جاء نفر من الأنصار مع راهبهم إلى مسجد النبي (ص) في المدينة وكانوا يحملون معهم قطعاً من الذهب والنفائس ، فاتجه الراهب إلى جماعة كان أبو بكر بينهم وقال : أيكم خليفة النبي (ص) وأمين دينه ؟ فأشار الحضار إلى أبي بكر .
فالتفت الراهب إلى أبي بكر وقال ما أسمك ؟
فقال أبو بكر : إسمي ( عتيق) .
فقال الراهب : وما إسمك الآخر ؟
فقال أبو بكر : اسمي الآخر : صديق .
فقال الراهب : وهل لك اسم آخر ؟
فقال أبو بكر : كلا .
فقال الراهب: إذن إني لم أقصدك أنت فهنالك شخص آخر .
فقال أبو بكر : ماذا تعني ؟
فقال الراهب : لقد جئت مع هذه الجماعة من الروم ونحمل معنا الأموال والذهب والفضة وهدفنا أن نسأ ل خليفة المسلمين بعض الأسئلة فإن أجاب عليها جواباً صحيحاً فإننا سنعتنق الإسلام ونطيع الأوامر ونسلم له ما أتينا به من الأموال لتوزع بين المسلمين ، وأن لم يستطع الخليفة أن يجيب على أسئلتنا فإننا سنرجع إلى بلدنا .
فقال أبو بكر : إسأل !
فقال الراهب : يجب أن تعطيني الحرية والأمان في التكلم .
فقال أبو بكر : لك ذلك فاسأل .
فقال الراهب : أخبرني ما هو الشيء الذي : ليس لله وليس عند الله ولا يعلمه الله
فتحيّر أبو بكر وقال لأصحابه بعد مكثٍ طويل : عليَّ بعمر .
فأخبروا عمراً فحضر المجلس ، فالتفت إليه الراهب وطرح عليه أسألته ولكنه عجز عن الإجابة ، ثم أخبروا عثمان فجاء إلى المسجد فسأله الراهب ولكنه أخفق عن الإجابة أيضاً ، وأخذ الناس يتمتعون ويقولون : إن الله يعلم كل شيء وله كل شيء فما هذه الأسئلة الغريبة .
فقال الراهب : أنّ هؤلاء الشيوخ رجال كبار ولكنهم وللأسف اغتروا بأنفسهم ، وعزم على الرجوع إلى وطنه .
فهرع سلمان إلى الإمام علي (ع) وأخبره بالأمر وتوسل إليه أن يُسرع ليحل هذه المسألة المهمة .
فذهب الإمام علي (ع) مع ولداه الحسن والحسين إلى المسجد ففرح المسلمون بقدومهم وكبروا وقاموا من مكانهم احتراماً لهم .
فقال أبو بكر للراهب : لقد حضر من كنت تطلب ، فاسأل ما شئت أن تسأل . فالتفت الراهب إلى الإمام علي (ع) وقال : ما اسمك :
فقال الإمام علي (ع) : اسمي عند اليهود (أليا) وعند المسيح ( إيليا) وعند أبي (علي) وعند أمي ( حيدرة) .
فقال الراهب : وما هي نسبتك مع النبي (ص) ؟
فقال الإمام علي (ع) : إنه أخي وابن عمي وأنا صهره .
فقال الراهب : قسماً بعيسى أنك أنت مقصودي وضالتي .
فأخبرني ما هو الشيء الذي ليس لله وليس عند الله ولا يعلمه الله ؟!.
فقال الإمام ع لي عليه السلام : ما ليس لله فإن الله تعالى أحد ليس له صاحبة ولا ولدا،
وأما قو لك: ولا من عند الله ، فليس من الله ظلم لأحد ، وأما قولك لا يعلمه الله، فان الله لا يعلم له شريكاً في الملك .
فلما سمع الراهب هذا الجواب أرخى حزامه ووضعه على الأرض ثم ضم الإمام علي (ع) إلى صدره وقبلّه بين عينيه وقال: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأشهد أنك وصيه وخليفته وأمين هذه الأمة ومعدن الحكمة ؛ و إسمك في التوراة ( أليا ) ، وفي الإنجيل ( ايليا ) ، وفي القرآن ( علي ) ، وفي كتب الأولين ( حيدرة)، لقد وجدتك وصياً للنبي حقاً وأنك لأحق الناس في الجلوس في هذا المجلس ؛ فما هي قصتك مع هؤلاء القوم ؟ فأجاب الإمام علي (ع) بكلام وجيز ، ثم نهض الراهب وقدّم جميع أمواله إلى الإمام علي (ع) .
فأخذ الإمام علي (ع) الأموال منه وقسمهاً على فقراء المدينة وهو جالسٌ في ذلك المجلس . ورجع الراهب ومرافقوه إلى وطنهم بعد أن اعتنقوا الإسلام