الولايَة التكوينيّة
• عن إبراهيم بن وهب قال: أُتيَ أبو عبدالله ( الصادق عليه السّلام ) بشاةٍ حائل عجفاء ( الحائل: الأُنثى من وُلْد الشاة ساعةَ تُولَد، أو مرّ عليها حول. وعجفاء: هزيلة ).. فمَسَح عليه السّلام ضَرْعَها، فدرّت اللَّبنَ فاستوت.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 113 ـ وعنه: إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للشيخ الحرّ العاملي 140:3 / ح 231 ).
• وكتب المولوي محمّد مبين الهندي ( من علماء السنّة ) في كتابه ( وسيلة النجاة ص 358 ـ طبعة لَكْهنو ):
ومن جملة كراماته ( الإمام جعفر الصادق عليه السّلام ) ما روى جماعة قالوا:
كنّا مع جعفر بن محمّد في طريق مكّة.. فنزلنا تحت نخلةٍ يابسة، فتحرّك شفتاه عليه السّلام، فكان يقرأ دعاءً لا نفهمه، فإذا توجّه إلى النخلة فقال: أطعمينا ممّا أودعه اللهُ فيكِ. فصارت النخلة مثمرةً مملوّةً بالرطب، فنادانا فقال: أقْبِلوا فكُلوا منها، بسم الله. فأكَلْنا فوجدناها أطيبَ طعامٍ أكلناه منذ اليوم.
وكان هناك أعرابيّ.. فأنكر عليه وقال: هذا سِحرٌ مبين! فقال عليه السّلام: نحن ورثة الأنبياء ندعو اللهَ فيُستجاب لنا، فإنْ شئتَ ندعو اللهَ فيمسَحك كلباً! فقال الأعرابيّ: سَلْ بذلك. فلمّا دعا عليه السّلام مُسِخ الأعرابيُّ كلباً، فأقبل إلى بيته.. فكان أهلُه يضربونه بالعصا، فرجع الأعرابيّ عنده عليه السّلام ويسيل الدمع مِن عينيه، فترحّم عليه السّلام، فدعا.. فأعاده اللهُ إلى صورته.
• وعن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام، قال: وكان أبو عبدالله البلخيّ معه، فانتهى إلى نخلةٍ خاويةٍ فقال: أيّتها النخلة السامعة المطيعة لربّها، أطعمينا ممّا جعل اللهُ فيكِ.
قال: فتساقط علينا رُطَبٌ مختلفٌ ألوانه، فأكَلْنا حتّى تضلّعنا، فقال البلخيّ: جُعِلتُ فداك، إليكم سُنّةٌ كسُنّة مريم عليها السّلام! فقال عليه السّلام: نعم يا أبا عبدالله.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 257 / ح 11 ، وص 254 / ح 5 ـ وعنه: إثبات الهداة للحر العامليّ 103:3 / ح 92. ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 240:4 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 76:47 ـ 77 / ح 45 و ح 46. وأورده: قطب الدين الراونديّ في الخرائج والجرائح 718:2 / ح 20، والطبري اٌلإماميّ في دلائل الإمامة 124 ).
• وعن إبراهيم بن سرحان المتطبّب، قال: حدّثنا عليّ بن أسباط، عن حكيم بن مسكين، عن إسحاق بن إسماعيل وبشر بن عمّار قالا: أتَينا أبا عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام وقد خرج بيونس من الداء الخبيث!
قال: فجلسنا بين يديه فقلنا: أصلحك الله، أُصِبْنا بمصيبة لم نُصَب بمِثْلها قطّ. قال: وما ذلك ؟ فأخبَرْناه بالقصّة، فقال ليونس: قُمْ فتطهّرْ، وصلِّ ركعتين، ثمّ احمدِ اللهَ وأثْنِ عليه، وصلِّ على محمّدٍ وأهل بيته، ثمّ قل: يا أللهُ يا ألله يا ألله، يا رحمانُ يا رحمان يا رحمان، يا رحيمُ يا رحيم يا رحيم، يا واحدُ يا واحد يا واحد، يا أحدُ يا أحد يا أحد، يا صمدُ يا صمد يا صمد، يا أرحمَ الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين، يا أقدر القادرين يا أقدر القادرين يا أقدر القادرين، يا ربَّ العالمين يا ربّ العالمين يا ربّ العالمين، يا سامعَ الدعوات، يا مُنزِلَ البركات، يا معطيَ الخيرات، صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وأعطِني خيرَ الدنيا وخيرَ الآخرة، واصرفْ عنّي شرَّ الدنيا وشرَّ الآخرة، وأذهِبْ ما بي فقد غاضني الأمر وأحزنني.
قال: ففعلتُ ما أمرني به الصادق عليه السّلام، فوَ اللهِ ما خرَجْنا من المدينة حتّى تناثر عنّي مِثْل النُّخالة.
( طبّ الأئمّة عليهم السّلام للحسين بن بسطام 103 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 79:95 / ح 2. وأورده: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 232:4 مختصراً ـ وعنه بحار الأنوار 133:47 / ح 182 ).
• وحدّث عمر بن عبدالعزيز ( الراوي ) عن داود الرِّقّي قال: كنتُ عند أبي عبدالله الصادق عليه السّلام فدخَلَتْ عليه حبّابة الوالبيّة، وكانت خيّرة، فسألَتْه عن مسائلَ في الحلال والحرام، فتعجّبنا مِن حسن تلك المسائل إذْ قال لنا: ما رأيتُ سائلاً أحسنَ مِن حبّابةَ الوالبيّة! فقلنا: جُعِلنا فداك، لقد وقّرتَ ذلك في عيوننا وقلوبنا.
قال: فسالت دموعها، فقال لها الصادق عليه السّلام: ما لي أرى عينيك قد سالتا ؟! قالت: يا ابنَ رسول الله، داءٌ قد ظهر بي من الأدواء الخبيثة.. وإنّ قرابتي وأهل بيتي يقولون قد أصابتها الخبيثة، ولو كان صاحبها كما قالت مفروضَ الطاعة لَدعا لها، وكان الله تعالى يُذهِب عنها! وأنا ـ واللهِ ـ سُرِرتُ بذلك، وعلمتُ أنّه تمحيص وكفّارات، وأنّه داء الصالحين. فقال لها الصادق عليه السّلام: وقد قالوا أصابَتْكِ الخبيثة ؟! قالت: نعم يا ابنَ رسول الله.
فحرّك الصادق عليه السّلام شفتَيه بشيءٍ ما أدري أيَّ دعاءٍ كان، فقال: ادخلي دار النساء حتّى تنظري إلى جسدك. قال: فدخلت.. ثمّ قامت، فلم يبقَ في جسدها شيء. فقال عليه السّلام: اذهبي الآنَ إليهم وقولي لهم: هذا الذي يُتقَرَّب إلى الله تعالى بإمامته.
( طبّ الأئمّة للحسين بن بسطام 103 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 121:47 / ح 169 ).
• وعن معاوية بن وهب قال: صدع ابنٌ لرجلٍ مِن أهل « مَرْو »، فشكا ذلك إلى أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام، فقال له: أدنِه منّي. قال: فمسح على رأسه ثمّ قرأ: إنّ اللهَ يُمسِك السماواتِ والأرضَ أن تَزولا ولَئِنْ زالتا إنْ أمسَكَهُما مِن أحدٍ مِن بَعْدِه.. ( سورة فاطر:41 ).. فبرئ بإذن الله تعالى.
( مناقب آل طالب لابن شهرآشوب 232:4 ـ عنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 134:47 و 57:95 / ح 26. وأمالي الطوسي 284:2 ـ عنه: بحار الأنوار 51:95 / ح 5 ).
