سوره الكوثر .........الإعجاز القرآني
الاستاذة العالمة الفاضلة أم عباس النمر من خيرة نساء الاحساء درست العلم حوالي 23سنه ( 13 / 4 / 2005م - 12:43 م)
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكوثر
اعتقد ان هناك ارتباط بين ثواب السورة ومعناها ...
الرواية الواردة عن الإمام الصادق من كان قراءته إنا أعطيناك الكوثر فـي فرائضه ونوافله سقاه الله من الكوثر يوم القيامة وكان محدثه عند رسول الله فـي أصل طوبى.
فـي الحقيقة سورة الكوثر اقصر سورة قرآنية ... أربع جمل فقط لذلك يقال وأغلب المفسرين على هذا ان الإعجاز القرآني كما ان الله تحدى بأن يأت المشركين بسورة من مثله .. المراد منها سورة الكوثر أيضاً ... لأن فيها إعجاز إلهي ... .
واضح أن الخطاب خاص بالرسول وتفرده فـي الخطاب من بين كل الوجود . السورة هي خطاب لرسول الله مع إغماض عن كل الموجودات.
إنا أعطيناك الكوثر
فـي كل لفظ وعبارة وجملة حقيقة مستقلة تنتهي إلى نتيجة واحدة ...
صاحب الميزان لا يبني على أن أسباب النزول تؤثر على فهم السورة و تفسيرها أي ليست قرينة ... الكثير من المفسرين يعتبرون أن أسباب النزول تشكل قرينة مفهومية توضح معنى السورة وقرينة على فهم السورة ... هناك مسألة أساسية سبب النزول لا يشكل قرينة ... أنما الفضاء الذي تنزل فيه السورة يفيد معنى الآيات .. إذا كان هناك عرف سلوكي معين يشكل نحو من الثقافة والفضاء الخاص عند الناس .. عندما يأتي القرآن فهو ناظر إلى ذلك الفضاء فالقرآن يعلم ويخلق ويحكم يزكي ويعلم آية الميراث مثلاً ... (آباءكم أو أبناءكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً) هي تتكلم عن الميراث الآية تضع قانوناً فـي تقسيم الارث ولكنها تريد أن تعالج واقع اجتماعي فـي ذلك الوقت حتى نفهم هذه الآية لا بد أن نعرف القضاء.
سبب النزول يحكي عن مصداق خارجي واحد أما الفضاء هو النحو السلوكي والمناخ الفكري الاجتماعي الذي نزلت فيه الآية ... .
بعض الآيات التي تتكلم عن الزهد نزلت فـي وقت والمسلمون فـي غاية الفقر ... الآية تريد أن تقول ان الانسان يستطيع ان يستغني عن الدنيا كلها.
الآيات التي تتكلم عن الجهاد توبخ المسلمين مع أنهم كان كلهم تقريباً يخرج للجهاد وفـي ظروف صعبة هذه دلالة على أن الدعوة المحمدية استطاعت ان تستخرج جوهر الناس وما زال الطريق مفتوح.
مفاد شأن نزول هذه السورة ... المسألة واضحة العرب باعتبار ان بنيانهم الاجتماعي ... قبلي فهم يلتفتون إلى التركيبة القبلية وبنيانها باعتبار انها هي التي تجلب النفع وتدفع الضر عن نفسها ... والابناء الذكور هم الذين يجلبون النفع لهذه القبلية ... ومن الفرد كذلك ...
لو قلنا ان غرض السورة هي نسبة أبناء الصديقة الزهراء للرسول فقط هذا فـي نفسه مقاومة وطرح فكر إلهي جديد .. حتى الزيارات تؤكد ذلك (السلام عليك يا بن رسول الله) المسألة ليست بديهية والآن أصبحت بديهية ... حتى يقرر أهل البيت أن أبناء الصديقة هم أبناء الرسول كان الأمر يحتاج إلى تأكيد شديد ... انتقال من مدرسة إلى مدرسة ... .
لأن الأبن فـي ذلك التركيب القبلي لا يمثل البعد العنصري للأب فقط بل هو الذي يحمل فكر ومنهجية أباه وكل ما يمس أباه. العربي عندما يفتخر بأبيه فهو يحكي أباه بكل أبعاده.
