إن الكثيرين يختمون الختمات، ويذهبون إلى العمرة والزيارات، ويتمنون أن يفتح رب العالمين عليهم أبواب الرزق الكثير.. هل هذا المفهوم مفهوم شرعي؟!.. وهل أن كثرة المال أمر مطلوب دائما؟!.. وهل يصرّ المؤمن على الله عز وجل أن يرزقه المال الكثير، أم أنّ القضية خلاف ذلك؟..
يفهم من خلال هذه القصة الصغيرة، الموقف الشرعي النبوي من هذه المسألة.. قال زين العابدين (عليه السلام): (مرّ رسول الله (صلى الله عليه واله) براعي إبل فبعث يستسقيه، فقال: أما ما في ضروعها فصبوح الحيّ).. أي أن اللبن الذي في ضروعها يحلب في الصباح.. (وأما ما في آنيتها فغبوقهم).. أي ما يحلب آخر النهار.. وبالتالي، فإنه ليس هناك شيء زائد نعطيك إياه!.. (فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): اللهم!.. أكثر ماله وولده.. ثم مرّ براعي غنم فبعث إليه يستسقيه، فحلب له ما في ضروعها، وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول الله (صلى الله عليه واله)، وبعث إليه بشاة، وقال: هذا ما عندنا، وإن أحببت أن نزيدك زدناك).. فهذا الراعي حلب له ما في ضروع الماشية، وسكب لها ما في إنائه، وأرسل له شاة هداية، وقال له: إن أردت المزيد أرسلناه لك!.. (فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): اللهم!.. ارزقه الكفاف).
(فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله!.. دعوت للذي ردك بدعاءٍ عامتنا نحبه، ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): إنّ ما قلّ وكفى، خير مما كثر وألهى).. إن بعض المؤمنين من المواظبين على المساجد، إذا فتح مشروعا أو مشروعين، وإذا به يغيب ويغرق في بحر الدنيا.. (ثم دعا لنفسه وآله وقال: اللهم!.. ارزق محمدا وآل محمد الكفاف).