• وقال أبو هارون المكفوف: خرجتُ أريده ( الصادقَ عليه السّلام )، فلِقيني بعض أعدائه فقال لي: أعمى يسعى إلى أعمى! فمصيرُكم إلى النار يا سَحَرة، يا كَفَرة!
قال: فدخلتُ على أبي عبدالله عليه السّلام حزيناً باكياً وعرّفتُه بما جرى، فاسترجع إلى الله وقال: يا أبا هارون، لا يَحْزُنْك ما قاله عدوُّنا لك، فوَاللهِ ما اجترى إلاّ علّى الله، وقد نزل فيه في هذا الوقت عقوبةٌ أبدَت ناظرَيهِ مِن عينيه، وجعَلَك ـ وإن كنتَ ضريراً ـ بصيراً، وإنّ علامة ذلك أنْ خُذْ هذا الكتابَ وآقرأْه.
قال أبو هارون: ففضضتُ الكتابَ فرأيته وقرأته مِن أوّل حرفٍ منه، فقال: يا أبا هارون، لا تنظرْ في أمرٍ يَهمُّك إلاّ رأيتَه، ولا تُحجَبْ بعد يومك هذا إلاّ عمّا لا يهمّك. قال أبو هارون: فصرفتُ قائدي ( الذي كان يقوده بسبب عَماه ) من الباب وجئتُ إلى منزلي أنظر طريقي، وقرأتُ سكك الدراهم والدنانير، ونقشَ الفصوص وتزويق السقوف، ولم أُحجَبْ إلاّ عمّا لا يعنيني، وسألتُ عن الرجل ( الذي عيّره ) فوجدتُه لم يبلغْ إلى منزله حتّى بدر ناظره مِن عينيه، وافتقر ـ وكان ذا مال عريض ـ فسار يسأل الناسَ على الطريق ويقول: لا تُعيِّرْ فتُبتلى.
( الهداية الكبرى للحضينيّ ص 54 ـ من المخطوطة ).
• وعن أبي بصير قال: لمستُ جَسَدَ أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام ومناكبه، فقال لي: يا أبا محمّد، تُحبّ أن تراني ؟! فقلت: نعم جُعِلتُ فداك. فمسح يده على عينيّ فإذا أنا بصيرٌ أنظر إليه، فقال: يا أبا محمّد، لولا شهرة الناس لتركتُك بصيراً على حالتك، ولكن لا يستقيم.
قال أبو بصير: فمسح يدَه على عيني فإذا أنا كما كنت! ( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 134.. وفي رواية أخرى: قال أبو بصير: قال لي أبو عبدالله عليه السّلام: تريد أن تنظر بعينك إلى السماء ؟! قال: فمسح يده على عيني فنظرتُ إلى السماء ).
• وفي التعريف بحيى بن القاسم الأسديّ، أنّه وُلد مكفوفاً ورأى الدنيا مرّتين.. مسح أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام على عينيه وقال: انظرْ ماذا ترى ؟! قال: أرى كوّةً في البيت، وقد أرانيها أبوك مِن قَبْل!
( رجال العلاّمة الحليّ لعلي بن أحمد العقيقيّ ص 264 / ذيل الرقم 3 ).
• وعن هشام بن محمّد بن السائب بن بِشْر بن زيد قال: اعتللتُ علّةً عظيمة فنَسِيتُ علمي، فجلستُ إلى جعفر بن محمّد عليه السّلام، فسقاني العلمَ في كأس، فعاد إليّ علمي.
( رجال النجاشيّ 434/ الرقم 1166 ).
• روى الراونديّ قال: عن بعض أصحابنا قال: حملتُ مالاً إلى أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فاستكثرتُه في نفسي، فلمّا دخلتُ عليه دعا بغلامٍ وإذا طشتٌ في آخر الدار، فأمره أن يأتيَ به، ثمّ تكلّم بكلامٍ لمّا أُتي بالطشت فانحدرت الدنانير من الطشت حتّى حالت بيني وبين الغلام، ثمّ التفتَ إليّ وقال: أترى نحتاج إلى ما في أيديكم ؟! إنّما نأخذ منكم ما نأخذ لنطهرَّكم به.
( الخرائج والجرائح لقطب الدين الراونديّ 614:2 / ح 12 ـ عنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 117:3 / ح 141، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 101:47 / ح 122. وأورده ابن حمزة في الثاقب في المناقب ص 157 / ح 7 ـ عن بعض الأصحاب ).
• وعن المفضَّل بن عمر قال: وجّه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد ـ وهو واليه على الحرمَين ـ أن أحرق على جعفر بن محمّد ( عليهما السّلام )! داره، فألقى النار في دار أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام، فأخذت النارُ في الباب والدهليز، فخرج أبو عبدالله عليه السّلام يتخطَّى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابنُ أعراق الثرى، أنا ابنُ إبراهيمَ خليلِ الله عليه السّلام!
( الكافي للكليني 473:1 / ح 2 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 78:3 / ح 6، وحلية الأبرار للسيّد هاشم البحراني 71:4 / ح 1. ورواه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 236:4 ـ وعنه: بحار الأنوار 136:47 / ذيل ح 186، وابن حمزة في الثاقب في المناقب 137 ).
• وكتب العالم السنّي محمّد مبين الهندي في ( وسيلة النجاة ص 357 ـ طبعة كلشن فيض بلَكْهَنُو ): رُوي أنّ جماعة حضروا عنده ( الإمام الصادق ) عليه السّلام، فسألوه عن الطيور التي أحياها اللهُ لإبراهيم عليه السّلام، فنادى ( الإمام الصادق عليه السّلام ) عدّةً من الطيور، ثمّ أمرهم بذبحها فذبحوها وقطّعوا أعظاءها، ثمّ نادى الطيورَ فأحياها اللهُ تعالى بدعائه.
( وقريبٌ منه: الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 297:1 / ح 4 ـ وعنه: كشف الغمة للاربلي 200:2، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 114:3 / ح 135، وبحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 111:47/ ح 148. ورواه ابن حمزة في الثاقب في المناقب 139 / ح 3 ).
• وعن جميل بن درّاج قال: كنتُ عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فدخلَتْ عليه امرأة وذكرتْ أنّها تركت ابنَها على وجهه ميّتاً، فقال لها: لعلّه لم يمت، قومي واذهبي إلى بيتكِ، واغتسلي وصلّي ركعتين وادعي اللهَ تعالى وقولي: يا مَن وهَبَه لي ولم يكن شيئاً، جدّدْ لي هبتَك.. ثمّ حرّكيه، ولا تُخبري أحداً بذلك.
ففعلت ذلك.. ثمّ جاءت فحرّكْتْه، فإذا هو قد بكى!
( الثاقب في المناقب لابن حمزة 395 / ح 1. ورواه أيضاً: الصفّار القمّي في بصائر الدرجات 272 / ح 1 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 79:47 / 61 وعن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 239:4، والكليني في الكافي 479:3 / ح 11. وأخرجه الشيخ المجلسيّ في البحار 347:91 / ح 9، والراوندي في دعواته 69/ح 166، والحرّ العامليّ في وسائل الشيعة 263:5 / ح 2، وفي إثبات الهداة 81:3 / ح 13 ـ عن الكافي، والطبري الإمامي في دلائل الإمامة 131 ).
• وعن داو بن كثير الرقّي قال: حجّ رجلٌ من أصحابنا، فدخل على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فقال له: فداك أبي وأُمّي، إنّ أهلي تُوفّيت وبقيتُ وحيداً! فقال أبو عبدالله عليه السّلام له: أفكنتَ تُحبُّها ؟! قال: نعم. قال: ارجعْ إلى منزلك؛ فإنّك سترجع إلى المنزل وترجع وهي جالسه بإذن الله.