عندما يقولون أن الرسول ابتر أي انه لا يوجد من يحكي بُعده . هذه السورة نزلت فـي هذا الفضاء حيث لا يعتبرون أبناء البنت أبناء ... هم يرون ان المرأة صرف مستودع ولا نصيب لها من الأبن بينما القرآن يقرر ان النصيب الأكبر للأم (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه ... ) والعلم أثبت أن الجنيات الوراثية والتركيبية هي نصفين وللأم النصيب الأوفر لحملها ... أما الولاية فهي أمر قانوني.
المرأة ليست الأرض التي يبذر فيها البذر فيكون البذر للباذر.
بل الأم هي الأرض بما أنها شريك فـي البذر فلها سهم خاص من هذا الابن هناك نكتة تتناسب مع مسألة الميراث والنبوة ... لماذا يتهمون الرسول بأنه أبتر ... كل ذلك لأجل التخلص من ذلك المنهج والرسالة والمعرفة ... .
اختلفوا فـي معنى الكوثر إلى أربع وعشرين رأي بخصوص هذه الكلمة يقول صاحب الميزان الكوثر تنطبق على المصداق الأول والأكبر الذي هو الصديقة الزهراء وكل ما دونها ... وهو ليس إلاّ مظهر ومقام من مقاماتها هل الكوثر هو الخير الكثير أم منشأ الخير الكثير ... الكوثر على وزن فوعل الشيء الذي من شأنه الكثرة انا اعطيناك شيئاً من شأنه ان لا يتناها بالتقابل بين الأبتر والكوثر نفهم هذا المعني ...
ما الشيء الذي لا انقطاع له ما هو الكوثر هل هي النبوة لانهم كانوا يخافون من النبوة ... من محمد بما هو نبي ...
المراد بالكوثر المصداق الذي يحمل كل هذه المعاني والابعاد التي يخافون منها انا اعطيناك الكوثر ... فالقرآن يقرر ان للبنت النصيب الأكبر من الميراث الواقعي والحقيقي ... كيف نستدل ان المراد بالكوثر الصديقة الزهراء فقط؟
القرآن يقرر ان نسل الرسول لم ينقطع ... فهي العين الفياضة للنبوة والوحي والمعرفة والحكمة وهي ممتدة ولا تنقطع فهي منبع للخير دائماً ... وهذا المعنى يتناسب مع دعوى الطرف الآخر هو يقول ابتر يجب ان يكون تناسب بين الدعوى والجواب ما هو التناسب انا اعطيناك الكوثر الصديقة الزهراء بما هي منشأ لهذه الخيرات ... كل حكمة ومعرفة فـي الكون هي منشأ لها ... فهي الخير المفرط وهذا أحد معاني الكوثر وما يخافون منه بقاء هذه الحكمة والمعرفة ... فليس بينهم وبين الرسول كشخصية حقيقية عداء خاص بل بما انه يدعي الارتباط بالغيب ... تقول الآية وهو من هذه الجهة باقي عبر أي شيء عبر هذا المنشأ وهي الصديقة سلام الله عليها.
فصل لربك وانحر
لشكر أي نعمة الرسول يقوم بعبادة معنية .. الصلاة التي هي قمة ارتباط الرسول بالله ... العبادة لها مراحل ... ما هي العبادة التي تقابل إعطاء الصديقة الزهراء ... العبادة قد يأتي بها الإنسان خوفاً أو طمعاً أو حباً ... هذه الصلاة التي هي شكر لمقام الزهراء هذه الصلاة يخرق بها الرسول كل الحجب الوجودية حتى يصل إلى قاب قوسين أو أدنى والدليل عليه كلمة انحر اتفق الأئمة ان انحر يعني ارفع يديك إلى نحرك فـي تكبيرة الصلاة وهي أربع مراحل ...
قد يقال هذا أدب من آداب الصلاة والأدب جزئي كيف يمثل هذا الأدب قمة العبادة التي كان عليها رسول الله ؟
القرآن قوانينه غير قوانينا هو لا يفرق بين الآداب والواجبات والمستحبات لاحظوا, كل حركة التي يقوم بها الرسول تحكي عن حقيقة ... نحن عندما نقوم بهذه الحركة ونركع ونسجد نريد ان نتأدب أما الرسول يسلك سلوكاً وجودياً هو عندما يرفع يديه فـي الحقيقة يلقي بكل الدنيا وراء ظهره هذه التكبيرة للرسول عندما يعطى الكوثر فكل ما فـي الوجود وراء الرسول لأن عنده الكوثر فهو يلقي كل شيء فـي الوجود وراء ظهره فيبقى الرسول والكوثر هذا مفاد (قل الله ثم ذرهم فـي خوضهم يلعبون) عندما اعطي الرسول الكوثر وأوتي بهذه الحركة فهو يلقي كل الوجود خلاف ظهره ...
