مسألة 8 : اذا اختلف المجتهدون في الفتوى وجب الرجوع إلى الاعلم ( اي الاقدر على استنباط الاحكام ، بان يكون اكثر احاطة بالمدارك ، وبتطبيقاتها، بحيث يكون احتمال اصابة الواقع في فتاويه اقوى من احتمالها في فتاوي غيره ) . ولو تساووا في العلم ، او لم يحرز وجود الاعلم بينهم، فان كان احدهم اورع من غيره في الفتوى اي اكثر تثبتا واحتياطا في الجهات الدخيلة في الافتاء تعين الرجوع اليه ، وإلا فالاحوط الاحتياط بين اقوالهم مطلقا ، وان كان الاظهر كون المكلف مخيرا في تطبيق عمله على فتوى اي منهم مالم يحصل له علم اجمالي منجز او حجة اجمالية كذلك في خصوص المسالة ، كما اذا افتى بعضهم بوجوب القصر وبعض بوجوب التمام فيجب عليه الجمع بينهما ، او افتى بعضهم بصحة المعاوضة وبعض ببطلانها فانه يعلم بحرمة التصرف في احد العوضين فيجب عليه الاحتياط حينئذ .
مسألة 9 : اذا علم ان احد الشخصين اعلم من الاخر مع كون كل واحد منهما اعلم من غيرهما ، او انحصار المجتهد الجامع للشرائط فيهما فان لم يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى تخير بينهما . وان علم الاختلاف وجب الفحص عن الاعلم ، فان عجز عن معرفته كان ذلك من اشتباه الحجة باللاحجة في كل مسالة يختلفان فيها في الرأي ، ولا أشكال في وجوب الاحتياط فيها مع اقترانه بالعلم الاجمالي المنجز ، كما لا محل للاحتياط فيما كان من قبيل دوران الامر بين المحذورين الذي يحكم فيه بالتخيير مع تساوي احتمال الاعلمية في حق كليهما ، والا فيتعين العمل على وفق فتوى من يكون احتمال اعلميته اقوى من الاخر . واما في غير الموردين فالاحوط مراعاة الاحتياط بين قوليهما مطلقا ، وان كان الاقوى هو التفصيل : ووجوب الاحتياط فيما كان من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة في الاحكام الالزامية ، سواء أكان في مسالة واحدة كما اذا أفتى أحدهما بوجوب الظهر والاخر بوجوب الجمعة مع احتمال الوجوب التخييري ، أم في مسألتين كما اذا افتى أحدهما بالحكم الترخيصي في مسالة والاخر بالحكم الالزامي فيها وانعكس الامر في مسالة اخرى . واما اذا لم يكن كذلك فالظاهر عدم وجوب الاحتياط ، كما اذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو الا في مسالة واحدة ، أو علم به في أزيد مع كون المفتي بالحكم الالزامي في الجميع واحدا .
مسألة 10 : إذا قلد من ليس أهلا للفتوى وجب العدول عنه إلى من هو أهل لها . وكذا إذا قلد غير الاعلم وجب العدول إلى الاعلم ، مع العلم بالمخالفة بينهما .
وكذا لو قلد الاعلم ثم صار غيره أعلم .
مسألة 11 : إذا قلد مجتهدا ثم شك في أنه كان جامعا للشرائط أم لا ، وجب عليه الفحص . فإن تبين له أنه كان جامعا للشرائط بقي على تقليده ، وإن تبين أنه كان فاقدا لها ، أو لم يتبين له شئ عدل إلى غيره . وأما أعماله السابقة : فإن عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها إلى المجتهد الجامع للشرائط ، فمع مطابقة العمل لفتواه يجتزي به ، بل يحكم بالاجتزاء في بعض موارد المخالفة ايضا كما اذا كان تقليده للاول عن جهل قصوري وأخل بما لا يضر الاخلال به لعذر ، كالاخلال بغير الاركان من الصلاة ، أو كان تقليده له عن جهل تقصيري واخل بما لا يضر الاخلال به الا عن تعمد كالجهر والاخفات في الصلاة . واما ان لم يعرف كيفية اعماله السابقة بنى على الصحة الا في بعض الموارد ، كما اذا كان بانيا على مانعية جزء أو شرط واحتمل الاتيان به غفلة ، بل حتى في هذا المورد اذا لم
يترتب على المخالفة أثر غير وجوب القضاء ، فانه لا يحكم بوجوبه .
مسألة 12 : إذا بقي على تقليد الميت غفلة أو مسامحة من دون أن يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد ، وعليه الرجوع إلى الحي في ذلك ، والتفصيل المتقدم في المسالة السابقة جار هنا أيضا .
مسألة 13 : إذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط ، والتفت إليه بعد مدة فان كان معتمدا في ذلك على طريق معتبر شرعا وقد تبين خطأه لاحقا كان كالجاهل القاصر ، والا فكالمقصر ، ويختلفان في المعذورية وعدمها، كما قد يختلفان في الحكم بالاجزاء وعدمه ، كما مر بيانه في المسالة الحادية عشر .
مسألة 14 : لا يجوز العدول من الحي إلى الميت الذي قلده أولا، كما لا يجوز العدول من الحي إلى الحي ، إلا إذا صار الثاني أعلم أو كانا متساويين ولم يعلم الاختلاف بينهما .
مسألة 15 : إذا تردد المجتهد في الفتوى ، أو عدل من الفتوى إلى التردد ، تخير المقلد بين الرجوع إلى غيره والاحتياط إن أمكن .