قال: فلمّا رجعتُ من حِجّتي دخلت المنزلَ فوجدتُها قاعدةً تأكل وبين يدَيها طبقٌ عليه تمرٌ وزبيب!
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 239:4، والثاقب في المناقب لابن حمزة 396 / ح 3، وبصائر الدرجات للصفّار القمّي 274/ح 5 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 104:3 / ح 94، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 80:47 / ح 64 و 65 ).
• وعن محمّد بن هارون بن موسى، عن أبيه قال: حدّثنا محمّد بن همام قال: حدّثني أحمد بن الحسين عن أبيه، عن بعض رجاله، عن محمّد بن سفيان عمّن حدّثه، عن جابر بن يزيد الجعفيّ قال:
كنتُ مع أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام جالساً، إذْ دخل عليه رجلٌ من أهل خراسان فقال له: جُعلتُ فداك، إنّي قدمتُ أنا وأُمّي قاضيينِ لحقّك، وإنّ أمّي ماتت دونك. قال عليه السّلام: اذهب فأْتِ بأُمّك.
قال جابر: فما رأيتُ أشدَّ تسليماً منه، ما ردّ على أبي عبدالله عليه السّلام حتّى مضى فجاء بأُمّه، فلمّا رأتْ أبا عبدالله عليه السّلام قالت: هذا الذي أمَرَ مَلَكَ الموت بتركي. ثمّ قالت: يا سيّدي أوصِني.
قال: عليكِ بالبرّ بالمؤمنين؛ فإنّ الإنسان يكون عمره ثلاثين سنةً فيكون بارّاً فيجعله ثلاثاً وستّين سنة، وإنّ الإنسان يكون عمره ثلاثاً وستّين سنة فيكون غيرَ بارٍّ فيبتر اللهُ عمره فيجعلها ثلاثين!
( دلائل الإمامة للطبريّ الإماميّ 125 ).
• وحدّث داود الرقيّ قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السّلام إذ دخل عليه شابٌّ يبكي وقال: إنّي نذرتُ أن أحجّ بأهلي، فلمّا دخلتُ المدينة ماتت. قال عليه السّلام له: إذهبْ؛ فإنّها لم تمت. قال: ماتَتْ وسجّيتُها. قال: اذهبْ فإنّها لم تمت.
فخرج ورجع ضاحكاً وقال: دخلتُ عليها وهي جالسة!
قال: يا داود، أوَ لم تُؤمن، قال: بلى، ولكنْ ليطمئنّ قلبي.
فلمّا كان يوم التروية قال لي: يا دواد، قد اشتقتُ إلى بيت ربّي. فقلت: يا سيّدي، هذه عرفات! قال: إذ صلّيتَ العشاء الآخرة فارحل لي ناقتي... فلمّا طلعت الشمس مرّ الشابّ ومعه المرأة، فقالت لزوجها: هذا الذي شفّع إلى الله في إحيائي.
( الثاقب في المناقب لابن حمزة 162 / ح 13، والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 629:2 / ح 29 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ 104:47 / ح 129 ).
• وقال المفضّل بن عمر: كنتُ أمشي مع أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهما السّلام بمكّة إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميّتة، وهي مع صبيّةٍ لها تبكيان، فقال عليه السّلام لها: ما شأنُكِ ؟ قالت: كنتُ أنا وصبياني نعيش من هذه البقرة.. وقد ماتت، لقد تحيّرتُ في أمري! قال: أفتحبّين أن يُحيَيها اللهُ لكِ ؟ قالت: أوَ تسخر منّي ومن صِبْيتي ؟!
قال: كلاّ، ما أردتُ ذلك.
ثمّ دعا بدعاءٍ، ثمّ ركضَها ( أي حرّكها ) برجله وصاح بها، فقامت البقرة مسرعةً سويّة، فقالت المرأة: عيسى ابن مريم وربِّ الكعبة! فدخل الصادق عليه السّلام بين الناس.. فلم تعرفه المرأة.
( الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 294:1 / ح 1 ـ وعنه: كشف الغمّة للاربلي 199:2، وبحار الأنوار للمجلسي 115:47 / ح 151. ورواه: شاذان في الفضائل 173، والروضة 43 ).
• وعن المفضّل بن عمر أيضاً: كنتُ مع أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام وهو راكب وأنا أمشي معه.. فمررنا بعبد الله بن الحسن وهو راكب، فلمّا بصر بنا شال المقرعة ليضربَ بها فَخِذَ أبي عبدالله عليه السّلام، فأومأ إليها الصادق عليه السّلام فجفّتْ يمينه والمقرعةُ فيها، فقال له: يا أبا عبدالله، بالرَّحِمِ إلاّ عفوتَ عنّي. فأومأ إليه بيده فرجعَتْ يدُه..
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 144 ـ 145 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 229:65 / ح 15 ).
الإخبار بالمغيَّبات
• قال أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام لرجل شامي: يا شاميّ، أُخبرك كيف كان سفرك ؟ وكيف كان طريقك ؟ كان كذا وكذا.. فأقبل الشاميّ يقول: صدقت، أسلمتُ الساعة. فقال أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام: بل آمنتَ بالله الساعة، إنّ الإسلامَ قبل الإيمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يُثابون. قال الشاميّ: صدقت، فأنا الساعةَ أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّك وصيُّ الأوصياء..
( الكافي للكليني 171:1 / ح 4 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 9:23 / ح 12 وعن الاحتجاج 364 ـ 367. وأورده ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 243:4، والشيخ المفيد في الإرشاد 278 ـ 280، والطبرسي في إعلام الورى 273 ـ 276، والاربليّ في كشف الغمّة 173:2، وعن الإرشاد وإعلام الورى: بحار الأنوار 203:48 / ح 7 ).
• وعن إبراهيم بن مهزم قال: خرجتُ من عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام ليلةً ممسياً، فأتيتُ منزلي بالمدينة، وكانت أُمّي معي، فوقع بيني وبينها كلام فأغلظت لها.. فلمّا أن كان من الغد صلّيت الغداةَ وأتيتُ أبا عبدالله عليه السّلام، فلمّا دخلتُ عليه قال لي مبتدئاً: يا ابن مهزم! ما لك وللوالدة أغلظتَ لها البارحة ؟! أما علمتَ أنّ بطنها منزل قد سكَنْتَه، وأنّ حِجرها مهد قد غمرته، وثديها وعاء قد شربتَه ؟! قال: قلت: بلى، قال: فلا تُغلظْ لها.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 243 / ح 3 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 102:3 / ح 88، وبحار الأنوار 72:47 / ح 32 و ج 76:74 / ح 69. وأورده قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح 729:2 / ح 34، وابن حمزة في الثاقب في المناقب 410/ ح 8، والطبريّ الإمامي في دلائل الإمامة 116، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 221:4 ).
• وعن محمّد بن الحسين، عن حرب الطحّان قال: أخبرني أحمد ـ وكان من أصحاب أبي الجارود ـ، عن الحارث بن حضيرة الأسدي الأزدي قال:
قَدِم رجلٌ من أهل الكوفة إلى خراسان، فدعا الناسَ إلى ولاية جعفر بن محمّد عليه السّلام. قال: ففرقةٌ أطاعت وأجابت، وفرقة حَجَدتْ وأنكرت، وفرقة ورعت ووقفت. قال: فخرج من كلّ فرقة رجل، فدخلوا على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام.
