يقول إلكسيس كارليل:
لقد تقدّمت، وتطوّرت العقول كثيراً؛ ولكن مع الأسف، لم تزل القلوب ضعيفة؛ والإيمان فحسب هو الذي يبعث القوة في هذه القلوب،كثيراً ما سعى الإِنسان، وأجهد نفسه في البحث عن الخلود والبقاء، وكل هذه الجهود والأعمال التي يبحث في أحضانها عن البقاء، وليدة هذا الإحساس وهذا الأمل بالخلود، ومنها الأعمال التي يقوم بها البعض ليثبتوا بقاءهم بعد الحياة من خلالها.
ولكنها خيالات وأوهام، لا تعتمد على أساسٍ منطقي، فإنّه يتوهم أنّه باق بتمثاله بصورته بمؤلفاته، بذكرياته؛ كلا، أنه لن يبقى بل سيموت وكثير من الجرائم يقترفها البعض، لأجل التوصّل لهذا الأمل، وإلى إثبات بقائه، ولكنها جهود لا طائل فيها: فأيّ لذة سسيشعر بطعمها، بعد موته؟ وما تُجديه لذة الشهرة بعد أن تنطفئ حياته؟ فإنّ الحي هو الذي يشعر بهذه اللذة.
إنّ الوسيلة الوحيدة التي تشبع هذه المشاعر والرغبات، بصورة تامة ومقنعة، هو الشعور والاعتقاد انه
الايمان
وحين يسأل تولستوي عن تعريف الإِيمان؟ يُجيب:
بأنّ الإِيمان هو الذي يحيا به الإِنسان، إنه رصيد الحياة).
الايمان يصنع الانسان الكامل الانسان النموذجي
إنَّ معرفة الإنسان الكامل ، أو النموذجي ، في نظر الإسلام واجبة علينا نحن المسلمين ، لان الإنسان الكامل يكون بحكم المثال ، والقدرة وما ينبغي أن يحتذي , فنحن إذا شئنا أن نكون مسلمين كاملين
علينا أن نعرف من هو الإنسان الكامل ،
وكيف هي ملامحه ، ملامحه الروحية والمعنوية وافكراة وقدراتة ، وسيماه ، كيف هي سيماء الإنسان الكامل ، وما هي مميزاته ، حتى نستطيع أن نصنع مجتمعنا ، أفراد مجتمعنا ، وأنفسنا على شاكلته . وإذا لم نعرف الإنسان الكامل الإسلامي ، فلن يستطيع أحدنا أن يكون مسلما كاملا تماما ، وبعبارة أخرى ، لا يستطيع أن يكون في نظر الإسلام إنسانا ذا كمال نسبي ، في الأقل
نرى كيف يصف القرآن فعل الإنسان الكامل ، ثم كيف تصفه السنة النبوية
وعلينا أن نرى كيف يميز القرآن والسنة الإنسان الكامل ، وما هي الخطوط التي يرسمها لملامح هذا الإنسان الكامل وصفاتة وميولة وحقيقتة .. والحقيقة اننا نجد الكثير مما نريد بهذا الخصوص في القرآن والسنة كليهما .
وهم أمثلة للإنسان الإسلامي الكامل ، وذلك الإنسان الإسلامي الكامل ليس مجرد صورة ذهنية خيالية لا وجود لها في الخارج ، بل أن له مصاديق عديدة في الخارج ، على اختلاف حدوده ، من الحد الأعلى جدا ، إلى حد أدنى من ذلك بدرجة أو درجتين .
النبي الكريم نفسه نموذج للإنسان الكامل . وعلي (ع) نموذج آخر للإنسان الكامل .
معرفة علي هي معرفة الإنسان الإسلامي الكامل ، لا من حيث اسمه ونسبه ...لاطبعا!!!!