لماذا أربعة مراحل ؟
المعنى يتناسب مع بعض الجزئيات العقائدية ... مراحل الوجود ثلاثة المادي، البرزخ والعقل وهناك عالم فوق عالم العقل وهو عالم المحو ... كأن هذه التكبيرات الأربع تتناسب مع هذه العوالم ... الرسول ليس فقط يخرج عن عالم المادة بل البرزخ وبعدها عالم العقل ثم يصل إلى عالم المحو ...
عن الأمير سلام الله عليه لما نزلت السورة قال النبي لجبرائيل ما هي النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة ان ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فأنها صلاتنا وصلاة الملائكة فـي السموات السبع فان لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع اليدين فـي التكبيرة.
والروايات التي تقول ان الكوثر نهر تحت العرش وان الصديقة الزهراء زينة العرش فهي زينة العرش كما ان زينة الصلاة رفع اليدين ...
هي آداب ولكن عند رسول الله لا فرق بين الأداب والواجبات ... الذي يؤديه الرسول مقابل هذا العطاء ... هو خروجه من هذه العوالم ... وهذه من كمالات الولاية المحمدية ومن امتداداتها ...
ان شانئك هو الأبتر
النكتة ... حصر الأبتر بالشانيء وحصر الامتداد والكوثر فـي رسول الله ... انا اعطيناك ولا ينتهي .. فـي الروايات ان الزهراء سلام الله عليها عرضت على إبراهيم فلم يحملها وعلى موسى فلم يحملها و ... وعلى جميع الأنبياء فلم يستطيعوا أن يأخذونها فأعطيت للرسول فقال أنا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الأبتر.
هذا الخير الكثير لا يؤدى حقيقة شكره إلاّ ان لا يبقى للرسول غير الوجود الرباني والصديقة الزهراء ... وصحت الرواية لولا الصديقة لما خلقتكما ... فهي امتداد الوجود وسبب لامتداد النبوة والوحي ..
هناك روايات تقول ان السورة نزلت مرتين ... نزلت مع سورة القدر قيل للرسول انه ابتر فقيل انا انزلناه فـي ليلة القدر وإنا اعطيناك الكوثر ...
واستدلال الأئمة بسورة القدر على أنها باقية تحكي بقاء وامتداد هذا الكوثر وأما قوله ان شانئك هو الابتر فهي من الملاحم القرآنية ... فقيل ان نسل رسول الله اكثر نسل ولاتوجد بركة فـي هذا الكون إلاّ من نسله ... مادية ومعنوية ... ليست كلمة وانحر هي جزء من ضمن الصلاة ... هي زينة الصلاة وكمال الصلاة وجمال الصلاة ... الوارد فـي الروايات عن الأئمة ... انما المراد من النحر رفع اليدين فـي الصلاة ...
هناك روايات تقول ان الكوثر نهر فـي الجنة اعطي لمحمد عوضاً عن ابنه إبراهيم هناك تناسب بين العوض والمعوض ... هذه الأسماء عندما تصعد وترقى تتعدد الحقائق والأنوار ... عندما قال النبي الكوثر نهر فـي الجنة ضرب على ظهر علي وقال: هو أنت وأبناءك ... إذا طوينا هذه المعاني تعود إلى نفس النتيجة ... لا يمكن فهم الزهراء بالبعد المادي ... الذي يريد ان يكون علاقة بالزهراء .. طريقها القرآن فقط وعن هذا الطريق يرتبط بالرسول ...
انا اعطيناك الكوثر اعطيناك ما يبقي الوحي والنبوة والمعرفة والحكمة.
ان شانئك هو الأبتر ليس لشانئك بقاء ولا فكر ولا ثقافة ولا عقيدة ... الذي يكره الرسول ليس له شيء ... عدم بقاءٍ لكل من يكره الرسول ... (كأنهم اعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ) الذي يعادي الرسول لا يبقى لأنه هو الحق والثابت ... وان الباطل كان زهوقاً ....