قال: فكان المتكلّم منهم الذي ورعَ وتوقّف، وقد كان مع بعض القوم جاريةٌ فخلا بها الرجل ووقع فيها، فلمّا دخل على أبي عبدالله عليه السّلام كان هو المتكلّم، فقال له: أصلحك الله، قَدِم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك، فأجاب قوم وأنكر قوم وورع قوم فوقفوا!
فسأله عليه السّلام: فَمِن أيّ الثلاث أنت ؟! قال: أنا مِن الفرقة التي ورعت ووقفت، قال: فأين ورعك ليلة ( نهر بَلَخ ) يوم كذا وكذا ؟! فارتاب الرجل! ( بصائر الدرجات 244 / ح 5 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 103:3 / ح 89، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 72:47 / ح 33. وأورده قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح 723:2 / ح 27 ـ باختلاف يسيرـ، وكذا الطبري الإمامي في دلائل الإمامة.. وفي آخره: فقال أبو عبدالله عليه السّلام له: أين كان ورعك يوم كذا وكذا مع الجارية ؟! فارتاب الرجل وسكت! ).
• وعن هارون بن رئاب قال: كان لي أخ جارودي، فدخل على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فقال لي: ما فعَلَ أخوك الجاروديّ ؟ قلت: صالح، هو مَرْضيّ عند القاضي وعند الجيران في كلّ الحالات، غير أنّه لا يُقرّ بولايتكم. قال: ما يمنعه من ذلك ؟ قلت: يزعم أنّه يتورّع! فقال: أين كان ورعُه ليلةَ نهر بَلَخ ؟!
فقدمتُ على أخي فقلت له: ثكلتك أمُّك، دخلتُ على أبي عبدالله عليه السّلام وسألني عنك، فأخبرته أنّك مَرْضيّ عند الجيران وعند القاضي في الحالات كلّها غيرَ أنّه لا يقرّ بولايتكم، فقال: ما يمنعه من ذلك، فقلت: يزعم أنّه يتورّع، فقال: أين كان ورعه ليلةَ نهر بلخ ؟!
فقال: أخبرك أبو عبدالله بهذا ؟! قلت: نعم. قال: أشهد أنّه حجّة ربِّ العالمين! قلت: أخبِرْني عن قصّتك. قال: أقبلتُ مِن وراء نهر بلخ فصَحِبني رجلٌ معه وصيفة فارهة الجمال، فلمّا كنّا على النهر قال لي: إمّا أن تقتبس لنا ناراً فأحفظ عليك، وإما أن أقتبس ناراً وتحفَظَ علَيّ، قلتُ: اذهبْ واقتبسْ وأحفَظُ عليك.. فلمّا ذهب قمتُ إلى الوصيفة، وكان منّي إليها ما كان! واللهِ ما أفشَتْ ولا أفشَيتُ لأحد، ولم يعلم بذلك إلاّ الله.
فدخله رعب.. فخرجتُ من السنة الثانية وهو معي، فأدخلتُه على أبي عبدالله عليه السّلام فذكرتُ الحديث ( أي الذي دار بينه وبين أخيه )، فما خرج مِن عنده حتّى قال بإمامته.
( الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 617:2 / ح 17 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 156:47 / ح 220. وروى قريباً منه: الصفّار القمّي في بصائر الدرجات 249 / ح 16 ـ وعنه: بحار الأنوار 75:47 / ح 43. وفي إثبات الهداة للحرّ العاملي مختصراً 106:3 / ح 100. وقريباً منه أيضاً ما رواه: الطبريّ الإمامي في دلائل الإمامة 120، وقطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح 610:2 / ح 5 ـ وعنه: وسائل الشيعة للحرّ العاملي 573:14 / ح 2، وبحار الأنوار 97:47 / ح 111 ).
• وعن أبي بصير قال: دخلتُ على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام وأنا أريد أن يُعطيَني دلالةً مثل ما أعطاني أبو جعفر ( الباقر ) عليه السّلام، فلمّا دخلتُ عليه قال:
يا أبا محمّد، ما كان لك فيما كنتَ فيه شغل، تدخلُ على إمامك وأنت جُنُب! قلت: جُعلتُ فداك، ما فعلتُ إلاّ على عَمْد. قال: أوَ لم تُؤمن ؟! قلتُ: بلى، ولكنْ ليطمئنّ قلبي. قال: قم يا أبا محمّد فاغتسل.
فاغتسلتُ وعُدتُ إلى مجلسي، فعلمتُ عند ذلك أنّه الإمام.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 123. وأخرجه الحرّ العامليّ في وسائل الشيعة 490:1 / ح 3 عن كشف الغمّة للإربلي 188:2. وكذا: الصفّار القمّي في بصائر الدرجات 241 / ح 23 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 101:3 / ح 82، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي 336:47 / ح 8 و ج 62:81 / ح 38، ووسائل الشيعة 489:1 / ح 1 ـ عن قرب الإسناد للحميري 43 / ح 140. ورواه الطبريّ الإمامي في دلائل الإمامة مرّة أخرى ص 137.. وفي آخره: فقال عليه السّلام لأبي بصير: ألا تعلم أنّه لا ينبغي للجُنب أن يدخل بيوت الأوصياء ؟! فرجع أبو بصير. وقريب منه في إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي 521:1، والإرشاد للشيخ المفيد 185:2، وروضة الواعظين للفتّال النيسابوري 209، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 226:4، وكشف الغمّة 169:2.. أنّ الإمام الصادق عليه السّلام قال: يا أبا بصير، أما علمتَ أنّ بيوت الأنبياء وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنُب ؟! قال: فاستحييتُ وقلت: يا ابنَ رسول الله، إني لقيتُ أصحابنا فخفتُ أن يفوتني الدخولُ معهم، ولن أعودَ إلى مثلها.. وخرجتُ ).
• وعن حنّان بن سدير قال: سمعتُ أبي « سديرَ » الصيرفي يقول: رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله فيما يرى النائم وبين يديه طبقٌ مغطّى بمنديل، فدنوتُ منه وسلّمتُ عليه، فردّ السلام ثمّ كشف المنديل عن الطبق.. فإذا فيه رُطَب، فجعل يأكل منه، فدنوتُ منه فقلت: يا رسول الله، ناوِلْني رطبة. فناوَلَني واحدةً فأكلتُها، ثمّ قلت: يا رسول الله، ناوِلْني أخرى. فناوَلَنيها فأكلتُها، وجعلتُ كلّما أكلتُ واحدةً سألتُه أخرى، حتّى أعطاني ثمان رطبات، فأكلتُها ثمّ طلبتُ منه أخرى، فقال لي: حَسْبُك!
قال: فانتبهتُ من منامي، فلمّا كان من الغد دخلتُ على جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام وبين يديه طبقٌ مغطّى بمنديل كأنّه الذي رأيته في المنام بين يَدَي رسول الله صلّى الله عليه وآله، فسلّمتُ عليه فردّ علَيّ السّلام، ثمّ كشف عن الطبق فإذا فيه رُطَب، فجعل يأكل منه، فعجبتُ لذلك وقلت: جُعلتُ فداك، ناولني رُطبة. فناوَلَني فأكلتها، ثمّ طلبتُ أخرى فناولني فأكلتها، وطلبتُ أخرى.. حتّى أكلتُ ثمان رطبات، ثمّ طلبتُ منه أخرى فقال لي: لو زادك جدّي رسولُ الله صلّى الله عليه وآله لَزِدناك. فأخبرته الخبر، فتبسّم تبسُّمَ عارفٍ بما كان.
( أمالي الطوسي 113:1 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 241:61 / ح 9، وفي ج 63:47 / ح 2 ـ عنه وعن أمالي الشيخ المفيد 335 / ح 6 ).
