعدو ان تكون (شقشقة هدرت ثم استقرت)!! http://www.youtube.com/watch?v=kDFX-Mnve-w
ولم يقتصر (نجاح) المالكي على تجيير الاعلام الرسمي بل لقد (نجح) كذلك في تجيير وسائل اعلام كثيرة اخرى من خارج العراق حتى !
لم يسمع الشعب عن نتائج التحقيق في اية مجزرة وما اكثرها !
ولم يسمع عن استجواب أي مسؤول ومحاسبته كما يفترض على ابسط التقديرات !
بل لقد كانت وسائل الاعلام الرسمية تتجاهل تلك الاحداث حتى تفرض نفسها وقد تصير بعض المجازر الى انتصارات للقائد الرمز بعد التغطية على الخسائر الثقيلة واخرها ماحدث في تفجيرات البصرة ومجرزة كنيسة النجاة !
(نجح) المالكي في تغيير البوصلة مرارا وتكرارا فعدو الامس صار صديق اليوم والمبررات جاهزة وابواق الاعلام تطبل ولن يحاسبه احد بل صار هو من يحاسب البرلمان ويتهمه بشتى التهم في صورة فريدة من نوعها في الانظمة النيابية في العالم وهو امر عجز عنه حتى مثل برلسكوني مالك معظم وسائل الاعلام في ايطاليا!
وبعد ان (نجح) في صناعة مفوضية انتخابات خاصة به وبعد ان (نجح) في تجميد الاخرين ومضاعفة اصواته كما بينا سابقا http://drhusham.jeeran.com/election.htm
(نجح) في ايهام كثيرين ..... ان الانتخابات زورت ضده !!!
******************
(نجح) في احتواء الاحزاب وضرب بعضها ببعض...(نجح) في احتواء البرلمان والساسة ووسائل الاعلام ودول الجوار واختراق القضاء واحتوائه و(نجح) في اسكات الشعب ومنع المظاهرات وجمد النقابات وشكل الاجهزة الامنية بدون علم البرلمان وسلحها ودربها وصرف لها الرواتب بدءا من جهاز مكافحة الارهاب الى لواء بغداد وليس انتهاء بمايسمى مجالس الاسناد !
ورغم ان بعض الاحزاب حاولت ان تسحب من تحت اقدامه بساط التعيينات التي (نجح) من خلالها في شراء اصوات وذمم الكثيرين الا ان عملية التعيين تجري حتى هذه اللحظة على قدم وساق رغم ان المعلن هو وقف التعيينات وربطها بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي الذي سن البرلمان قانونه قبل سنتين وقوبل بالتجاهل!
كيف (نجح)....المالكي في اسكات الداخل والخارج ..؟؟؟
كيف (نجح) في قلب موقف الصدريين بين ليلة وضحاها وحول خطهم الاحمر الى قوس قزح..؟؟؟
وكيف (نجح) في قلب موقف العراقية التي اقسمت باغلظ الايمان انها لن تشترك في حكومة يرأسها المالكي وانها ستنسحب من العملية السياسية الى ان تبحث عن منصب هنا او هناك ..؟؟
***********************
في خضم كل تداعيات المشهد العراقي وتشعباته بلحاظ الموقف الامريكي الذي حاول ان يغيب صورته عن المشهد طيلة السنوات المنصرمة ...وبلحاظ حراجة الموقف مؤخرا مع حجم وكم (النجاحات ) التي حققها المالكي وعدم تحرج الامريكان من التدخل الصريح المكشوف الى حد الاتصال المباشر من قبل اوباما بالقيادات الكردية او بعلاوي وغيرها....وبلحاظ ان موقف (العراقية) لايخرج عن توجيهات حكومتي عمان والرياض (المستضيفة والممولة)....نخلص الى الجهة التي تقف خلف كل تلك (النجاحات) بدءا من (النجاح) في استلام حكومة برصيد ثمان نواب مرورا باسناد تاسيس وزارة الامن الوطني والاحتفاظ المتكرر بها الى الاحتفاظ بقيادة الحكومة للمرة الثالثة مع فترات التسويف والمماطلة بما يؤدي الى عقد من الزمان تحت ظل حزب الدعوة..وهذا مايقود الى تساؤل يقول (هل كانت امريكا غير راضية عن تسلم الحزب-الدعوة-للحكم وللملف الامني طيلة هذه الفترة ام ان الامر مر رغم انفها)..؟؟!
وان كان الامر قد مر رغم انفها (باعتبار ان فرض المحال ليس بمحال)...فما الذي حدا بها لان تنزل للساحة علنا في دعمها الصريح والمشكوف للمالكي الى حد تقديم التنازلات لايران وسوريا لاجل دعمه والزام حلفائهم من الاحزاب العراقية بدعمه رغم ان المعلن والمعلوم لدى الجميع (كما يفترض وكما اريد للجميع ان يتصوروا) ان رجل امريكا والاقليم العربي هو علاوي لاغير ؟؟!
لست هنا بصدد مناقشة دور الرجل والاسباب التي دعت امريكا لايصاله ودعمه فهذا امر يطول –وقد اطلت- ....لكني هنا اريد ان اضع النقاط على الحروف كمقدمة للاجابة على سؤال كررته في اكثر ن مقال دون ان اجيب عنه يدور حول اسباب (فشل) المالكي في تقديم الخدمات !
قد يكون دعم البعض للمالكي نتيجة لدعم امريكا وقد يكون طمعا في المغانم لكن التاريخ يقول انه (لم يكن اول من اعتمد على الولايات المتحدة ولن يكون اخرهم.)وانه لن يكون (اول من تخلت عنه الولايات المتحدة عند الحاجة ولن يكون اخرهم) اذ ان (القائمة طويلة عريضة لقادة نسوا حقوق شعوبهم وتذكروا قوة المعبود الامريكي,فاذا هذا المعبود يطردهم في اللحظة الحرجة من جنته ويتركهم لالسنة الجحيم تشوي ظهورهم) ....لست انا من يقول هذا بل قاله محمد حسنين هيكل....ولم يكن المالكي هو المقصود بل انه كان يتحدث عن شاه ايران ومافعل به الامريكان بعد احتراق ورقته !