انما
معرفة علي هي معرفة شخصية ، لا شخصه . فمهما تكن الحدود التي نستطيع فيها أن نعرف شخصية علي الجامعة ، نكون قد عرفنا الإنسان الإسلامي الكامل . ومهما تكن الحدود التي نضع فيها هذا الإنسان الكامل كنموذج نقتدي به , نسير في طريقه ،
ونعتبره إمامنا وقدوتنا عمليا ، لا اسما ولفظا ، ونرى أنفسنا تابعين به ونسعى دائما في أن نصنع أنفسنا على غراره وعلى مثاله وطرازه ، فإننا عند ذاك نكون من شيعة هذا الإنسان الكامل ، كما قال الشهيد الثاني : " الشيعة من شايع عليا
يقول الشهيد مطهري عن الانسان الكامل\
(((الإنسان الكامل معناه وجود إنسان تام في قبال إنسان لم يزل أفقيا غير تام ، لم يزل نصف إنسان ، كسر إنسان ، ربع إنسان ، ثلث إنسان ، ليس إنسانا تاما . والإنسان يكون تاما ، ويكون قابلا لكي يكون كاملا ، ويكون أكمل ، وأكمل ، إلى ذلك الحد النهائي ، ذلك النهائي الذي لا يكون فوقه إنسان . ذلك هو الإنسان الكامل ، وهو الذي بلغ ارفع حدود الإنسانية .)))
من العوامل التي تؤدي لانحرافالانسان وانتكاستة عن الكمال وتنفره من الدين والله، وكل القيم المعنوية، التي تخلقة كاملا هو تلوّث المحيط، بالأوحال الشيطانية، وغرق الأفراد، وغيبوبتهم في عبادة اللّذة، والشهوة، والهوى؛ حيث تحفل تلك البيئة الإجتماعية، بكل ما يُشعل لهيب الشهوة، والغرائز الحيوانية؛ ومن الواضح أنّ الغيبوبة في الشهوات الحيوانية المنحطة،تتنافى وكل المشاعر السامية،وتعارض اطروحة انسان الكامل سو كانت دينية أو
أخلاقية أو علمية أو فنية أو غيرها؛ فإنها، كلها ستموت، وتنطفئ، نتيجة الحياة الحيوانية هذه.
فإنّ عابد الشهوة، والغارق بأوحالها، كما لايحسّ بالمشاعر الدينية الرفيعية الكاملة كذلك يفقد الإحساس بالعزّة والشرف، والسيادة، والرجولة، والشجاعة، والتضحية؛ ويغدو أسيراً لشهواته المادية الحسية، ويضعف ويضمر إحساسه بالأمور المعنوية جميعها، سواء الدينية منها أو الأخلاقية أو العلمية أو الفنية وغيرها.
لذلك لو أرادت أُمة، أنْ تقتل من الأُمة الأخلاقية، روح الدين، والأخلاق، والشجاعة،والرجولة؛ عليها أنْ تغرقها بوسائل اللهو، وموائد الشهوة اللذة؛ وتجارب التاريخ تشهد على هذه الحقيقة المره او تحطم الانسان المسلم من الداخل فتجعلة مقنع بالتقديس والتدين وداخلة ركام من السوادوالعفن ممسوخ روحيا
وهنا ينبغي أنْ نقول أنه حتى إذا فرضنا أن الإنسان لا يمسخ جسميا إلى حيوان ، ولكن الذي لا شك فيه هو أنَّ الإنسان يمكن أنْ يمسخ روحياً ونفسياً ويتغير إلى حيوان ، بل قد يتحول إلى نوع من الحيوان ليس في العالم أحط منه وأقذر
. بِلْ هُمْ أضَلُّ
كما يكون هذا ؟ أيصح أنْ يتحول الإنسان روحياً إلى حيوان ؟ نعم ، لأن شخصية الإنسان كإنسان تتجلى في خصائصه الأخلاقية والنفسية متسمة بالخصائص الإنسانية في الخلق والنفسية ، بل اتسمت بخصائص حيوان مفترس ، أو بهيمة ، واخلاقيته فهذا هو المسخ . وهذه هي الحقيقة ، فإنها روحه التي مسخت . أن الخنزير الذي نراه فيه تناسب بين روحه وجسمه . فقد تكون جميع خصاله الإنسان أشبه بخصال الخنزير ، فهذا يكون قد انسلخ من الإنسانية ، واصبح في المعنى وفي الباطن وفي عين الحقيقة وفي الملكوت خنزيراً حقاً ولا شيء غير ذلك .
