من الكتب الهامة التى ظهرت بأمريكا فى خلال شهر أغسطس من عام 2010 كتاب بعنوان "عالم بدون إسلام" ومؤلفه هو مستر جراهام فولر وكان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الإستخابرات القومى فى الإستخبارات المركزية الأمريكية (سى أى إيه)، والكتاب يبدو من عنوانه وكانه هجوم على الإسلام ولكنه كتاب موضوعى جدير بالقراءة من جانب المسلمين قبل الأمريكان.
وفكرة إلغاء طرف لطرف آخر لأى سبب كان فى أى مكان فى العالم هى فكرة مضحكة وأذكر أن (روس بيرو) المرشح المستقل للرئاسة الأمريكية أمام بيل كلينتون وجورج بوش الأب فى عام 1996 سألوه عن موضوع التفرقة العنصرية بين السود والبيض بإعتباره كان يميل إلى جانب المحافظين فى أمريكا، قال كلمة رائعة: "علينا أن نتعلم كيف نعيش سويا، لأنه لا يوجد أحد منا سوف يغادر تلك البلاد"
We have to learn how to live together, because nobody is going anywhere
وهذا الكلام يجب أن نوجهه لكل المتطرفين فى العالم، يجب أن يوجه إلى المتطرفين اليهود الذين يتمنون فناء الفلسطينيين لكى يتخلصوا من المشكلة الفلسطينية، ويجب أن يوجه إلى متطرفى حماس وحزب الله الذين يودوا إلقاء الإسرائيليين فى البحر، أو عودتهم إلى مواطنهم الأصلية وهذا أضعف الإيمان، ويجب أن يوجه إلى الطفلة المصرية المسلمة والتى ساءلت أبيها قائلة: "همه المسيحيين دول جم لنا منين يابابا"!!، ويجب أن يوجه إلى زعماء القاعدة فى العالم والذين يريدون إفناء كل من خالف شريعتهم، ويجب أن يوجه إلى بعض المتطرفين المسيحيين البيض فى أمريكا و أوروبا والذين يريدون إختفاء الإسلام والمسلمين من أوروبا وأمريكا ويريدون حرق القرآن فى ذكرى جريمة 11 سبتمبر، ونريد أن نوجه هذا الكلام أيضا إلى أئمة المساجد الذين يضرعون إلى الله فى كل صلاة جمعة بإفناء اليهود جميعا من على وجه الأرض، لأن هذا لن يحدث حاولها هتلر من قبل ولم ينجح بالرغم من ملايين اليهود الذين قتلهم ظلما وعدوانا، ويجب أن يوجه هذا الكلام لبعض متطرفى الصرب والذين لا يطيقون وجود مسلمين فى يوغوسلافيا السابقة، ويجب أن يوجه إلى بعض اليمنيين الذين يريدون القضاء على الحوثيين لمجرد أنهم مختلفين عن أغلبية مذهب اليمنيين، ويجب أن يوجه إلى حركة الشباب الإسلامى فى الصومال والذين يريدون قتل كل الناس بما فيهم مواطنيهم أثناء تأدية الصلاة فى المساجد، وأن يوجه إلى جيش المهدى والذى لا يقبل بوجود سنة على أرض العراق، ويجب أن يوجه إلى أيتام صدام الذين لا يريدين أن يشبعوا من إراقة دماء الأبرياء الذين لا ينضموا إليهم، وأوجهه إلى كل الحركات المتصارعة فى دارفور سواء كانت مساندة من جانب الحكومة أم لا والذين يقتلون بعضهم البعض وفى أثناء هذا القتال تسقط ألوف الضحايا من الأبرياء، أقول لهذا الجار والذى لا يقبل أن يتعايش مع جاره لمجرد أن دمه ثقيل يجب عليك أن تقبل به لأن جارك لن يغادر منزله وأنت لن تغادر منزلك بسبب أزمة السكن!!
إلى المتطرفين المسلمين الذين لا يطيقون وجود غير المسلمين فى هذا العالم أقول:
"وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" (لا لتعاركوا)
وإلى المتطرفين المسيحيين الذين لا يريدون الإعتراف بغير المسيحيين أقول لهم:
"أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم"
وإلى اليهود الذين يعتقدون أنهم شعب الله المختار، ولا يستحق العيش سواهم، أقول لهم:
"الناس سواسية"
وأقول للإنسان فى كل مكان: نحن نعيش على كوكب واحد وإلى أن نكتشف طريقة سهلة وميسورة للطفشان من هذا الكوكب يجب علينا أن نتعلم كيف نعيش معا فى سلام وخير ومش ضرورى حب فى هذه المرحلة، بس كفاية قوى التعايش فى سلام.
...
نعود إلى موضوع كتاب "عالم بدون إسلام" والكتاب يدعو فى مضمونه الأمريكان والعالم إلى أن يفرق بين الإسلام وبين المتطرفين الإسلاميين والإرهابيين المسلمين الذين يقتلون ويرتكبون أبشع الجرائم بدعوى أن هذا هو الإسلام، والإسلام يجب أن يتبرأ منهم، ويتكلم الكتاب أيضا عن بعض المساهمات الحضارية للمسلمين فى مسيرة الحضارة الإنسانية، ويتكلم أيضا عن تاريخ التطرف الإسلامى ويقارنه بالتطرف المسيحى فى القرون الوسطى، وكما يطالب كاتب الكتاب بأن يفرق الناس بين الإسلام كدين وبين الإسلام السياسى والإرهاب الذى يرتكب بإسم الإسلام، يطالب أيضا المسلمين المعتدلين بأن ينقذوا دينهم من الإرهابيين الذين إختطفوا الإسلام وعلت أصواتهم حتى غطت على الأصوات المعتدلة والتى إختفت وتضاءلت أمام علو الأصوات الأرهابية والتى هددت وقتلت العديد من المسلمين المعتدلين الذين خالفوهم، والإرهاب لا يكتسب أرضا جديدة إلا بمزيد من الإرهاب وبمزيد من الأغلبية الصامتة (إن كانت حقا أغلبية)، فيا أيها المسلمون المعتدلون، لقد حان دوركم لكى تنقذوا دينكم من براثن الطغاة والإرهاب، وإلا سوف يستمر العالم فى معاملة كل المسلمين معاملة المجرمين.
ومرة أخرى أقول لكل المتطرفين فى أنحاء العالم والذين لا يطيقون العيش مع الآخر ويريدون إلغاؤه كلية: جمال هذا الكوكب هو فى التعددية سواء كانت التعددية الدينية أو العرقية أو إختلاف لون الجلد أو لون الشعر أو لون العينيين، وكما نقول فى مصر: "كلنا أولاد تسعة أشهر"!