• وقال سماعة بن مهران: دخلتُ على الصادق عليه السّلام فقال لي مبتدئاً: يا سماعة، ما هذا الذي بينك وبين جَمّالك في الطريق ؟! إيّاك أن تكون فاحشاً أو صيّاحاً. قال: والله لقد كان ذلك لأنّه ظلمني. فنهاني عن مِثْل ذلك.
( مناقب أبي طالب لابن شهرآشوب 224:4 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 128:47 / ح 175 ).
• وقال عمّار السجستاني: كان عبدالله النجاشيّ منقطعاً إلى عبدالله بن الحسن يقول بالزيدية، فقضى أنّي خرجتُ وهو إلى مكّة، فذهب هذا إلى عبدالله بن الحسن وجئتُ أنا إلى عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام.
فلَقِيَني ( النجاشيُّ ) بعدُ فقال: استأذنْ لي على صاحبك. فقلت لأبي عبدالله عليه السّلام أنّه يسألني الإذنَ له عليك، فقال: إئذَنْ له. فدخل عليه فسأله، فقال له أبو عبدالله عليه السّلام: ما دعاك إلى ما صنعتَ ؟! تذكر يومَ كذا، يوم مررتَ على بابِ قومٍ فسال عليك ميزابٌ من الدار، فسألتَهم فقالوا: إنّه قَذَر! فطرحتَ نفسَك في النهر مع ثيابك وعليك مصبغة، فاجتمعوا عليك الصبيانُ يُضحكونك ويضحكون منك.
قال عمّار السجستاني: فالتفتَ الرجلُ إليّ فقال: ما دعاك أن تُخبِر بخبري أبا عبدالله ؟ قلت: لا واللهِ ما أخبرتُه، هو ذا قُدّامي يسمع كلامي. قال: فلمّا خرجنا قال لي: يا عمّار، هذا صاحبي دونَ غيره.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 243 / ح 3 ـ الباب 11 من ج 5 ).
• وعن شهاب بن عبدربّه قال: أتيتُ أبا عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام أسأله، فابتدأني فقال لي: إن شئتَ فاسألْ يا شهاب، وإن شئتَ أخبرناك بما جئتَ به. فقلت: أخبِرْني ـ جُعلت فداك ـ، قال:
جئتَ تسأل عن الجُنب يغرف الماء من الحِبّ بالكوز فيصيب يده الماء ؟ قلت: نعم، قال: ليس به بأس. قال: وإن شئتَ سل، وإن شئتَ أخبرتُك. قلت له: أخبرْني، قال: جئتَ تسأل عن الجُنب يسهو فيغمر يده في الماء قبل أن يغسلها ؟ قلت: وذاك ـ جُعلتُ فداك ـ، قال: إذا لم يكن أصاب يدَه شيء فلا بأس بذاك.. سَلْ وإنْ شئتَ أخبرتُك، قلت: أخبرْني، قال: جئتَ لتسألني عن الجنب يغتسل فيقطر الماء مِن جسمه في الإناء، أو ينتضح الماء من الأرض فيقع في الإناء ؟ قلت: نعم ـ جُعلتُ فداك ـ، قال: ليس به بأسٌ كلُّه.. سَلْ، وإن شئتَ أخبرتُك، قلت: أخبِرْني، قال: جئتَ لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة، أتوضّأ منه أو لا ؟ قال: نعم، توضأْ من الجانب الآخر إلاّ أن يغلب على الماء الريح فينتن.. وجئتَ تسألني عن الماء الراكد من البئر، فما لم يكن فيه تغيّر أو ريح غالبة، قلت: فما التغيّر ؟ قال: الصفرة، فتوضأْ منه، وكلُّ ما غلبَ عليه كثرة الماء فهو طاهر.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 238 / ح 13 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 16:80 / ح 4، ووسائل الشيعة للحرّ العامليّ 529:1 / ح 2 وص 119 / ح 11. وأورده ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 219:4 ـ باختلاف ـ وعنه: بحار الأنوار 69:47 / ح 18 و 19، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 100:3 / ح 76. كما أورده مختصراً: الطبريّ الإمامي في دلائل الإمامة 133 ).
• وعن زياد بن أبي الحلاّل قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد ( الجُعفيّ ) وفي أحاديثه وأعاجيبه.. فدخلتُ على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام وأنا أريد أن أسأله عنه، فابتدأني مِن غير أن أسأله: رَحِم اللهُ جابرَ بن يزيد الجعفيّ فإنّه كان يصدق علينا، ولعن اللهُ المُغيرة بن سعيد ( وفي رواية: ابن شعبة ) فإنّه كان يكذب علينا.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 133، وبصائر الدرجات 238 / ح 12 ـ وعنه: بحار الأنوار 327:46 / ح 6 و ج 69:47 / ح 20. وعن الدلائل: إثبات الهداة 100:3 / ح 77. وأورده مختصراً: الاربليّ في كشف الغمّة 194:2، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 219:4 ).
• وقال: عبدالجبّار بن كثير التميمي اليماني: سمعتُ محمّدَ بن حرب الهلالي أمير المدينة يقول: سألتُ جعفر بن محمّد عليه السّلام فقلت له: يا ابنَ رسول الله، في نفسي مسألة أُريد أن أسألك عنها، فقال: إنْ شئتَ أخبرتُك بمسألتك قبل أن تسألني، وإن شئتَ فسَلْ. قلتُ له: يا ابنَ رسول الله، وبأيّ شيءٍ تعرف ما في نفسي قبل سؤالي ؟ قال: بالتوسّم والتفرّس، أما سمعتَ قول الله عزّوجلّ: « إنّ في ذلك لآياتِ للمتوسِّمين »، وقولَ رسول الله صلّى الله عليه وآله: اتّقُوا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور الله عزّوجل ؟!..
( علل الشرائع للشيخ الصدوق 173 / ح 1، معاني الأخبار للشيخ الصدوق 350 / ح 1 ـ عنهما: بحار الأنوار 79:38 / ح 2 ).
• وروى عبدالرحمان بن سالم عن أبي، قال: لمّا قدم أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام إلى أبي جعفر ( أي المنصور ) قال أبو حنيفة لنفرٍ من أصحابه: انطلقوا بنا إلى إمام الرافضة نسأله عن أشياءَ نحيّره فيها.
فانطلقوا.. فلمّا دخلوا عليه نظر أبو عبدالله عليه السّلام إلى أبي حنيفة وقال له: أسألك بالله يا نعمان لمّا صدَقْتَني عن شيءٍ أسألك عنه، هل قلتَ لأصحابك: مُرّوا بنا إلى إمام الرافضة فنحيّرَه ؟! فقال أبو حنيفة: قد كان ذلك، قال: فاسألْ ما شئت!
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 226:4 ).
• وعن عمر بن يزيد قال: كنتُ عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام وهُوَ وَجِع، فولاّني ظَهَره ووجهُه إلى الحائط، فقلت في نفسي: ما أدري ما يصيبه في مرضه، وما سألتُه عن الإمام بعده.. وأنا أُفكّر في ذلك إذْ حوّل وجهه إليّ فقال: إنّ الأمر ليس كما تظنّ، ليس علَيّ مِن وجعي هذا بأس.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي 239 / ح 14 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 70:47 / ح 21، وإثبات الهداة للحرّ العاملي 100:3 / ح 77. وأورده مختصراً: الإربلي في كشف الغمّة 194:2، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 219:4 ).
• وعن مالك الجهني قال: كنتُ بين يدَي أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام، فوضعت يدي على خدّي وقلت ( أي في نفسه ): لقد عظّمك الله وشرّفك! فقال: يا مالك، الأمر أعظم ممّا تذهب إليه.