وعليه ، فإن الإنسان المعيوب الغيركامل ولو نسبيا قد يصل إلى أنْ يصبح إنساناً مسخاً . هذه أمور قلما نسمع عنها وقد يحسبها بعضهم من الأمور
المجازية فلا يصدقونها ، ولكن تلك هي الحقيقة .
قال رجل كنا مع الإمام السجاد (ع) ذاهبين إلى مكة . في صحراء عرفات نظرنا فإذا بالحجيج يعدون بالآلاف ، وقال الرجل أنه رأى الناس ، من مكانه المرتفع ، وكأنها أمواج تموج ،
فالتفت إلى الإمام قائلاً : ما أكثر الحجيج
فقال الإمام : "مَا أَكْثَرَ الضَّجِيِجَ وأَقَلَّ الحِجيجَ "
ويقول الرجل :
لا أدري ما فعله بي الإمام والنظرة التي اوحاها الي ، والعين التي فتحها لي ، إنما قال لي : الآن انظر . فنظرت وإذا بالصحراء مليئة بحيوانات من مختلف الأنواع كحديقة الحيوانات ، وبينهم بعض الأشخاص يتحركون . وقال الإمام : ها أنت ترى باطن القضية .
هذا أمر واضح وضوح النهار عند أهل المعنويات وأهل الباطن ، وأما إذا لم يشأ العقل المتجدد قبول ذلك فهو على خطأ ، ففي زماننا هذا يوجد أناس يستطيعون أنْ يدركوا الإنسان على حقيقته ، وأنْ يروا أن الإنسان شبه بذي الأربع ، الذي لايفهم شيئا سوى الأكل والنوم والجنس ، ولا يمكن أن تختلف روحه عن أرواح ذوات الربع ، وإن باطنه قد مسخ ، أي أنَّ الحقائق الإنسانية وإنسانيته قد سلبت منه كليا ، واستبدل بها ، بيده ، الصفات الحيوانية .
إذن،
فالغرق في الشهوات، يؤدّي إلى ضمور الإحساس الديني، وضعف تأثيره: بل، وقد صرّح القرآن الكريم بذلك؛ فإنه لو صارت القلوب قاتمةً، مظلمة، وتكدرت وقسمت، فحينئذٍ لا يجد نور الإِيمان منفذاً إليها؛
كما في قوله تعالى:
{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَاسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}
ثم إن الانحرافات التي تصيب الفرد أو المجتمع على نوعين : النوع الأول
هو تلك الانحرافات التي تقف ضد القيم وتناوئها ،
مثل وقوف الظلم في وجه العدل ، والحجر والاستبعاد ضد الحرية ، وعدم معرفة الله واللاابالية ضد عبادة الله ، والتبلد ، والسفه والحمق ضد العقل والفهم والحكمة . ولكن قد لا يكون أكثر انحرافات البشرية بهذا الشكل من وقوف أعداء القيم ضد القيم ، ففي هذه الحالة تكون هزيمة أعداء القيم حتمية ، إنما اغلب انحرافات البشر أشبه بمد البحر وجزره ، فقد تنمو أحيانا إحدى القيم الإنسانية نموا سرطانيا تبتلع سائر القيم الأخرى .
إن الزهد والتقوى من القيم الإنسانية ومعاييرها ، ولكن قد يحدث أن تكون مغالاة او تقدس وتختفي تحتها حقائق مؤلمة ::فيهما إلى درجة أن تنمحي كل القيم الأخرى ، ويظل الزهد او الخداع بالدين هو السائد وهو كل شيء.
. إن الأمور التي يطلق عليها اسم القيم الإنسانية ، والتي تدل على معنوية الإنسان ، كثيرة . ولكن بالإمكان تلخيص كل تلك القيم في قيمة واحدة ، وهي الألم والتألم . جميع المذاهب والمدارس المختلفة في العالم قد بحثت في موضوع القيم الإنسانية ، وتوصلت إلى هذه الحقيقة ، وهي إن الإنسان يتألم ، يتعذب ، لا كآلام الحيوانات الأخرى . فما هذا الألم ، ألم إنسانية الإنسان ؟ إنه ألم تغرب الإنسان في هذا العالم ، ألم عدم انسجام الإنسان مع العالم ، الإنسان الغريب عن هذا العالم ، ذلك لأن الإنسان قد جاء من دنيا أخرى لأداء رسالة ، فأنفصل عن أصله وابتعد عنه ، وإن هذا الابتعاد عن الأصل هو الذي يثير فيه
الشوق والعشق والأنين والإحساس بالغربة والرغبة في العودة إلى الأصل ،
إلى الوطن
أي الرجوع إلى الله ،
فهو قد أخرج من الجنة وجيء به إلى دنيا الأرض ، ويريد أن يرجع مرة أخرى إلى تلك الجنة الموعودة . إلا إن مجيئه لم يكن خطأ وبلا سبب . لقد جاء لأداء رسالة . ولكن هذا الهجر يجعله في حالة دائمة من العذاب والألم .فألم الإنسان ، من هذا المنظور ، هو اللم لله ، الألم للبعد عن الله ، والرغبة في الرجوع إلى جوار الله وقربه . إن الإنسان ، مهما ينل من مقام ، ومهما يصل إليه من كمال ، ومهما يبلغ من مكانه ، فهو ما يزال يحس بأنه لم يصل بعد إلى معشوقة .يقولون عن الإنسان يبحث دائما عن شيء لا يملكه ، وإنه مادام يفتقد ذلك الشيء فإنه يطلبه ،
يقول ويليام جيمز:
(إنّ الدين يؤشّر على بعض الأمور والأشياء، التي لا طريق للعلم والعقل لمعرفتها؛ ولكن، هذه المؤشّرات هي التي حفّزت العلم والعقل على التحقيق))
ما من قول أروع من هذا
.
سير الإنسان إلى الله
.
فما دام الإنسان منفصلا عن الله يكون جميع السير على خطأ . ولكنه إذا وصل إلى حيث يذكر الله ، ويعرف الله ، ويرى نفسه قريبا من الله ، ويحس بالله معه ، عندئذ يكون قد رجع ثانية إلى الله ، ثم مع الله ، ويصبح إنساناً ربّانياً ، ويكون إنسان لا يغفل عن الله
وقد بُعث الأنبياء من أجل دفع البشر للإِيمان، بمثل هذه الإِمدادات الغيبيّة الخاصة، فلو توافر فينا مثلُ هذا الإِيمان، استحققنا بعض الألطاف من الله، وأمكنا لنا أنْ نطلبها من الله تعالى.
وعلى أيّ حالِ، فإنّ البشر في حياته الخاصة، تشمله أحياناً الألطاف، والتوفيقات الخاصّة، سواء في حياته الفردية أو الإجتماعية التي تعينه، وتنتشله من السقوط والدّمار؛ والقرآن الكريم يقول بخصوص النبي ص
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى
ونحن نردِّد في الفرائض الخمسة:
ِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين
،وهو نوع من طلب المدد من الغيب.
كما ان المدد الغيبي، تارة يظهر، بصورة توفير الشروط والظروف لتحقق النجاح والتوفيق، وأُخرى بصورة إلهاماتٍ وتوجيهات.انها فراسة المؤمن وحقائق العرفانين
قال الامام الصادق
لاتغرنكم كثرة صلاتهم وطول قيامهم وبكائهم انما التقوى بالقلب.. واشارالى صدرة
الحقيقة احد مشاركات الاخوة الافاضل اوحت لي بان اكتب عن الانسان المثالي او الكامل