لعل من أهم مايميز العصر الحديث هو ثورة تقنية الاتصال والمعلومات ومن بينها الإنترنت. ففي كل يوم يرتفع عدد مشتركي الإنترنت بشكل مضطرد، ويتبادل معظمهم الرسائل البريدية بكثافة، حتى أصبحت هذه التقنية هاجسا لدى بعض الناس وخصوصا شريحة المراهقين وارتباطا اجتماعيا أساسيا. ولاشك أن اعتماد الإنترنت أحد أساليب الحياة العصرية وانخفاض تكاليفها مقارنة بما مضى، أدى إلى استحواذها على وقت كثير من الأفراد، وتسللها إلى مجالسهم اليومية وغرف نومهم، مثلها في ذلك مثل القنوات الفضائية العاملة على مدار 24 ساعة. وقد ساعد ذلك على انتشار ثقافة السهر، والتعرض للإصابة باضطرابات النوم في كثير من المجتمعات المدنية، كالحرمان المزمن من النوم، والأرق، واختلال أوقات النوم والاستيقاظ واضطراب نظام الساعة الحيوية، إضافة إلى فرط النعاس أثناء النهار. فسهولة تصفح الإنترنت، واعتماد تقنيتها لإنجاز كثير من الأعمال، والإفراط في استخدامها إلى ساعات متأخرة من الليل، جعلها أحد أسباب اختزال الفرد ساعات نومه الضرورية، وتعرضه لبعض السلوكيات غير السليمة المصاحبة للنوم،مثل كثرة التفكير، والإفراط في تناول المنبهات بالإضافة إلى انتشار عادة التدخين، وارتفاع حدة التوتر، مما ضاعف من حجم المشكلة.
ومن الثابت علميا أن قلة النوم أو رداءة نوعيته تُعد أحد أسباب الإصابة بتعكر المزاج، وزيادة الوزن، وارتفاع خطر التعرض لارتفاع ضغط الدم وحوادث السير والعمل، نظرا لنوبات النعاس وضبابية التفكير.
ولاشك أن الاستخدام المفرط للإنترنت حرم بعض صغار العمر، ممن يحتاجون إلى نوم أطول وأعمق، من نعمة النوم مبكرا، مما اختصر كثيرا من فرصة تعرضهم المناسب لهرمون النمو أثناء مرحلة النوم العميق. ويمكن أن يكون ذلك أحد أسباب تدهور التحصيل الدراسي والمستوى التعليمي لدى بعض الطلاب، حيث من الثابت علميا، الأثر الإيجابي للنوم الجيد في تدعيم الذاكرة وحفظ المعلومات والتفوق الدراسي. وفي تقرير حديث للمركز الأمريكي للتحكم في الأمراض، تبين أن نسبة الأفراد الذين ينامون أقل من 6 ساعات في الليلة في عام 2008 قد ارتفع بشكل كبير مقارنة بعام 1985، في إشارة مباشرة إلى التأثير السلبي لواقع الحياة العصرية – كالإنترنت – على النظام الطبيعي للنوم والاستيقاظ.