( بصائر الدرجات 240 / ح 18 ـ وعنه: بحار الأنوار 145:25 / ح 18، وإثبات الهداة 101:3 / ح 79. وأورده الطبريّ الإمامي في: دلائل الإمامة 134 ).
• وعن المفضَّل بن عمر قال: كنتُ أنا وخالد الجوّاز ( أو الجوّان ) ونجم الحطيم وسليمان بن خالد على باب الصادق عليه السّلام، فتكلّمنا فيما يتكلّم به أهلُ الغلوّ، فخرج علينا الصادق عليه السّلام بلا حذاءٍ ولا رداء وهو ينتفض ويقول: يا خالد، يا مفضّل، يا سليمان، يا نجم.. لا، بل عبادٌ مُكْرَمون * لا يَسبقونَه بالقولِ وهُم بأمره يعملون . ( سورة الأنبياء:26 ـ 27 )
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 219:4 ـ وعنه: بحار الأنوار 125:47 / 174 ).
• وعن أبي بصير قال: دخلتُ على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فقال: ما فعَلَ أبو حمزة الثُّمالي ؟ قلت: خلّفتُه صالحاً. قال: إذا رجعتَ فاقرأْه السلام، وأعلِمْه أنّه يموت في شهر كذا وفي يوم كذا. قال أبو بصير: جُعلتُ فداك، واللهِ لقد كان لكم أُنساً وكان لكم شيعة، قال: صدقتَ، ما عند الله خير له، قلت: شيعتكم معكم ؟! قال: إذا هو خاف اللهَ وراقبَ الله وتوقّى الذنوب، فإذا فعَلَ ذلك كان له درجتنا.
قال: فرجعتُ تلك السنة، فما لبث أبو حمزة إلاّ يسيراً حتّى تُوفّي.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 117 ).
• وعن سورة بن كليب قال: قال لي أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام: يا سورة، كيف حججتَ العام ؟ قلت: استقرضتُ حجّتي، والله إنّي لأعلم أنّ الله سيقضيها عنّي، وما كان أُعظم حجّتي إلاّ شوقاً إليك ـ بعد المغفرة ـ وإلى حديثك. فقال عليه السّلام: أمّا حجّتُك فقد قضاها الله مِن عندي.
ثمّ رفع مصلّى تحته فأخرج دنانير، وعدّ عشرين ديناراً وقال: هذه حجّتَك. وعدّ عشرين ديناراً وقال: هذه معونةٌ إليك تكفيك حتّى تموت. قلت: جعلتُ فداك، أخبرني أنّ أجلي قد دنا ؟! قال: يا سورة، أترضى أن تكون معنا ومع إخوانك فلانٍ وفلان ؟ قلت: نعم.
قال صندل: فما لبث إلاّ بقيّة الشهر حتّى مات.
( دلائل الإمامة 118 ).
• وروى الحسين بن أبي العلاء قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السّلام إذْ جاء مولى له يشكو زوجتَه وسوءَ خُلُقها، فقال له أبو عبدالله عليه السّلام: ائْتِني بها فأتاه بها، فقال: ما لزوجِكِ يشكوكِ ؟! فقال: فعل الله به وفعل.. ( أي دعَتْ عليه )، فقال لها أبو عبدالله عليه السّلام: أما إنّكِ إن بقيتِ على هذا لم تعيشي إلاّ ثلاثة أيّام. قالت: واللهِ لا أُبالي إلاّ أراه. وقال عليه السّلام للزوج: خذْ بيدها؛ فليس بينك وبينها أكثر من ثلاثة أيّام.
فلمّا كان اليوم الثالث دخل علينا الرجل، فقال أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام له: ما فعلَتْ زوجتُك ؟ قال: قد ـ واللهِ ـ دفنتُها الساعة، قال: ما كان حالها ؟ قال أبو عبدالله عليه السّلام: كانت متعدّيةً عليه فبتر اللهُ عُمرَها.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 129 ـ 130. وأخرجه: المجلسيّ في بحار الأنوار 97:47 / ح 112 ـ عن: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 224:4، والخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 610:2 / ح 6 ).
• وعن عليّ بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام: إنّ لنا أموالاً، ونحن نعامل الناس، وأخاف إن حدث حدث أن تُفرَّق أموالنا. فقال: اجمعْ أموالك في كلّ شهر ربيع.
فمات اسحاق في شهر ربيع.
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 243:4، وإعلام الورى للطبرسي 523:1 ـ عنهما: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 140:47/ ح 190 و ح 191، وعن رجال الكشي 408 / ح 767. ورواه الاربليّ في كشف الغمّة 197:2 ).
• وعن أبي بصير: كنتُ عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام يوماً جالساً إذْ قال لي: يا أبا محمّد، هل تعرف إمامك ؟ قلت: إي واللهِ الذي لا إله إلاّ هو، أنتَ هو. ووضعتُ يدي على ركبتَيهِ وفَخِذِه، فقال: يا أبا محمّد، ليس هذه المعرفة والإقرار بالإمام بما جعله الله له وفيه تطالبه بعلامة ودلالة. قلت له: يا سيّدي، قولك الحقّ، ولكنّي أُحبّ أن أزداد علماً ويقيناً ويطمئنّ قلبي. قال: يا أبا محمّد، ترجع إلى الكوفة ويُولَد لك ابن وتُسمّيه عيسى، ويُولَد لك ولد وتُسمّيه محمّداً، ويُولَد لك بعدهما بنتان في ثلاث سنين.. واعلمْ أن ابنَنيك عندنا في الصحيفة الجامعة الوسطى مثبّتانِ مسمّيانِ مع أسماء شيعتنا وأسماء آبائهم وأُمّهاتهم وقبائلهم وعشائرهم مصوّرين محليين وأجدادهم وأولادهم وما يلدون إلى يوم القيامة رجلاً رجلاً وامرأةً امرأة، وهي صحيفة صفراء مُدرجةٌ مخطوط بالنور لا بحبرٍ ولا مداد.
قال أبو بصير: فرحلتُ من المدينة ودخلت الكوفة، فوُلِد ـ واللهِ ـ الابنان وسميّتُ الابنَين كما قال، وكانت مواليدهم في الوقت كما قال..
( الهداية الكبرى للحضيني 53 ـ من المخطوطة، وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 139:3 / ح 122 ـ مختصراً )
• وعن عثمان بن عيسى، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال: خرجتُ إلى « قُبا » ( قرية على ميلينِ من المدينة ) لأشتريَ نخلاً.. فلقيتُه ( الصادقَ عليه السّلام ) وقد دخل المدينة، فقال: أين تريد ؟ قلت: لعلّنا نشتري نخلاً. فقال: أوَ قد أمِنتُمُ الجراد ؟! فقلت: لا واللهِ لا أشتري نخلاً. فوَاللهِ ما لبثنا إلاّ خمساً حتّى جاء من الجراد ما لم يترك في النخل حملاً.
( إعلام الورى للطبرسي 522:1، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 228:4 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 131:47 / 180 ).
• وعن مرازم: بعثني المنصور إلى المدينة، وأمرني إذا دخلتُ المدينة أن أفضّ الكتاب الذي دفعه إليّ وأعمل بما فيه.. فما شعرتُ إلاّ بركبٍ قد طلعوا علَيّ حين قربتُ من المدينة، وإذا رجلٌ قد صار إلى جانبي فقال: يا مرازم! إتّقِ اللهَ ولا تشرك في دم آل محمّد صلّى الله عليه وآله. فأنكرت ذلك، فقال لي: دعاك صاحبك نصفَ الليل، وخاط رقعةً في جانب قبائك، وأمرك إن صرتَ إلى المدينة تفضّها وتعمل ما فيها.
قال مرازم: فرميت بنفسي من المحمل وقبّلتُ رجليهِ وقلت: ظننتُ أن ذلك صاحبي، وأنت سيّدي وصاحبي، فما أصنع ؟ قال: ارجعْ إليه واذهب بين يديه وتعال؛ إنّخ رجلٌ نَسّاء، وقد أُنسي ذلك فليس يسألك عنه.
قال: فرجعت إليه فلم يسألني عن شيء، قلت: صدق مولاي عليه السّلام.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 129 ).
• وعن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن الأشعث قال: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ( أي أمر ولاية أهل البيت عليهم السّلام ) ومعرفتنا به ؟ وما كان عندنا منه خبرٌ ولا ذِكْر ولا معرفةُ شيء ممّا عند الناس، قلت: وكيف كان ذلك ؟ قال: إنّ أبا جعفر المنصور قال لأبي محمّد بن الأشعث: ابغني رجلاً له عقلٌ يؤدّي عنّي، قال له: قد أصبتُ لك هذا فلانَ بن مهاجر خالي، قال: فأتِني به، فأتاه بخاله، فقال له أبو جعفر: يا ابن مهاجر، خذْ هذا المال ( وأعطاه ألوفاً ما شاء الله )، ثمّ قال: ائتِ المدينة إلى عبدالله الحسن وعدّةٍ من أهل بيته فيهم جعفر بن محمّد، فقل لهم: إنّي رجلٌ غريب من أهل خراسان، وبها شيعة من شيعتكم وقد وجّهوا إليكم بهذا المال، فادفعْ إلى كلّ واحدٍ منهم على هذا الشرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إنّي رسول، وأُحبّ أن يكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتُم منّي.
فأخذ المال وأتى المدينة ثمّ رجع إلى أبي جعفر المنصور فدخل عليه وعنده محمّد بن الأشعث، فقال له أبو جعفر: ما وراءك ؟! قال: أتيتُ القوم وهذه خطوطهم بقبضِهمُ المال خلا جعفرَ بن محمّد؛ فإنّي أتيتُه وهو يصلّي في مسجد الرسول، فجلستُ خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرتُ لأصحابه، فعجّل وانصرف، والتفتَ إليّ فقال لي: يا هذا اتّقِ الله ولا تغررْ أهلَ بيت محمّد صلّى الله عليه وآله، وقل لصاحبك: اتّقِ اللهَ ولا تغررْ أهلَ بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله؛ فإنّهم قريبو عهدٍ بدولة بني مروان، وكلّهم محتاج. قلت: وما ذاك ـ أصلحك الله ـ ؟! فقال: أُدنُ مني. فدنوتُ منه، فأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتّى كأنّه كان ثالثَنا!
فقال المنصور: يا ابن مهاجر، اعلمْ أنّه من أهل بيت النبوّة إلاّ وفيهم محدَّث، وإنّ جعفر بن محمّد محدَّثُنا اليوم.
قال جعفر بن محمّد بن الأشعث: وكانت هذه الدلالة، حتّى قلنا بهذه المقال.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 123، والكافي للكليني 475:1 / ح 6، وبصائر الدرجات للصفّار القمّي 245 / ح 7، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 220:4، والثاقب في المناقب لابن حمزة 406/ح 5 ـ وأخرجه: المجلسيُّ في بحار الأنوار 74:47 / ح 39 ـ 42، والراوندي في الخرائج والجرائح 720:2 / ح 25، والحرّ العاملي في إثبات الهداة 80:3 / ح 11 ).
• وعن شعيب العقرقوفي قال: دخلت أنا وعليّ بن أبي حمزة وأبو بصير ـ ومعي ثلاثمائة دينار ـ على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فصببتُها بين يديه، فقبض منها لنفسه وقال: يا شعيب، خُذِ الباقي؛ فإنّه مئةُ دينار فاردُدْها إلى موضعها الذي أخذتَها منه، فقَبِلنا منك ما هو لك، ورددنا المئةَ إلى صاحبها.
قال شعيب: فخرجنا مِن عنده جميعاً، فقال أبو بصير: يا شعيب، ما حال هذه الدنانير التي ردّها أبوعبدالله عليه السّلام ؟ قلت: أخذتُها من أخي عرفة سرّاً منه، وهو لا يعلم. قال أبو بصير: يا شعيب، هذه ـ واللهِ ـ علامة الأئمّة عليهم السّلام.
ثمّ قال أبو بصير وعليّ بن أبي حمزة لي: يا شعيب، زِنِ الدنانير وعُدَّها للنظر كم هي. فعددتُها ووزنّاها.. فإذا هي مئةُ دينار، لا تنقص شيئاً ولا تزيد.
( الهداية الكبرى للحضيني 53 ـ من المخطوطة ).
• وعن أبي بصير قال:جرى ذِكْر المعلّى بن خُنَيس، فقال أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام: يا أبا محمّد، اكتمْ علَيّ ما أقول لك في المعلّى، قلت: أفعل. فقال: أما إنّه ما كان ينال ( أي المعلّى ) درجتنَا إلاّ بما ينال منه داودُ بن عليّ! قلت: وما الذي يصيبه من داود ؟! قال: يدعو به فيأمر به فيَضرب عنقَه ويصلبه، قلت: إنا لله وإنّا إليه راجعون، قال: ذاك قابل.
قال: فلما كان قابل ( أي العام الآخر )، وَليَ داودُ المدينة فقصد وقتل المعلّى، فدعاه فسأله عن شيعة أبي عبدالله عليه السّلام وأن يكتبهم له، فقال: ما أعرف مِن أصحابه أحداً، وإنّما أنا رجلٌ أختلف في حوائجه ولا أعرف له صاحباً، قال: تكتمُني ؟! أما إن كتمتني قتَلْتُك، فقال له المعلّى: بالقتل تهدّدني ؟! واللهِ لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم، وإن أنت قتلتني لتُسعدني وأُشقيك!
فكان كما قال أبو عبدالله عليه السّلام، لم يغادر منه قليلاً ولا كثيراً.
( رجال الكشي 380/ح 713 ـ وعنه: بحار الأنوار 109:47 / ح 144 ـ 146. وأورده: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 225:4، وقطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح 647:2 / ح 57 ـ وعنه: إثبات الهداة للحرّ العاملي 120:3 / ح 152. كما رواه: الطبري الإمامي في دلائل الإمامة 118 ).
• وفي ( الفصول المهمّة ص 211 ـ طبعة الغري ).. كتب ابن الصبّاغ المالكيّ المذهب: عن أبي حمزة الثُّمالي قال: كنتُ مع أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق بين مكّة والمدينة، فالتفتَ فإذا عن يساره كلب أسود، فقال له: ما لك قبّحك الله! ما أشدَّ مسارعتَك. فإذا هو في الهواء يشبه الطائر، فتعجّبتُ من ذلك، فقال:
هذا أعثم بريد الجنّ، مات هشام الساعةَ وهو طائرٌ ينعاه!
• وعن عروة بن موسى الجعفيّ قال: قال لنا أبو عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام يوماً ونحن نتحدّث عنده: اليومَ انفقأت عينُ هشام بن عبدالملك في قبره! قلنا: ومتى مات ؟! قال: اليوم الثالث.
فحسبنا موته وسألنا عن ذلك، فكان كذلك.
( الاختصاص للشيخ المفيد 315 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 151:26 / ح 38. ورواه أيضاً: الصفّار القمّي في بصائر الدرجات 397/ح5، والطبرسي في إعلام الورى بأعلام الهدى 522:1، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب 226:4. وعنه: بحار الأنوار 151:47 / ذيل ح 207 ).
• وروى صاحب كتاب ( نوادر الحكمة ) عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي محمد الحِمْيري، عن الوليد بن العلاء بن سيّابة، عن زكّار بن أبي زكّار الواسطيّ قال:
كنتُ عند أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام إذْ أقبل رجل.. فسلّم ثمّ قبّل رأسَ أبي عبدالله عليه السّلام، فمسّ أبو عبدالله عليه السّلام ثيابه وقال: ما رأيتُ ـ كاليوم ـ ثياباً أشدَّ بياضاً ولا أحسنَ منها! فقال: جُعِلتُ فداك، هذه ثياب بلادنا، وجئتك منها بخيرٍ مِن هذه، فقل: يا معتَّب، اقبضْها منه.
ثمّ خرج الرجل.. فقال أبو عبدالله عليه السّلام: صدَقَ الوصف وقربَ الوقت!
هذا صاحب الرايات السُّود الذي يأتي بها من خراسان. ثمّ قال: يا معتَّب، إلْحَقْه فسَلْه ما اسمه، ثمّ قال لي: إن كان عبدَالرحمان فهوَ ـ والله ـ هو. فرجع معتب فقال: قال: اسمي عبدالرحمان.
قال زكّار بن أبي زكّار: فمكث زماناً.. فلمّا وَلِيَ وُلْدُ العبّاس نظرتُ إليه هو يُعطي الجند، فقلتُ لأصحابه: مَن هذا الرجل ؟ فقالوا: هذا عبدالرحمان بن مسلم.
( إعلام الورى للطبرسي 528:1 ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي 274:47 / ح 15. وفي: إثبات الهداة للحرّ العاملي 112:3 / ح 131 ـ مختصراً. وقريب منه أورده: الطبريّ الإماميّ في دلائل الإمامة 140 ـ 141، كما أخرجه: الشيخ المجلسي في بحار الأنوار 109:47 / ح 143، والحرّ العاملي في إثبات الهداة 120:3 / ح 150 ـ عن: الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 645:2 / ح 54 ـ مختصراً ).
• وكتب الشيخ سليمان القندوزي الحنفيّ المذهب في ( ينابيع المودّة ص 332 ـ طبعة اسلامبول ) قال: ذكر أهل السِّيَر أنّ عبدالله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن السبط « رضي الله عنهم » كان شيخَ بني هاشم في زمانه، جمَعَ المحاسن الكثيرة، وهو والد محمّد الملقَّب بـ « النفس الزكيّة » ووالد إبراهيم أيضاً، فلمّا كان في أواخر دولة بني مروان وضَعِفهم.. أراد بنو هاشم أن يبايعوا منهم مَن يقوم بالأمر، فاتّفقوا على محمّد وإبراهيم ابنَي عبدالله المحض، فلمّا اجتمعوا لذلك أرسلوا إلى جعفر الصادق، فقال عبدُالله: إنّه يفسد أمركم.
فلمّا دخل جعفر الصادق سألهم عن سبب اجتماعهم، فأخبروه، فقال لعبدالله: يا ابنَ عمّي، إنّي لا أكتم خيريّةَ أحدٍ مِن هذه الأُمّة إنِ استشارني، فكيف لا أدلّ على صلاحكم! فقال عبدالله: مُدَّ يدَك لنبايَعك، قال جعفر: واللهِ إنّها ليست لي ولا لابنَيك، وإنّها لِصاحبِ القباء الأصفر، واللهِ لَيلعبَنّ بها صبيانهم وغلمانهم.
ثمّ نهض وخرج.. وكان المنصور العبّاسي يومئذٍ حاضراً وعليه قباءٌ أصفر، فكان كما قال ( جعفر الصادق عليه السّلام ).
• وكتب ابن حجر ـ وهو من مشاهير علماء أهل السنّة في كتابه المعروف ـ ( الصواعق المحرقة ص 121 ـ طبعة مصر ) قال: عند ضعف دولة بني أميّة، أراد بنو هاشم مبايعةَ محمّدٍ وأخيه، وأُرسل إلى جعفر ( الصادق ) ليبايِعَهما، فامتنع، فاتُّهِم أنّه يحسدهما، فقال: واللهِ ليستْ لي ولا لهما، إنّها لصاحب القباء الأصفر، لَيلعبنّ بها صبيانُهم وغلمانهم.
وكان المنصور العبّاسي يومئذٍ حاضراً وعليه قباءٌ أصفر، فما زالت كلمة « جعفر » تعمل فيه حتّى ملكوا.
• وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: حدّثني رجلٌ مِن أهل جسر بابل قال: كان في القرية رجلٌ يُؤذيني ويقول لي: يا رافضيّ! ويشتمني، وكان يُلقَّب بـ « قرد القرية ».. فحججتُ سنةً مِن ذلك اليوم، فدخلت على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فقال لي ابتداءً: قوفه مانا مت، قلت: جُعِلتُ فداك، متى ؟! قال: في الساعة.
فكتبتُ اليومَ والساعة، فلمّا قَدِمتُ الكوفةَ تلقّاني أخي فسألته عمّن بقيَ وعمّن مات، فقال لي: قوفه مانا مت ـ وهي بالنبطيّة: قرد القرية مات ـ، فقلت له: متى ؟ فقال لي: يوم كذا وكذا. وكان في الوقت الذي أخبرني به أبو عبدالله عليه السّلام.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي 137، والثاقب في المناقب لابن حمزة 413 / ح 14، وبصائر الدرجات للصفّار القمّي 334 / ح 7 ـ وعنه: بحار الأنوار 81:47 / ح 71. وأخرجه: الحرُّ العاملي في إثبات الهداة 121:3 / ح 157 ـ عن الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي 752:2 / ح 69 ).
• وعن أبي الصباح الكناني: قلت لأبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام: إنّ لنا جاراً مِن هَمَدان يُقال له الجعد بن عبدالله وهو يجلس إلينا فنذكر عليّاً أمير المؤمنين عليه السّلام وفضله فيقع فيه، أفتأذن لي فيه ؟ فقال لي: يا أبا الصباح، أوَ كنتَ فاعلاً ؟! فقلتُ: إي والله، لئن أذِنتَ لي فيه لأرصدنّه، فإذا صار فيها اقتحمتُ عليه بسيفي فخبطتُه.. فقال: يا أبا الصباح، هذا الفتك، وقد نهى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله عن الفتك! يا أبا الصباح، إنّ الإسلام قَيْدُ الفتك، ولكنْ دَعْه فتستكفي بغيرك.
قال أبو الصباح: فلمّا رجعتُ من المدينة إلى الكوفة.. لم ألبثْ بها إلاّ ثمانيةَ عشرَ يوماً، فخرجت إلى المسجد فصلّيتُ الفجر ثمّ عقّبت، فإذا رجلٌ يحرّكني برِجْله قائلاً: يا أبا الصباح، البشرى! فقلت له: بشّرك اللهُ بخير، فما ذاك ؟! فقال: إنّ الجعد بن عبدالله بات البارحة في داره التي في الجبّانة، فأيقظوه للصلاة فإذا هو مِثْل الزقّ المنفوخ ميّتاً، فذهبوا يحملونه فإذا لحمُه يسقط عن عظمه، فجمعوه في نطعٍ فإذا تحته أسود ( أي ثعبان )، فدفنوه.
( تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 214:10 / ح 845. وأخرج صدرَ الحديث: الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 169:19 / ح 1 عن التهذيب وعن الكافي للكليني 375:7 / ح 16 ).