الفضيلة الوحيدة لمجلس النواب أيها السادة الكرام انه اعطانا في آخر ايامه الدليل الذي لاياتيه الباطل من خلفه ولا من ورائه، من ان ما كتبناه عنه والانتقادات التي وجهناها لأداء أعضائه وطبيعة عملهم كانت في حقيقتها أقل بكثير مما يستحق، فالسادة النواب ا لكرام طلّقوا مجلسهم الموقر بالجملة طلاقا بائناً،
ففي الاجتماع الأخير لم يحضر منهم غير ثلاثين نائباً من مجموع 275 بالكمال والتمام. وكأن سادتي الكرام يؤكدون حكمة المثل الشعبي العراقي (يامغرب خرّب) معلنين للجميع من دون استثناء بأنهم لايعيرون ناخبيهم أي قدر من الاحترام وانهم تعاملوا مع مواقعهم هذه كما يتعامل الموظف العادي عندما يعدّ الأيام حتى نهاية الشهر ليشبع الرجل عائلته. ثلاثون نائبا فقط.. ياللفضيحة!
ماذا تقولون للناس، بل ماذا تقولون وتبررون غيابكم الجماهيري هذا أمام الله وضميركم،بل وحتى أمام مرجعياتكم السياسية والفكرية والدينية والشعبية ان بقيت لكم فيها مرجعيات!
عدم اكتمال النصاب بسبب الغياب مثلبة من مثالبكم حفظناها عن ظهر قلب.
اهمالكم أهم القوانين التي تهم حياة المواطن ومستقبل البلاد، مثل قوانين الاستثمار والنفط وحماية الصحفيين وتعديلات الدستور اثبتت عدم اهليتكم لتحمل مسؤولية عملية سياسية معقدة وخطيرة وشائكة من طراز ماجرى ويجري في العراق.
سرعة حصولكم على الامتيازات الخاصة بكم أعطت الدليل القاطع على ان معظمكم يتعامل بعقلية الفرصة التي ربما لن تتكرر فحصد ما حصد واكتفى المواطن من الغنيمة بالاياب!
مشاحناتكم التي أججت الشارع العراقي أثبتت ان المصالح الحزبية والكتلوية والطائفية والقومية والمناطقية هي الأقرب الى عقليتكم وسلوككم السياسي وانكم تعاملتم مع أخطر القضايا التي عرضت عليكم بهذه العقلية والتي تفتقر الى المهارة السياسية الحقيقية.
في كل مرّة نسأل: لماذا تفعلون كل هذا بنا؟
واليوم نقلب السؤال: لماذا تفعلون كل هذا بانفسكم؟ اليست لديكم الرغبة في ترك اثر ايجابي واحد في نفوس ناخبيكم الذين تحدوا كل أشكال الموت والتهديد من أجل ان يصلوا الى صناديق الاقتراع.
الغياب الجماعي هذا يطرح الكثير من الاسئلة ليس عن احساسكم بالمسؤولية الملقاة على عاتقم وانما على الاحزاب والكتل والتنظيمات التي رشحتكم لمجلس النواب فيما الارض العراقية زاخرة بالكفاءات والقدرات الراقية والنوعية للقيادة على المستويات السياسية والمهنية والتكنوقراطية وحتى ادارة الدولة بمهارة عالية.
غياب فضائحي لم يقابل بالادانة لا من قبل رئاسة مجلس النواب ولا مجلس الرئاسة الموقر ولا رئاسة مجلس الوزراء بل ولا حتى من قبل التيارات والكتل السياسية التي رشحت السادة النواب لكراسي البرلمان.
اخفاق تام وشامل في كل اجهزة الرقابة من البرلمان واليه باستثنا ء الاعلام الوطني الحقيقي الذي ظلّ ينفخ في قربة مثقوبة، لااحد يسأل عن ممارسات الآخر الا بالتصّيد الانتخابي أو التصيّد بالماء العكر لغايات في نفس يعقوب!
اذا كان السادة النواب الغائبون يعرفون انهم خارج التغطية في الانتخابات القادمة فمن الاولى ان يسرحونا بمعروف لاننا كنّا في منتهى الكرم السياسي وكانوا معنا بمنتهى البخل في تشريع القوانين التي تحسن حياتنا اليومية، وان فعلوا ذلك بقانون أو قانونيين فقد حصل ذلك صراحة بطلعان الروح والضغط الشعبي.
تحية لجهودنا ووداعا للغائبين الى الأبد!