مسألة 16 : إذا قلد مجتهدا يجوز البقاء على تقليد الميت مطلقا أو في الجملة فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده في هذه المسالة ، بل يجب الرجوع
فيها إلى الاعلم من الاحياء . وإذا قلد مجتهدا فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول إلى الحي ، أو بوجوبه مطلقا ، او في خصوص ما لم يتعلمه من فتاوى الاول ،
فعدل اليه ثم مات ، يجب الرجوع في هذه المسالة إلى أعلم الاحياء ، والمختار فيها وجوب تقليد اعلم الثلاثة مع العلم بالاختلاف بينهم في الفتوى كما هو محل
الكلام فلو كان المجتهد الاول هو الاعلم في نظره من الاخرين لزمه الرجوع إلى تقليده في جميع فتاواه .
سألة 17 : إذا قلد المجتهد وعمل على رأيه ، ثم مات ذلك المجتهد فعدل إلى المجتهد الحي لم يجب عليه إعادة الاعمال الماضية ، وإن كانت على خلاف رأي الحي
في ما إذا لم يكن الخلل فيها موجبا لبطلانها مع الجهل القصوري ، كمن ترك السورةفي صلاته اعتمادا على رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه إعادة ما صلاها بغير سورة . بل لا يبعد عدم وجوب اعادتها والاجتزاء بها مطلقا حتى في غير هذه الصورة .
مسألة 18 : يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة وشرائطها ، ويكفي أن يعلم إجمالا أن عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الاجزاء والشرائط ، ولا يلزم العلم تفصيلا
بذلك . وإذا عرضت له في أثناء العبادة مسالة لا يعرف حكمها جاز له العمل على بعض الاحتمالات ، ثم يسأل عنها بعد الفراغ ، فإن تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل، وإن تبين البطلان أعاده .
مسألة 19 : يجب تعلم مسائل الشك والسهو ، التي هي في معرض ابتلائه ، لئلا يقع لولا التعلم في مخالفة تكليف الزامي متوجه اليد عند طروهما .
مسألة 20 : تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور : الاول : العلم الوجداني أو الاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائية كالاختبار ونحوه . الثاني : شهادة عادلين
بها . الثالث : حسن الظاهر ، والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني ، وهو يثبت ايضا باحد الامرين الاولين . ويثبت اجتهاده وأعلميته أيضا بالعلم ،
وبالاطمئنان ، بالشرط المتقدم ، وبشهادة عادلين من أهل الخبرة، بل لا يبعد ثبوتها بشهادة من يثق به من أهل الخبرة وان كان واحدا، ولكن يعتبر في شهادة أهل الخبرة ان لا يعارضها شهادة مثلها بالخلاف ، ومع التعارض يأخذ بشهادة من كان منهما اكثر خبرة بحد يكون احتمال اصابة الواقع في شهادته اقوى من احتمالها في شهادة غيره .
مسألة 21 : يحرم الافتاء على غير المجتهد مطلقا ، واما من يفقد غير الاجتهاد من سائر الشرائط فيحرم عليه الفتوى بقصد مل غيره بها . ويحرم القضاء على من ليس اهلا له ، ولا يجوز الترافع اليه ، ولا الشهادة عنده اذا لم ينحصر استقاذ الحق المعلوم بذلك، وكذا المال المأخوذ بحكمه حرام اذا لم يكن شخصيا او مشخصا بطريق شرعي والا فهو حلال حتى فيما اذا لم ينحصر استنقاذه بالترافع اليه وان أثم في طريق الوصول اليه .
مسألة 22 : المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوى نفسه ، بل الظاهر انه يجوز لغيره العمل بفتواه إلا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوى الافضل ، أو فتوى من يساويه في العلم على تفصيل علم مما سبق وينفذ قضاؤه ولو مع وجود الاعلم اذا عرف مقدارا معتدا به من الاحكام التي يتوقف عليها القضاء .
مسألة 23 : إذا شك في موت المجتهد ، أو في تبدل رأيه ، أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده ، جاز البقاء على تقليده إلى أن يتبين الحال .
مسألة 24 : الوكيل في عمل يعمل بمقتضى تقليد موكله ، لا تقليد نفسه فيما لا يكون مأخوذا بالواقع بلحاظ نفس العمل او آثاره ، والا فاللازم مراعاة كلا التقليدين ، وكذلك الحكم في الوصي .
مسألة 25 : المأذون ، والوكيل عن المجتهد في التصرف في الاوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد . وكذلك المنصوب من قبله وليا وقيما فإنه ينعزل
بموته على الاحوط .
مسألة 26 : حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتى لمجتهد آخر ، إلا إذا كان مخالفا لما ثبت قطعا من الكتاب والسنة . نعم لا يكون حكمه مغيرا للواقع ، مثلا من علم ان المال الذي حكم به للمدعي ليس ملكا له لا يجوز ترتيب آثار ملكيته .
مسألة 27 : إذا نقل ناقل ما يخالف فتوى المجتهد ، وجب عليه على الاحوط إعلام سمع منه ذلك اذا كان لنقله دخل في عدم جري السامع على وفق وظيفته الشرعية ، والا لم يجب اعلامه . وكذا الحال فيما اذا اخطأ المجتهد في بيان فتواه . وأما إذا تبدل رأي المجتهد ، فلا يجب عليه إعلام مقلديه فيما إذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد .